رئيس التحرير
عصام كامل

الرجل ومصباح علاء الدين

فيتو

كنت أنا ووالدتي في زياره إلى إحدى صديقات والدتي المقربات، وكنا قد ذهبنا إليها لنبارك لها على خطوبة ابنتها ذات الواحد وعشرين عاما. والتي تمت خطبتها إلى شاب مرموق اجتماعيا وذي مستقبل باهر على المدى الطويل. لكن فوجئت ولفت نظري حزن البنت وضيقها..


وطلبت مني صديقه والدتي أن أذهب لأتحدث إليها وأخفف عنها حزنها وتطرق الحديث بيننا إلى أنها غير سعيدة ويوجد بينها وبين خطيبها كثير من المشاكل وبسؤالي لها عن نوعية هذه المشاكل كانت الصدمة الكبرى فعلا هناك مشاكل ومشاكل رهيبة من وجهة نظري عندما علمت منها أن خطيبها الذي في مقتبل حياته مطلوب منه أن يأتي بشبكة بخمسين ألف جنيه ومؤخر 80 ألف جنيه ولم يرفض..

لكن الكارثة أنه عند سؤالي لها عن سبب بكائها قالت لي ( تخيلي أنه زعق ليه عشان بنتكلم في جهاز الشقة فبقوله المفروض الثلاث أوض في حدود تسعين ألف جنيه ) وفي لحظه تخيلت نفسي مكان هذا الشاب وتخيلت كم الضغوط التي يمر بها وماذا أفعل لو كنت مكانه وأنا في بداية حياتي ومطلوب مني ما لا يقل عن مئتي ألف جنيه كي أعف نفسي من الحرام والمعصية..

لقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فانكحوه. وألا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير. وقالوا يا رسول الله وإن كان فيه؟ قال إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فانكحوه... ثلاث مرات ) رواه الترمزي. لقد اشترط رسول الله حسن الأخلاق والدين والتكرار هنا جاء للتأكيد إن لم نفعل يكون فسادا كبيرا..

"وما ينطق عن الهوى" فلا تتعجب أن في آخر إحصائية قامت بها إذاعة هولندا العالمية لقياس نسبة العنوسة في العالم العربي لعام 2013 جاءت كالتالي: سجل أعلى معدل للعنوسة في لبنان 85% وتليها سوريا 70%. وأقل معدل لها في فلسطين 7%. وفي دول المغرب العربي سجلت تونس نسبة 62% تليها الجزائر 51%..

في دول الخليج تصدرت الإمارات بنسبة 75% بينما السعودية 45%. وأخيرا في مصر بلغ عدد العوانس 8 ملايين أي 40% من مجموع الفتيات في سن الزواج..

وأرجعت الإحصائية إلى أن السبب هو غلو المهور والمغالاة في متطلبات الجواز. فلو كانت السعادة بالمال في الزواج لما اشترط رسولنا الكريم الدين والأخلاق فإن تزوجها أحبها وأكرمها وإن طلقها فتسريح بإحسان هذا هو ما يجب أن نبحث عنه في أزواجنا يجب أن تتغير ثقافات المجتمع العربي التي تنظر إلى أي شيء بقيمته المادية حتى وإن كانت حياة فما قيمه أن تتزوجي إنسانا يجلب لك كل ما تشتهين قبل الزواج ويجعل من بيتك قصرا تعيشين فيه وهو لا يتقي الله فيك وفي تصرفاته معك؟! ما قيمة شبكة بعشرين أو حتى ثمانين ألف جنيه وأنت تعيشين مع رجل شارب للخمر ولا يحبك ولا يحترمك ولا يصونك؟! إن كانت السعادة بالمال فلماذا كل تلك حالات الطلاق والتي لا تفرق بين غني وفقير؟!..

زوجك ليس مصباح علاء الدين الذي أرسله الله لك لكي تشتري كل ما تشتهين فالبيوت تقوم على المودة والرحمة والحب والمال أيضا لكن بالعقل وليس بالمبالغة فحاذري أن تقعي بتلك المبالغة في مشكله كبرى هي العنوسة..

فالعنوسة هي مرض خطير يهدد المجتمع العربي بشكل عام والمجتمع المصري بشكل خاص وما يترتب عليها من آثار نفسية على الفتاة مثل (الشعور بالإحباط والحرمان – العدوانية – العزله والانطوائية )..

أما عن الآثار الأخلاقية فحدث ولا حرج ( الانحراف الأخلاقي لإشباع رغباتها فيما بعد –الحقد والحسد – والسلوك الإجرامي من انتشار حالات للاغتصاب وهتك العرض ) فيمكننا تجنب كل تلك المشكلات إن اتبعنا العقل ووضعنا نفسنا مكان هؤلاء الشباب ولا نكلفهم ما فوق طاقتهم حتى تستمر الحياة ولا تتمسكي بالشكليات والتقاليع..

لا تبالغي في كل شيء كأنها آخر مرة سوف تأسسين فيها حياة إنها البداية فقط فاجعلي بدايتك بسيطة جميلة غير معبأة بالديون والضغط النفسي والعصبي على شريك حياتك ونصفك الآخر فما أجمل البدايات كلما كانت بسيطة وإن لم تستطيعي أن تفعلي فلا تبحثي عن رجل ابحثي عن مصباح علاء الدين ليحقق لك كل ما تتمنينه..
الجريدة الرسمية