تفكيك «مملكة الإخوان» في الأردن.. ضربات أمنية متلاحقة لقيادات الجماعة في «عمان».. تجفيف وتشديد الرقابة على مصادر التمويل.. وإجراءات سياسية وقانونية لمواجهة اختراق النسيج الوطني للد
اتخذت السلطات الأردنية عدة إجراءات سياسية وقانونية لمواجهة تنامي نفوذ الدولة الإخوانية الموازية في المملكة، في خطوة اعتبرها كثيرون أنها بمثابة سقوط دولة الجماعة وتقليم أظافرها التي امتدت في كل مؤسسات الدولة.
فبحسب تقرير لـ"إرم" فقد أفضى قرار الحكومة الأردنية بوضع اليد على جمعية المركز الإسلامي الخيرية عام 2006، العصب المالي لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن؛ إلى إضعاف الجماعة ما ساهم في تراجع شعبيتها، وهذا القرار جاء ضمن سلسلة من الإجراءات القانونية والسياسية التي قامت بها الحكومة، بهدف تفكيك " دولة الإخوان " الموازية للدولة الأردنية.
وتندرج جماعة "الإخوان" في إطار جماعات الإسلام السياسي " الإصلاحية " وليس " الجذرية"؛ التي تؤمن بإستراتيجية التغيير السلمي المتدرج للوصول إلى السلطة بأدوات متنوعة عبر مؤسساتها الدعوية والخيرية والسياسية والإعلامية، وهي تعمل بشكل متواز مع مؤسسات الدولة الرسمية لاختراق الأفراد والمجتمعات بصمت، بهدف أسلمة المجتمع والدولة.
فقد عملت الجماعة منذ تأسيسها على التغلغل في نسيج المجتمع المدني الأردني واسست شبكة واسعة من المؤسسات مختلفة الاختصاصات من أجل الهيمنة على الرأسمال الرمزي للمجتمع، وتقع هذه المؤسسات في صميم سياقات الإستراتيجية الشاملة للهيمنة والسيطرة على المجتمع والدولة.
لقد ساعدت الظروف السياسية الداخلية في الأردن، جماعة الإخوان، على بناء شبكة واسعة من المؤسسات المختلفة تمكنت من خلالها من التغلل في نسيج الحياة الاجتماعية، في الوقت الذي انشغلت فيه السلطة في مقاومة المد اليساري والقومي الذي يشكل خطرًا مؤكدًا على النظام في الخمسينات، وحتى نهاية الستينات.
واستغلت الجماعة حالة التسامح الذي تمارسه الدولة تجاهها، بشكل مثالي مكنها من الهيمنة على كثير من مؤسسات المجتمع المدني استثمرته سياسيًا مع بداية التحول الديمقراطي لتصبح القوة السياسية الأولى على الساحة الأردنية وسط تراجع وانحسار الاتجاهات القومية واليسارية والليبرالية، إلا أن هذه المؤسسات على الرغم من شيوعها وانتشارها وقوتها لم تساهم بشكل حقيقي في عمليات التنمية الوطنية، وانحرفت عن مسارها الخيري وتحولت إلى مؤسسات ربحية تستفيد من الشعار الإسلامي دون أن تقدم انجازًا نوعيًا حقيقيًا وتستفيد منها نخبة محدودة داخل الحركة، فضلًا عن حالة الفساد التي تدار بها مؤسسات الجماعة والتورط في اختلاسات واساءة توظيف واستغلال موارد الجماعة لاغراض شخصية، وكانت أحد عوامل الخلاف والفرقة بين القيادات وتراجع عمليات التجنيد.
ويبدو أن خيار اسلمة المجتمع هو الأكثر قبولًا لدى جماعة الإخوان المسلمين في الأردن نظرًا لغلبة الإصلاحيين وهيمنتهم على قرار الجماعة، وقد بدأت الجماعة العمل مبكرًا في مجال المؤسسات وتفيد بعض المصادر أن الجمعيات الخيرية التابعة للجماعة تتصرف بموارد تصل إلى 200 مليون دينار أردني، بل إن الموازنات الصادرة عن جمعية المركز الإسلامي تبين أن حجم الاستثمار التشغيلي والممتلكات لها يصل إلى مليار دينار تقريبًا، مما يجعلها منافسة لجميع المؤسسات الرسمية الكبرى، بما في ذلك الاتحاد العام للجمعيات الخيرية، أو صندوق الملكة علياء، أو مؤسسة الحسين.
ومن أهم المؤسسات التي تمتلكها الجماعة وتشرف عليها:
جمعية المركز الإسلامي: وهي من أهم المؤسسات الخيرية، تأسست عام 1963 وتمارس نشاطاتها في مختلف أنحاء المملكة. وتمتلك الجمعية المستشفى الإسلامي في عمان الذي بدأ العمل فيه 1981م، ويوجد فرع للمستشفى في مدينة العقبة، وتمتلك الجمعية أيضًا مجموعة كبيرة من المستوصفات بلغ عددها 16 مستوصفًا في أنحاء المملكة، وإلى جانب جمعية المركز الإسلامي قامت الجماعة بإنشاء عدة جمعيات أخرى وهي:
جمعية الهلال الأخضر تأسست في 30/10/1990
الهيئة الإسلامية للإغاثة الطبية تأسست في 17/7/1991.
جمعية العفاف الإسلامية تأسست 19/9/1993.
وفي مجال التعليم أنشأت الجماعة:
- كلية المجتمع الإسلامي في الزرقاء ثم تطورت إلى جامعة الزرقاء الأهلية. وعملت جمعية المركز الإسلامي على إنشاء أكثر من 40 مدرسة ورياض أطفال في مختلف أنحاء المملكة.
- قامت جماعة الإخوان المسلمين على تأسيس جمعيات وأندية لاغراض مختلفة وهي:
- نادي اليرموك الرياضي الثقافي الاجتماعي، تأسس عام 1967م.
- جمعية المحافظة على القرآن الكريم، تأسست عام 1991م ولها أكثر من 50 فرع في مختلف انحاء المملكة.
- لجنة المناصرة الإسلامية للشعب الفلسطيني، تأسست في 16/5/1990م.
- جمعية الدراسات والبحوث الإسلامية، تأسست 309/1978.
- مركز الامة للدراسات والابحاث.
- المعهد العالمي للفكر الإسلامي – مكتب الأردن، تأسس في الولايات المتحدة 1981
- جمعية الثقافة الإسلامية، تأسست سنة 1947، وتشرف على الكلية العلمية الإسلامية.
- اللجنة المركزية لرعاية شئون المساجد، تأسست 1970.
- جمعية العروة الوثقى الإسلامية الخيرية، تأسست 1952.
وتعتبر المساجد من أهم المؤسسات التي يعمل من خلالها الإخوان المسلمين ويمارسون هيمنتهم على قطاعات واسعة وشرائح مختلفة من الجماهير.
ومن المؤسسات الإعلامية التي حرصت الجماعة على انشاءها:
- مجلة الكفاح الإسلامي تأسست عام 1954-1957
- صحيفة الرباط تأسست عام 1991-1993.
- صحيفة السبيل تأسست عام 1993.
- العمل الإسلامي تاسست عام 1995.
- البوصلة، موقع إلكتروني اخباري 2011.
- قناة اليرموك الفضائية، تأسست عام 2011، مرخصة في الأردن.
- الموقع الإلكتروني للجماعة وحزب جبهة العمل الإسلامي.
- عربي 21، موقع إخباري تسيطر عليه الجماعة ويدعم سياساتها ومواقفها بشكل غير مباشر وهو مرخص في لندن، تأسس في أواخر عام 2013.
وهناك عدة دور نشر تساهم في نشر المطبوعات والكتب الخاصة بالجماعة منها:
- مكتبة الرسالة الحديثة ودار عمار ودار البشير ومؤسسة الرسالة ودار الفرقان.
ويشارك الإخوان بشكل كبير في العمل النقابي والطلابي، وقد دخلوا في مجال البلديات، حيث حصلوا على رئاسة بلدية مأدبا 1984 وبلدية اربد عام 1995م، وبلدية الزرقاء، 1990-1994، وسيطروا على انتخابات نقابة المعلمين وبعض مجالس الطلبة عام 2014.
إن سياسات الهيمنة التي تمارسها جماعة الإخوان على مؤسسات المجتمع المدني الأردني، ما هي إلا إستراتيجيات للانتقال من الهيمنة على المجتمع المدني إلى السيطرة على المجتمع السياسي عن طريق حرب المواقع، ومن هنا يجب النظر إلى مؤسسات الجماعة باعتبارها أحد الأدوات والآليات التي تمارسها الجماعة وتستثمرها سياسيًا. وليست مجرد مؤسسات خيرية محضة، ولذلك فأن هذه المؤسسات هي أحد محاور الإشكالية في العلاقة مع السلطة في حال استمرت في الانتشار والتوسع في المستقبل، وبخاصة أنها أصبحت بالفعل تشكل " دولة " مؤسساتية بكل ما تحمله الكلمة من معنى موازية للدولة الرسمية، ما ساهم في زيادة نفوذها المنافس لاقتسام السلطة والثروة إلى حد كبير، من خلال المطالبة بتوزيع المكاسب والنفوذ، وربما اتبعت الجماعة الأم وفروعها المنتشرة في العالم العربي ذات الإستراتيجية والمقاربة في محاولة أسلمة المجتمعات في بقية الدول، ما يجعلها " دولة " داخل "الدولة".