رئيس التحرير
عصام كامل

علي الزيبق يُبعث من جديد


نحن حقا متشابهون.. لكن إذا اتحد الشعب أصبح السلطة وإذا التزم الصمت أصبح عبدا وإذا فقد الأمل أصبح ميتا... هذه الكلمات الرائعة وردت وتكررت في عرض فنى راق لفرقة فرسان الشرق للتراث وهي تقدم عرضها المبهر علي الزيبق على مسرح دار أوبرا دمنهور، أداء حركى مبهر ورشيق مع موسيقى تنطق بمضمون الأحداث وتعكس نفسية المشاهد وديكور ينقلك لعالم مصر المملوكية والعثمانية في لوحات بسيطة ولكنها شديدة الإبداع والخصوصية. العرض في وقته تماما من حيث الرسالة التي يقدمها للناس، فالشعب يمكنه أن يكون هو السلطة وهو السلطان والقوة الوحيدة الحاكمة إذا اتحد ولم يتشرذم ويتناحر واتفق على قيم محددة تلزم أي حاكم قادم له بإرادة الشعب.


على الزيبق، شخصية مصرية حقيقية احتفى بها التراث المصري لنضاله ضد الحكم المملوكي لمصر والظلم الذي مارسه هؤلاء المرتزقة العبيد ضد شعب حر حولوه لأقل من العبيد ولكن.. كان هناك دائما المقاومون مثل على بن حسن رأس الغول المصري الأصيل الذي كان يعتز كثيرا بهويته المصرية فرفض أن يعامله العبيد المماليك بدونية حتى وإن كانت القوة المادية من مال وسلاح وسلطة وعبيد في أيديهم، وهذا باختصار ما نحتاجه اليوم.

لا نحتاج لمن يقاوم الفساد بالقوة والسلاح والاغتيال فهذا مرفوض تماما لكننا نحتاج أن نكون جميعا مثل الزيبق الذي رفض الظلم فقاومه بطريقته الخاصة التي كانت تصلح في زمانه وتتوافق مع مفردات عصره أما الآن فلدينا مسئولون فاسدون كثر ولا يقلون في نظرتهم الدونية للشعب عن نظرة المملوك الحقير الذي جلبه النخاسون ليتجبر على شعب مسالم في وطنه.

النخاسون وتابعوهم يستعدون منذ شهور لفرض قيم العبودية والاسترقاق على الشعب من جديد، عبودية العصر تصدر في شكل قوانين تحمى الفساد وتحصنه ضد التقاضى مانحة المفسدين صكا بالفساد والإفساد المطلق بنهب ما تبقى من خيرات أم الدنيا والتي صارت في عهدهم المقيت وعهود سابقيهم أم العجائز وأم المساكين وأم المعدومين والفقراء والمعوذين والكادحين والمحرومين من ثروات بلادهم وأم غرقى البحور سعيا وراء الرزق الذي ضاق عليهم.. لكنها أيضا أم المليارديرات وأم الملايين المهدرة على الأفاقين والسادة ولاعبي الكرة ومماليكهم الجدد وحملة مباخرهم في فضائيات الذين يتعايشون بجوارهم على استغفال الشعوب وإلهائها بالغث فقط.

نحتاج الزيبق من جديد ليس في شخص رئيس الجمهورية أو نائب البرلمان الأفاق الذي تأتى به نقوده الحرام أو المشبوهة على أقل تقدير أو المسئول الذي تربى في أحضان سلطة متجذرة الفساد متشابكة المصالح القميئة مع غيرها، نحن نريد الزيبق في كل فرد من الشعب يأبى الفساد والإفساد، يمارس حقه في الرقابة على من يحكموه، يحكمهم هو بحق الشعب، لا يلتزم الصمت قائلا، يا عم ليست بلادنا، دى بلدهم، خليهم ينهبوا، بكره تولع بيهم نار جهنم!...... يا سلام على الانهزامية والتواكل باسم الدين البريء منكم، الله حق ولا يحب الفساد أيها المؤمن الموهوم بتدينك ودينك الذي اخترعته ولا علاقة له بدين الله أبدا.
fotuheng@gmail.com
الجريدة الرسمية