رئيس التحرير
عصام كامل

المفكر القبطى جمال أسعد: علاقة السيسي بالكنيسة تثير القلق

فيتو

  • ترضية الأقباط بحقائب وزارية أو مقاعد برلمانية هو ترسيخ للطائفية
  • السلفيون كالإخوان خلطوا الدين بالسياسة
  • أقباط المهجر يتاجرون بقضايا المسيحيين في مصر
  • الكنيسة انزلقت فى مستنقع السياسة بتصريحات تواضروس

رغم قناعتى الكاملة بأن نجاح المشير السيسي في الانتخابات الرئاسية متوقعا باعتباره رجل المرحلة والضرورة، إلا أننى غير مستريح لعلاقته بالكنيسة وعلاقة الكنيسة به منذ 3 يوليو.
هكذا يؤكد المفكر القبطى جمال أسعد عبد الملاك في حوار لـ"فيتو" لأنه – كما يقول - منذ عقود ضد تدخل الكنيسة في السياسة رغم أننى مع دورها الوطنى الذي لا يزايد عليه أحد فلا يجب أن تتخلي عن دورها الدينى.
وإلى تفاصيل الحوار:

*لماذا تعارض وجود علاقة بين المشير السيسي والكنيسة ممثلة في البابا تواضروس؟
لأنه لا يليق بموسسة دينية أن تتدخل في السياسة خاصة أن البابا تواضروس له تصريحات بتأييد السيسي قبل أن يصبح رئيسا ويتحدث كسياسي ما يؤكد انزلاق الكنيسة في العمل السياسي وهذا يضر الأقباط والرئيس السيسي معا.
*لكن لماذا تصف حالة التوافق بين الطرفين باعتبارها ظاهرة غير صحية؟
التاريخ أثبت أن اختصار الأقباط في الكنيسة وكأنها الممثل للأقباط يهدد حق المواطنة في الدولة، وهنا تناقض خطير في دولة المواطنة والمساواة ومنع خلط الدين بالسياسة، فإذا كنا نحرم ذلك على الإخوان والسلفيين فيجب تطبيقه على الكنيسة أيضا.
*كيف ترى وضع الأقباط في مرحلة ما بعد وصول السيسي للحكم؟
الحديث عن مصير الأقباط في دولة المشير يعنى تأصيلا للطائفية التي عانينا منها كثيرا وتكريسا لانقسام الوطن لأن هذا يعنى أن مصير الأقباط غير مصير إخوانهم من المسلمين في ظل الرئيس السيسي، رغم أننا جميعا مصريون وأبناء وطن واحد، خاصة ونحن كمصريين قمنا بثورتين وأسقطنا نظامين ونأمل أن تحقق الثورة تغييرا للواقع بشكل جذرى ونحن أجزنا دستور 2014 من أجل عدم التفرقة بين المصريين وعندما يطبق هذا الدستور في إطار تشريعات قانونية تجعل المواطنة قابلة بل واجبة التنفيذ.
*كيف تتحقق مطالب الأقباط بعد انتهاء حكم الإخوان؟
من الخطأ أن يتصور أحد أن حقوق الأقباط تتلخص في الحصول على ترضية في عهد المشير السيسي إذا ما أصبح رئيسا، سواء كانت مقاعد وزارية أو مقاعد بالبرلمان، فهذه هي الطائفية بذاتها ونحن كمصريين مشاكلنا هي نفس مشاكل إخواننا من المسلمين والتي تتمثل في تطبيق المساواة الحقيقية ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب دون النظر لديانته أو انتمائه، لأن النائب المسيحى لا يمثل المسيحيين فقط وكذلك النائب أو الوزير المسلم لا يمثل المسلمين فقط وإنما يمثل الشعب المصرى ككل، وبالتالى محاولات تقسيم المجتمع هي ترسيخ للطائفية وتزيد الأمور تعقيدا لأن الغنى المسلم والغنى المسيحى يحصلان على حقوقهما، أما الفقراء من الجانبين حقوقهم ضائعة وبالتالى المشكلة هي فساد المجتمع وكيفية التصدى له.
*هل لديك شك في أن المسيحيين المصريين سيصوتون للسيسي كما صوتوا من قبل لشفيق؟
موقف المصريين المسيحيين في إطار المعطيات السياسية الحالية المتأثرة بظروف متراكمة تاريخيا في التصويت للمرشح الرئاسى والتراكمات السياسية التي ما زالت قابعة في الأقباط جعلتهم ينحازون للمشير السيسي باعتباره أسقط نظام الإخوان، ذلك النظام الذي كان متناقضا مع الأقباط من حيث حقوقهم وحقهم في المواطنة والتي جعلتهم يختارون الفريق شفيق في مواجهة مرسي وهو ما جعلهم يدفعون الثمن من خلال الحشد الطائفى من الإخوان وأتباعهم فحدث ما حدث من حرق للكنائس في أحداث ما بعد فض رابعة.
الأقباط والمصريون جميعا يشعرون بأن الرئيس السيسي قادر على حل التراكمات الطائفية بعد فوزه بالرئاسة خلال الفترة القادمة، خاصة أن مساندة الأقباط للسيسي مستمرة ما بعد فوزه وليس لها حدود، ولابد أن يعلم الجميع أن المواطنة والدولة المدنية وتطبيق القانون بالمساواة بين الجميع هو الحل الأمثل للمصريين، ومنهم المواطن المسيحى وغير المسيحى وما يعطينا الأمل كلام الرئيس السيسي عندما أكد أنه لا وجود للدولة الدينية، ولا وجود لشىء اسمه مواطن مسلم ومواطن مسيحى، إنما مواطن مصرى، وإن مصر دولة مدنية وأن العلاقة بين المصريين هي علاقة مصرية توافقية قائمة على حق المواطنة، وإذا نفذ الرئيس ذلك نكون وصلنا لحل حقيقى لكل مشاكل المصريين ومنهم الأقباط.
*أقباط المهجر.. لماذا خفت صوتهم؟
أقباط المهجر حاولوا استغلال حالة التوتر بين السيسي والولايات المتحدة، وكنت أول من كشف قضية أقباط المهجر ودورهم في تأجيج الفتنة في مصر ومساعدة أمريكا للتدخل في الشأن المصرى الداخلى بحجة حماية الأقباط وعلى مدى 30 عاما أقول إن ورقة الأقباط هي سلاح قوى الاستعمار للتدخل في الشأن المصرى دون أن يعنيهم الأقباط أو أحوالهم وإنما هدفهم تحقيق مصالحهم وبالتالى أقباط المهجر يتاجرون بقضايا الأقباط، وبعد أن أظهرت أمريكا وجهها السافر ومساندتها للإخوان وتغاضيها عما حدث للأقباط في 14 و16 أغسطس من حرق الكنائس والاعتداء على ممتلكات الأقباط، اختفت هذه النماذج التي كانت تهاجم مصر بل إنها حاولت اللعب على وتر مطالبة أمريكا بعدم التدخل في الشأن المصرى وعلينا مراجعة تصريحاتهم قبل 25 يناير.
*ما رأيك في موقف القوى الإسلامية في مصر بعد 30 يونيو؟
فيما يتعلق بالقوى الإسلامية وتحديدا السلفيين، علينا أن نفرق بين قوى تزعم تمثيلها للإسلام في إطار سياسي وأخرى في إطار دعوى ودينى، والواقع والأحداث أثبتت أن الطرق الصوفية تتعامل مع الإسلام في إطار دينى وسلوكى وأخلاقى وقيمى بعيدا عن السياسة، على الجانب الآخر نجد كل المسميات التي تحمل أسماء متعددة ومنهم حزب النور استغلوا الخلط بين الدين والسياسة وحب المصريين للتدين مثل الإخوان وادعوا أنهم يمثلون الإسلام ويريدون تطبيق الشريعة، ولكن انكشف المستور لأن من يخلط بين السياسة والدين ليس لديه دراية أو رؤية لمواجهة مشاكل الواقع، وعلى السلفيين ألا يمارسوا نفس الخلط في المرحلة القادمة لأننا لن نساند كمصريين إلا نظاما مدنيا ديمقراطيا.
الجريدة الرسمية