رئيس التحرير
عصام كامل

"دولة حسين سالم"..نجل رجل الأعمال الهارب يمتلك قصرا مخالفا في التجمع الخامس.. الحكومة تآمرت على سكان «شمال الشويفات» وباعت «الجزيرة الوسطى» بالملايين..ومتضرر: «المسئولون قالوا

فيتو


شهد المصريون في الخامس عشر من مارس الماضى تجربة هي الأولى من نوعها في البلاد.. أبراج تناطح قممها سماء القاهرة تنهار في لحظة بعد تفخيخها بمواد متفجرة، تنفيذا لقرار المحافظة القاهرة بإزالتها، كونها مخالفة، وتمثل تعديا على المال العام.


ورغم أن الأمر بدا وكأنه مؤشر على عودة هيبة الدولة، واستعادة الحقوق المنهوبة؛ إلا أن الصوت اتضح أنها ليست كذلك، بعد التأكد من وجود مخالفات لا يمكن لأحد حتى الوقت الحالي على الأقل، التدخل لإزالتها، ويبدو الأمر أكثر وضوحا إذا ما علمنا أن وزارة الإسكان وهيئة المجتمعات العمرانية وجهاز مدينة القاهرة الجديدة، شركاء في هذه التعديات.

مساكن وقصور

وفي منطقة "شمال الوشيفات" بضاحية التجمع الخامس في القاهرة، تنتشر القصور والمساكن الخاصة الفاخرة التي تعاقد أصحابها عند شرائها على دفع نسبة 14% منها في البداية، كما جاء في عقود الأراضي الموقعة بين ملاك الأراضي وجهاز القاهرة الجديدة، قبل نحو 14 سنة.

ويتميز سكان "شمال الوشيفات" بأنهم قريبون من منطقة سياحية يفصلهم عنها شارع بعرض 25 مترا لكل اتجاه وجزيرة وسطى تبدأ بعرض 20 مترًا ويزداد عرضها كلما اتجهنا إلى الداخل ليصل إلى 70 مترا ثم تعود إلى عرض 20 مترا في نهاية الجزيرة بالمنطقة الثالثة في منطقة شمال الشويفات؛ إلا أن هيئة المجتمعات العمرانية قررت في 18 فبراير 2013، وممثلها جهاز مدينة القاهرة الجديدة طرح 15 قطعة من الجزيرة للبيع في مزاد علني رسمى بسعر للمتر يبدأ من 3650 جنيها، ويصل إلى 11 ألف جنيه لتضيق على سكان "شمال الوشيفات".

مزاد على حديقة عامة

وبعد فتح المزاد على الأرض، تقدم المستشار عبدالله إبراهيم ناصر، أحد سكان المنطقة المتضريين، باعتراض على عقد المزاد بدعوى أن الأرض المعروضة للبيع حديقة عامة تقع تحت توصيف المال العام وبيعها حقوق للغير، معتبرا أنه ليس من حق هيئة المجتمعات العمرانية عرضها في المزاد.

كما سجلت لجنة المزاد اعتراض المستشار عبدالله إبراهيم في محضرها وادعت أنها بعد الاطلاع على المخطط الاستراتيجي المعتمد بحضور اللجنة الرئيسية لتحديث المخططات الاستراتيجة للمدن الجديدة بتاريخ 4 نوفمبر 2010 تأكدت أن المنطقة المعترض على بيعها تدخل في نطاق مشروع فيلات "السياحى" وأنها ليست حديقة عامة، وبناء عليه لم تلتفت اللجنة للاعتراض وبدأت جلسة المزاد لبيع 15 قطعة أرض.

الحكومة تفشل في الدفاع عن نفسها

وبعد إتمام البيع للجزيرة الوسطى بشمال الشويفات وبدأ الملاك الجدد أعمال الحفر والتشييد تحرك على الفور المستشار عبد الله إبراهيم ناصر و7 من المتضررين، وتقدموا بتظلم إلى وزير الإسكان، وحرروا محضرا ضد بدء أعمال الحفر والتشييد، لكن دون فائدة تذكر، ما دفعهم إلى تحريك دعوى أمام الدائرة الثانية "عقود" لمحكمة القضاء الإداري، اختصموا فيها وزير الإسكان بصفته رئيس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بصفته ورئيس جهاز مدينة القاهرة الجديدة بصفته وطالبوا بوقف القرار الصادر بخصوص في قطع الأراضي من 1 وحتى 15 وإعادة حال هذه القطع إلى ما كانت عليه.

واستند المتضررون إلى أن الأرض التي تم بيعها مثبت أنها حديقة عامة في الخرائط الكروكية لجهاز مدينة القاهرة الجديدة، قبل أن يتم تغيير الخرائط في عام 2010 وفقا لرد لجنة المزاد العلنى المنعقد في 17 فبراير 2013.

وقضت الدائرة الثانية "عقود" بمحكمة القضاء الإداري بتاريخ 22 أبريل 2014 في القضية رقم27283 لسنة 67 قضائية، بأن "صورة المخطط الهيكلي لمدينة القاهرة الجديدة وصور الخرائط التفصيلية وكراسة اشتراطات البناء الخاصة بالتجمع العمراني الخامس وصورة العقود المبرمة بينهم وبين جهة الإدارة والمثبت بها دفع 14 % كنسبة تميز للاطلال على المنطقة السياحية ووفقا لما خلص إليه تقرير مكتب خبراء وزارة العدل، بأن العقارات 66 و55و 68 و54 بشارع شمال الشويفات تطل بالجهة الغربية على الشارع محل التداعي بعرض من 25 إلى 30 مترا وبالمطالعة للعقود الفيلات تبين، أن هناك نسبة تميز قدرها 14% لكل فيلا".

إعادة المنطقة للأهالي

وقررت الدائرة وقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر بطرحها للبيع بالمزاد العلني بجلستى 17 و18 فبراير 2013، وإلغاء قرار تخصيص جهاز المدينة القطع رقم 1 وحتى رقم 15 بالجزيرة الوسطى للبناء بشمال الشويفات، وإعادة منطقة الحديقة العامة إلى ما كانت عليه، معتبرة أن البناء على الحديقة يلحق الضرر بالمدعين؛ حيث سيصبح عرض الشارع من 10 إلى15 مترا وهو ما يغاير ما تعاقدوا عليه.. وصدر مرفق بالحكم محضر إعلان صيغة تنفيذية امتنعت عن تنفيذه الجهة الإدارية لعدم سماحها بتنفيذ حكم المحكمة.

ويقول المستشار عبد الله إبراهيم نصر إنه في حالة امتناع الجهة الإدارية عن تنفيذ حكم القضاء، فإن من حقه تحريك جنحة يطالب فيها بإقالة رئيس الجهة المختصة "وزير الإسكان" من منصبة لامتناعه عن التنفيذ.

ولم تقدم الجهة الإدارية المختصمة دليلا واحدا لإثبات صحة قراراتها بل إن المستشار عبدالله إبراهيم باغت هيئة المجتمعات العمرانية وجهاز مدينة القاهرة الجديدة بدعوى رقم 31488 لسنة 68ق صدر بها حكم تاريخ 23 مارس 2014 من الدائرة الثانية بمحكمة القضاء الإداري بوقف أعمال الحفر والبناء بقطع الأراضي من القطعة رقم 8 وحتى رقم 14 على التوالى وإعادة الوضع بالجزيرة الوسطى إلى ما كان عليه قبل بدء أعمال البناء وتحميل جهة الإدارة المصروفات كاملة، وهو مالم ينفذ أيضا.

توقف أعمال واستكمال أخرى

وتسبب الحكم في توقف أعمال بناء لإحدى الشركات على الأرض ووصلت بها أعمال الحفر إلى اقتطاع جزء من الحارة المرورية الخلفية للجزيرة الوسطى، وهو الأمر الذي يثير تساؤلا حول ضم الطريق نفسه إلى الأرض، ما يمثل تعديا أكثر خطورة؛ كما تسبب الحكم في تعجيل إنهاء بعض الأعمال، خوفًا من إزالتها في مرحلة الإنشاء.

أولاد "الكبار" أول المخالفين

ومن بين من حصلوا على أراض في الجزيرة الوسطي للحى خالد حسين سالم، نجل رجل الأعمال الهارب في إسبانيا، والذي يحاكم في قضايا فساد.

ويملك نجل إمبراطور الغاز قصرًا ضخمًا تزيد مساحتة على 400 متر.. وتقول الدكتورة هويدا الكفراوى، إحدى المتضررات من الاعتداء على الجزيرة الوسطى، إن "خالد" جاء إلى التجمع عام 2005 وبنى قصره دون أن يعترضه أحد وبمباركة الحكومة وهيئة المجتمعات العمرانية.

وتضيف أن أحد ملاك العقارات المواجهة للجزيرة الوسطى طلب مقابلة خالد حسين سالم عقب شرائه لقطعة الأرض وشروعه في بنائها وسأله عما يدفعه للبناء على أراضي مخالفة فكانت إجابة نجل إمبراطور الغاز "أنا متضايق أصلا لأنهم قالولى إن مش هيبقى فيه عماير ولا سكان حواليا".


أما الدكتورة فاتن عمر والتي تقطن في العمارة المقابلة لقصر خالد حسين سالم فتقول، إنها وأسرتها لم يستطيعا شكوى ابن حسين سالم وقت بدأ في بناء قصره، لأنه كان على حد قولها "مسنود"، ولا يستطيع أحد مواجهته.

سؤال لحكومة محلب

ويبقى للحكومة أن تقرر ما إذا كانت تمتلك الشجاعة في إزالة تعديات على أرض لأبناء مسئولين كبار، ورجال أعمال، أم تقتصر التفجيرات والإزالات على العقارات المخالفة في محيط المحكمة الدستورية، وعلى الفقراء والبسطاء؛ وهو التساؤل الذي تمسك الدكتور محمد عمران، أحد سكان شمال الشويفات بضرورة الإجابة عليه بعد أن ذهب إلى جهاز مدينة القاهرة الجديدة ليستفسر عن أعمال البناء الجارية في الجزيرة الوسطى المقابلة لسكنه فكان الرد "ماتدورش عشان ماتتعبش.. إحنا بنفذ أوامر".
الجريدة الرسمية