رئيس التحرير
عصام كامل

أهلا بالإيرانيين في مصر


مصر كانت ولا تزال عصية على الاحتلال، وكانت ولا تزال عصية على ذوبان هويتها في هوية الآخرين، ومصر كانت ولا تزال مؤثرة في الغير ثقافيا وحضاريا وسياسيا، فما الذي يجعلنا نقيم علاقات مع إسرائيل ونمنعها عن الإيرانيين؟

ثمة تشابكات ورؤية ضبابية تقف خلف الموضوع برمته رغم الواقع الجديد الذي يتشكل ورغم الكيانات الجديدة التي تنشأ ورغم حاجة مصر إلى إيران وحاجة إيران إلى مصر.

حساسية ساذجة تصيب الساسة تحت تأثير السلفيين الذين يدفعون نحو القطيعة بزعم محاولات تشييع مصر، وهى التي لم يشيعها الأزهر عندما أنشئ لذلك، وهى التي حفظت لأهل السنة تراثهم، وحافظت على حيوية مذهبهم على مدى السنوات، ولا تزال حتى تاريخه تضخ من علوم أزهرها ما يجعلنا قادرين على الإسهام الديني والحضاري.

الموقف المتردد من العلاقات مع إيران يؤكد ضعف قدراتنا على التعاطى مع مصالح من المهم أن تتواصل ومن الأهم أن تمتد وتصبح حجر الزاوية في تشكيل المنطقة. 

 كان العصر المباركي يثير الرعب في قلوب الجميع مستفيدا من الاستنفار السلفي غير المبرر ضد إيران ويختزلها في مذهبها دون النظر فيما يمكن أن يتحقق للبلدين من قوة تأثير لهما في مواجهة النفوذ الأمريكي المتسلط على البلاد والعباد والمثير أننا لا نزال نعيش أسرى ذات الرؤية.

ومن عجب أننا واجهنا السياحة الإيرانية بنفس المنطق لدرجة أن السلفيين صوروا الأمر على أنه احتلال أو غزو شيعي أكثر خطورة من الغزو الأمريكي والغربي الذي ننعم تحت رايته بكافة صور الاستسلام وتجاهلنا مصالحنا الاقتصادية والسياسية تحت وطأة مخاوف لا أساس لها لنحرم أنفسنا من قدرات جديدة تضاف إلينا وتضاف إليهم في ظل عالم يتشكل رغما عنا وبصورة لو استمرت فإن الواقع الجديد سيقصينا إلى حيث لا ندري وساعتها نصبح كيانا هشا، ضعيفا، قابلا للقسمة والانقسام.

ولم يعد أمام الرئيس القادم إلا الاختيار بين أمرين أولهما الانصياع للجهل السلفي والثاني الانصياع للمصالح الوطنية واعتقد أن أي عاقل ومنصف لابد وأن يختار إعلاء قيمة التواصل مع إيران حكومة وشعبا ورفع شعار "أهلا بالإيرانيين في مصر" بديلا عن الشعار المفروض علينا "أهلا بالإسرائيليين في مصر".
الجريدة الرسمية