حتى نفهم ما يجري في ليبيا !
حتى نفهم ما يجرى هناك علينا أن نستوعب معا النقاط التالية والتوصل من خلالها إلى نتائج مهمة واضحة وجلية فى سياق النقاط التالة:
بات الوضع فى ليبيا مقلقا جدا.. ليس لدول الجوار مصر وتونس والجزائر فحسب.. وإنما أيضا لأمريكا وأوربا.. ليبيا مصدر مهم للبترول بعيد تماما عن توترات الخليج.. وهو البديل الآمن لتدفق الزيت الأسود عند الأزمات.. وهذا الانفلات الذى يجرى فى ليبيا أفقدها كل هذه الميزات..
ليبيا قريبة من مناطق النفوذ الفرنسى ومن مناطق البترول الجديدة فى القارة السمراء.. وتجربة التطرف فى مالى مع ما يجرى إلى الجنوب قليلا من "بوكو حرام" فى نيجيريا مع تقاطع ذلك مع خط الإرهاب أو التطرف الممتد بعرض أفريقيا من الصومال إلى موريتانيا.. يدعو إلى القلق..
فى مصر الوضع مختلف.. فهى الدولة الوحيدة التى تتجمع فيها عدة عناصر.. حملة عنف ضد أبنائها هناك.. وتهديد بانطلاق عمليات عصابات يطلقون عليها الجيش المصرى الحر من الأراضى الليبية كما أنها الدولة الوحيدة التى أسقطت حكم الإخوان بعد وصولهم للسلطة وما زالوا يتحكمون فى ليبيا!!! وبالتالى ما يجرى هناك يقلق مصر وهذا منطقى وطبيعي..
أما فى الإمارات فالوضع أكثر وضوحا.. فهى الدولة الوحيدة فى الخليج بعد السعودية التى تعلن حربا علنية ضد الإرهاب.. وضد الإخوان.. وترى فى الأمر دفاعا مشروعا ضد تهديدات كبيرة وعلنية وثابتة بالأدلة على أمنها واستقرارها.. وأصول الأمن القومى تقول إنها ليس من المصلحة الانتظار لتحارب التهديد عندما يصل إلى أرضها.. إنما عليها أن تحاربه أينما كان.. وأينما جاءها تهديده وتلقى فى ذلك دعما سعوديا غير محدود بل ربما شراكة فى الحرب على الإخوان !
اللواء خليفة حفتر هو من يقود الحرب على القاعدة.. التى يوفر لها الإخوان فى ليبيا المأوى والدعم والأموال.. وحفتر قائد عسكرى سابق.. علاقته جيدة بالأمريكان لأنة لجأ إليها عشرين عاما كاملة.. ولذلك فهو ليس محسوبا على نظام القذافي.. وبالتالى لا يمكن وصف ما يقوم به باعتباره عودة للنظام القديم بل هو أحد قيادات المعارك ضد القذافي.. وأعلن الخميس عن عملية " كرامة ليبيا " لتطهيرها من الإرهاب والفوضى بعد شهرين بالتمام والكمال من محاولته الأولى التى يبدو أنه لم يكن مستعدا لها.. ويهاجمه الإخوان فى ليبيا أكثر مما يهاجمون العصابات التى تهدد الناس وترهبهم.. لأنهم يدركون خطورة ما يفعله حفتر على وجودهم ونفوذهم..
نلاحظ أن العملية تتم فى بنغازي.. الأقرب إلى الحدود المصرية والتى تبعد عن العاصمة طرابلس بأكثر من ألف كيلو متر.. ربما وصلت الرسالة كلها.