استشارى حملة صباحى: صدام السيسي ورجال الأعمال قادم لا محالة
- 90% من أصحاب المخابز يركبون أحدث السيارات والدولة خاضعة لابتزازهم
- الدولة مهمومة بتعظيم الإيرادات وكل قطاع يعمل ما يريد ليصل لهذه النتيجة
- شركة سكرتير المخلوع وزوجته كانت تحتكر استيراد القمح
- المشير لديه فرصة تاريخية وعليه تحسين نمط تحيزاته الاجتماعية
- يجب تغيير السياسات الاقتصادية في مصر بنسبة 60%
- جماعات المصالح استقرت على أوضاع فاسدة والسيسي لا يريد الصدام معهم
- حل أزمة الخبز يكمن في المخابز المليونية
- هناك عمى أيديولوجى وعداء لكل ما هو مال عام
- 6 مليارات جنيه تهرب من منظومة الخبز لصالح أصحاب المخابز
- دعم "المشتقات البترولية" أكبر خطيئة
هو عضو الهيئة الاستشارية بحملة المرشح الرئاسى حمدين صباحى، حصل على بكالوريوس الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة القاهرة عام 1979 وعلى ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة عام 1992 وعلى دبلوم في القانون العام من جامعة القاهرة عام 1997 وعلى دبلوم في إدارة الجهاز الحكومي القومي من معهد الإدارة العامة باليابان عام 1989.
عمل باحثا اقتصاديا بمركز الدارسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام وباحثا اقتصاديا بمكتب رئيس الوزراء المصري وباحثا اقتصاديا بالهيئة المصرية للرقابة على التأمين التابعة لوزارة الاقتصاد، كما عمل خبيرا اقتصاديا بالجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، يعمل خبيرا في شئون الموازنات العامة الحكومية في المنتديات الدولية.
حاصل على جائزة الدولة التشجيعية في العلوم الاقتصادية والقانونية عام 2003 وحاصل على جائزة أفضل كتاب اقتصادي لعام 2002 من أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا في مصر عن كتاب "النفط والأموال العربية في الخارج".
صدر له أكثر من عشرين كتابا من أبرزها "ظهور الفساد الإداري في مصر"، أزمة الانتماء في مصر"، "اختراق الأمن الوطني المصري"، "الفساد في مصر، "دراسة اقتصادية تحليلية"، "عريضة اتهام ضد الرئيس" علاوة على عشرات التحليلات والمقالات.
الدكتور عبد الخالق فاروق الخبير الاقتصادى كان ضيفا على صالون "فيتو" وكان هذا الحوار:
*ماهى أولى الخطوات من وجهة نظرك يتعين على المشير السيسي أن يتبعها لإنقاذ الاقتصاد إذا أصبح رئيسا لمصر ؟
السيسي إذا جاء للحكم وإذا أراد أن يعيد بناء الدولة ويحاول أن ينقذها من وضعها الاقتصادى، يجب أن يغير السياسات الاقتصادية على الأقل بنسبة 60% مما كان موجودا من قبل وبالتالى سيصطدم شاء أم أبى بجماعات المصالح التي استقرت على أوضاع فاسدة وضارة ووضعه لسياسات ضريبية جديدة أو إعادة هيكلة الاقتصاد المصرى من الداخل أو إعادة النظر في سياسات الأجور والمرتبات سيجعله في صدام مع بعض الفئات.
*ما هى فرص السيسي في الخروج بمصر من الأزمة الاقتصادية ؟
السيسي لديه فرصة تاريخية وهو في مفترق طرق، وعليه أن يحسن اختياراته ونمط تحيزاته الاجتماعية وينتقى فريقا رئاسيا يعاونه وينحاز لصالح العدالة الاجتماعية اسما وفعلا ولا ينتمون لسياسات الماضى وليس فقط كلام يقال، وفى نفس الوقت يجب أن يكون لديه وضوح للرؤية وسياسات واضحة أمامه تعرض على الرأى العام، لكى يطمئن الناس ولا يقول "هتشوفوا" نحن في حاجة أن نرى من خلال أفكاره وخططه، فهو طبقا لما يسرب من بعض معاونيه أنه على اطلاع على كل الملفات والقضايا المصرية الشائكة بحكم موقعه السابق كرئيس للمخابرات الحربية لسنوات قبل 25 يناير.
*هل الوضع الاقتصادى الحالى يمكن للسيسي أن يتغلب عليه ؟
هو نفسه قال إن هناك انهيارا ضخما حدث في مصر خلال الـ40 عاما الماضية وقال "مصر اختطفت منذ 40 سنة" إذًا حجم المشكلات واضح أمامه ولكن المهم ماهى السياسات المعلنة التي سيتخذها لكى يطمئن الجميع أن هناك ضوءا في نهاية النفق كى يتحمل الفقراء، وكاسبو الأجور والمرتبات، والعمال والفلاحون لأنهم يرون أن هناك سياسيات واضحة.
إلا لو كان متصورا - وهذا "احتمال" - أنه لا يريد الصدام الآن بلوبيات المصالح التي تشكلت على مدى الـ40 عاما الأخيرة، ولا يخيفهم لأن سياساته المؤكد ستأخذ منهم وأنا أتصور أن هذا موقف يفتقد الشجاعة، لأنه محتاج شجاعة ليواجه الشعب بالحقائق وأنه سيقوم بإجراءات محددة وأن هناك مجمل سياسات يجب اتباعها، والسيسي في مفترق طرق، والعبء ليس بقليل سواء إذا كان هو الرئيس القادم أو أي أحد غيره، فلا يوجد أي أساس صحيح من الممكن أن يبنى عليه في كافة المجالات سواء التعليم أو الصحة وهكذا فالعبء كبير ومحتاج شجاعة ورجل دولة من عينة الرئيس الروسى "فلاديمير بوتين"
*هل مجىء السيسي إلى الحكم سيجعل الوضع أكثر استقرارا؟
ليس بالضرورة فهو لو اتبع سياسات جادة لإنقاذ البلد سيصطدم برجال الأعمال وبالتالى سيكون هناك عدم استقرار، ولكن هذا الاصطدام سيكون مع فئة رجال الأعمال فقط وليس مع المجتمع وهو بذلك يستطيع أن يجعل الشعب كله يقف وراءه كظهير له في مواجهة تعسف هذه الفئة أو مصالحها التي بعضها ضار ونحن لسنا ضد رجال الأعمال، بالعكس نحن مع نجاحهم ولكن يجب أن يدفعوا الحصة الضريبية، فرجال المال والأعمال حصتهم برغم أرباحهم الضخمة التي يحققونها، لا تزيد على 10% من إجمالي الحصيلة الضريبية، كل الحصيلة الضريبية يا إما من هيئة البترول لقناة السويس، البنك المركزى والبنوك التابعة للشركات الحكومية.
*كيف ترى منظمومة الخبز في مصر ؟
هناك 30 مليارا مخصصة لدعم المواد الاستهلاكية منهم 13 مليارا لرغيف العيش، عام 1999 كان هناك نحو 12 ألف مخبز خاص والآن هناك نحو 27 ألف مخبز خاص، فيجب أن نتساءل لما تلك الزيادة المهولة؟ الإجابة هي لأنه يتم تهريب الدقيق والخبز المصنع أيضا، فالرغيف سعره 5 قروش يباع على الأرصفة بـ25 قرشا لأنهم يسرقوننا، 90% من أصحاب المخابز يركبون أحدث السيارات إذًا هناك سرقة تحدث في هذا القطاع، وكل وزير يأتى يتحدثون عن إعادة منظومة إنتاح الخبز لأنهم عبدة النظام اقتصاديات السوق وآليات العرض والطلب، في البداية كان المخبز يحصل على جوال الدقيق بـ16 جنيها، ثم منحتهم الحكومة الجوال بدون مقابل، ثم أصبح الجوال بدون مقابل ويمنحونهم فوق ذلك 33 قرشا لإنتاج رغيف العيش، وكان يهرب الرغيف ثم يباع لنا بأسعار 25 و50 و75 قرشا، فالدولة خاضعة لابتزاز أصحاب المخابز، وآخر تقرير لهيئة الرقابة الإدارية كشف أن على الأقل 6 مليارات جنيه تهرب من منظومة الخبز لصالح أصحاب المخابز.
*ما هو الحل لمنع تهريب الخبز وحل مشكلة الحصول على رغيف العيش ؟
يجب أن نعرف أولا أنه نظريا يتم إنتاج من 250 إلى 270 مليون رغيف يوميا في مصر، الحل سبق أن طرحناه وهو المخابز المليونية، وتقوم على أن نقوم بإنشاء نحو 250 مخبزا مليونيا خاصة بالحكومة على مدى 3 سنوات في كل محافظات الجمهورية وفقا لتقسيم جغرافى معين يتم حسابه بعناية، بحيث إن الـ250 مخبزا على مدى الثلاث سنوات تستطيع أن تنتج في اليوم على الأقل نصف كمية الاحتياج اليومى للسوق المصرية، فتصبح الحكومة "منتج مرجح" تستطيع أن تطرد من السوق من لا يلتزم بالقواعد.
*لماذا لم يتم تنفيذ هذا الاقتراح والتصور حتى الآن ؟
لأن هناك عمى أيديولوجى وعداء لكل ما هو قطاع عام ومال عام، ولكننا في حالة حرب وظروف قهرية ونحتاج أن نجمع كل مواردنا ونستفيد منها، فليس هناك مشكلة بلا حل، لكن التفكير داخل الصندوق أو التفكير وفقا لشبكة المصالح هو ما يجعل السياسة اللعوبة في يد أصحاب المصالح أو يجعله عديم الكفاءة.
*ما رأيك في نظام الشرائح في حساب الكهرباء؟
شركات الكهرباء منذ سنوات عديدة تضحك علينا فهى تحاسبنا بنظام الطبقات وليس بنظام الشرائح، بمعنى أنا لو استهلكت 500 كيلو وات في الساعة وفقا لنظام الشرائح تقسم مثلا للشريحة 50 كيلو وات الأولى بمبلغ كذا وما فوق هذا وحتى 200 كيلو وات بسعر كذا وحتى 350 كيلو وات بسعر كذا حتى يصل إلى 500 كيلو وات أي يطبق مثلا 4 شرائح في هذه الحالة لكن هذا لا يحدث وإنما ما يحدث فعليا هو حساب الـ500 كيلو وات على أعلى شريحة وبذلك يكون الحساب على طريقة الطبقات، لأن الإدارة ليس عليها رقابة ولا ضبط للأمور والدولة لا تراجع فالدولة مهمومة بفكرة تعظيم الإيرادات وتحت هذا المبدأ كل قطاع يعمل ما يريد ليصل إلى هذه النتيجة.
*ما هو الدعم ؟
التعريف الإجرائى للدعم هو الفارق بين تكاليف إنتاج سلعة أو خدمة محملة بهامش ربح معين وبين سعر بيعها للجمهور، وبالتالى ما تدفعه فعلا الخزانة العامة من أجل تقديم خدمة للمواطنين بأقل من تكاليف إنتاجها محملة بهامش ربح، إذًا هو التعريف العلمى الدقيق للدعم وما دونه هو تحايل مالى ومحاسبى لا يجوز، لسنوات طويلة يبدو أن الأمور سارت بشكل طبيعى بالرغم من أن الدعم هو عرض لمرض أكثر عمقا في الاقتصاد القومى متعلق بطبيعة الاختلالات الهيكلية التي تعرض لها على مدى أكثر من 35 سنة وأدت إلى تفاقم هذه الظاهرة من الناحية المالية.
*هل الدعم كان سبب العجز النسبى للموازنة العامة للدولة؟
هو أحد الأسباب ولكنه ليس كل الأسباب ولفهم ذلك لابد من شرح بعض الأرقام والجداول، فالبنظر إلى جدول تطور الاعتمادات المخصصة لدعم أسعار السلع والخدمات من 1978-1979 حتى عامى 2005/2004 قيمة الدعم كانت 1230 مليون جنيه عامى 78-79 حتى وصلت إلى 13 مليارا و764 مليون جنيه في عامى 2005/2004 وهذا نتيجة لثلاثة أسباب، الأول أن هناك تغيرا في الكم طبيعى لأن احتياجاتنا تزيد، السبب الثانى أن هناك تغيرا في سعر صرف الجنيه المصرى بالنسبة للعملات الأجنبية سواء الدولار أو غيره، والتي تتم بها المعاملات الدولية ومع تغير سعر الصرف تزيد قيمة الفاتورة فتنعكس في قيمة الدعم، والسبب الثالث والأهم والذي يرتبط بطبيعة الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد القومى أن نسب اكتفائنا الذاتى من أهم المحاصيل الزراعية أو مستلزمات التشغيل الصناعى تقل عاما بعد عام وبالتالى أصبحت فاتورة وراداتنا من القمح تزيد كل عام وأصبحنا أكبر دولة في العالم تستورد القمح وهذا كمثال.
كما أنه لما حدث تغير في الزراعة المصرية وجرى ضرب صناعة القطن على سبيل المثال، انهارت صناعة الزيوت المرافقة له وأصبحنا نستورد جزءا كبيرا من الزيوت وكل هذا كان يتم بالتوازى مع تشكل جماعات مصالح على المستوى الاجتماعى والاقتصادى ارتبطت بجهاز الدولة وكانت من مصلحتها أن تستورد كل شيء، فكان هذا الوضع المتصاعد والذي ينعكس في عجز في الموازنة العامة للدولة، ومزيد من فاتورة أعباء تؤثر على الاحتياطي النقدى الموجود لدينا في البنك المركزى، كل هذا كان متوائما ومتوافقا مع شبكة المصالح الجديدة التي نشأت بالبلاد.
فأصبح هناك شركات محتكرة للسوق وعلى سبيل المثال شركة سكرتير الرئيس المخلوع مبارك وزوجته كانت واحدة من أهم 5 شركات تستورد القمح من الخارج، وغيرها من المجموعات فأصبح في كل قطاع يوجد 5 أو 6 شركات تحتكره مثل قطاعات الشاى والسكر.. إلى آخره،
إذًا هذا التدهور كان له 3 أسباب بعضها اقتصادى محض مثل تغير سعر الصرف والثانى زيادة احتياجاتنا بسبب الزيادة السكانية والآخر كان بسبب الاختلافات الهيكلية وضعف قدرتنا الإنتاجية في نفس الوقت كان هناك تغير اجتماعى تشكل حريص على استيراد مصر لكل شيء وعدم تصنيع أي شىء.
*متى بدأ دعم المشتقات البترولية؟
من 2001/2002 حتى 2004/2005 كانت مكونات دعم السلع التموينية كان هو الأكبر والأساس، وسجلت قيمة دعمها من 4 مليارات حتى وصل إلى 11.2 مليارا عامى 2004/2005، ووصل إجمالي الدعم إلى 13.8 مليار جنيه تقريبا في عامى 2004/2005.
واللافت للنظر أنه بينما كان دعم المصدرين ( من رجال المال والأعمال) يزيد على ½مليار جنيه عام 2003/2004 كان دعم المزارعين لا يتجاوز 6.0 ملايين جنيه عام 2002/2003 و39 مليون جنيه عام 2003/2004.
من أول 2005/2006 بدأ يظهر في الصورة شيء جديد اسمه دعم "المشتقات البترولية"، بقيمة 41 مليار جنيه ثم إلى 40 مليارا السنة التي تليها، ثم وصل إلى 60 مليارا عام 2008/2009، ثم بلغ 62 مليار جنيه السنة التي تلتها، ثم 57 مليار جنيه حتى وصل إلى 67 مليار جنيه عامى 2010/2011.
وكان هذا بسبب بعثات من خبراء صندوق النقد الدولى منذ عام 2001/2002 كانوا يزورون مصر بشكل دوري ويجتمعون مع مسئولى وزارة المالية والبنك المركزى ورئيس الوزراء.. إلخ، من أجل ربط نظم إحصاءات وبيانات والموازنة العامة للدولة المصرية بالنظام المعمول به في صندوق النقد الدولى ومؤسسات التمويل الدولية.
وبالفعل صدر القانون 87 لسنة 2005 بإعادة تبويب الموازنة العامة للدولة وتم حينها إدراج ولأول مرة في تاريخ الموازنة العامة المصرية ما يسمى «دعم المشتقات البترولية» بقرار وزير المالية وقتها "يوسف بطرس غالى" وتم إخفاء أن ذلك كان مرتبطا بمطالب صندوق النقد الدولى، وقالوا إن ذلك التغير لإعطاء مزيد من الشفافية للموازنة العامة للدولة، كذلك دعم تنشيط الصادرات كان 2005/2006 مليارا و84 مليون جنيه وصل في عامى 2010/2011 إلى 4 مليارات جنيه.
ثم أخذت الأرقام المدرجة في الموازنة العامة للدولة تزداد بوتيرة سريعة فوصلت إلى 99.6 مليار جنيه للمشتقات البترولية والطاقة فقط في الموازنة الجديدة لعام 2013/2014، هذا جوهر التحايل المحاسبى الذي تم في الموازنة العامة للدولة، وكانت تلك أكبر خطيئة تمت في الموازنة العامة للدولة وأدت إلى صداعات في قطاعات أخرى أهمها، قطاع الكهرباء.