رئيس التحرير
عصام كامل

مناظرة لا تستقيم بين قائد ومتقاعد


أصبح الجدل السياسي سمة المصريين، كل طرف ينحاز لمؤيده في الحق والباطل، وإذا ناقشته بالحجة يرتبك ويولي الأدبار، مثلما حدث مع حمدين صباحي في لقاء جماهيري، حين سأله أحد الحاضرين: "ألا تعتقد أنه من العار على مصر أن يكون مرشح الرئاسة لا يعمل؟!"... حاول حمدين الرد ولم يستطع لأنه فعليا "لا يعمل"!!


السؤال المفاجئ جاء في الصميم.. أحرج صباحي واستفز حملته، وانتقل بالتبعية إلى أنصاره، حيث أبلغني أحدهم أن صاحب السؤال "مدسوس" بهدف إحراج حمدين.. قلت له فليكن، أليست الحقيقة أن حمدين "عاطل" ؟!.. ثم كيف يحقق التنمية ويجعل الشعب "الخامل" منتجا لإنقاذ الاقتصاد المنهار وهو كمسئول "لا يعمل"، وكل ما لديه خطابات تدغدغ المشاعر؟!

بهت زميلي وقال: حمدين كان رئيس تحرير صحيفة حزبية وكان برلمانيا.. ثم تقاعد من أجل السياسة!!.. أجبت: عمله كله في خبر "كان".. مصر أضاعها من يعتبرون أنفسهم نشطاء سياسيين والمنظمات الحقوقية والمدنية، لأنها في أغلبها واجهة للخارج وممولة منه.

حاول زميلي التنصل من الأمر بالانتقال إلى "المناظرة" التي يريدها حمدين صباحي وحملته، كنوع من تقاليد الانتخابات العالمية.. قلت له: هنا "مربط الفرس" أنتم تصرون على المناظرة لأن مجرد مواجهة الضعيف لمنافسه القوى توهم أنصاره بالتكافؤ بينهما!!.. ثم المناظرة لا تستقيم ولا تجوز بين قائد عام للقوات المسلحة واجه مؤمرات وقوى عالمية ونجح في تخليص مصر من حكم فاشي وتنظيم إرهابي دولي، وبين منافس كل تاريخه أنه "كان يعمل" وتفرغ في السنوات الأخيرة لـ "الشو الإعلامي" في البرامج؟!

حمدين يجيد الخطابة ومهنته الكلام باعتبار أنه "كان صحفيا"، لذا يريد أخذ السيسي إلى ملعب غريب عليه، فالمشير بعيد تماما عن الإعلام والعمل الجماهيري بحكم الطبيعة العسكرية التي تفرض الصمت والسرية، لهذا نجده قليل الكلام وإن تحدث استخدم عبارات حاسمة وموجزة ومحددة.. وهي نقاط يريد صباحي استغلالها لأنه يجيد "الشو" واستعراض الكلام.

يصر صباحي على المناظرة كنوع من الابتزاز السياسي، فإذا وافق المشير، فإن حمدين سيهاجمه وهو يدرك تماما أن شخصية السيسي العسكرية جعلته منضبطا لا يخطئ في القول ولا يلجأ إلى الحديث المبتذل، ويختار مفرداته بعناية ويترفع عن الصغائر، ولا ينجرف في الهجوم على الغير.. وبالتالي يظهر صباحي بصورة القوى الذي واجه المشير إعلاميا وأحرجه على الهواء.. وفي حال رفض السيسي المناظرة، يستغل صباحي الأمر في الترويج لبطولة زائفة لأن المشير القوى لم يستطع مناظرته.

لم أدع فرصة لزميلي حتى يرد وأكملت: الحقيقة التي لا تريدون الاعتراف بها أن السيسي حالة استثنائية في التاريخ المعاصر، وقائد عسكري نال محبة وثقة المصريين والعرب في أسابيع قليلة، وبكلمة منه يطيعه عشرات الملايين وينزلون إلى الشوارع والميادين تلبية للنداء.

السيسي تحدث في إطلالاته المتلفزة بشفافية وحكمة عن مشاريع عملاقة قابلة للتنفيذ بمساعدة الدول الشقيقة وهمة واندفاع الشعب للإنتاج، التقى خيرة العلماء ووضع برنامجه، فيما انشغل صباحي ومن معه بالشعارات و"الرقص" في المؤتمرات الجماهيرية ومغازلة الإخوان والدفاع عن المتورطين في مؤامرة هدم مصر.. وقبل كل هذا الهجوم على المشير السيسي والجيش الذي حمى الأرض والشعب.. الفرق إذن كبير بين من ضحى وما زال من أجل مصر، وبين من يهادن تارة ويهاجم في أخرى ويعقد صفقات أو يتحالف تارة ثالثة.

لا يحتاج المشير السيسي إلى مناظرة أحد، لأنه لم يسع إلى الرئاسة وكان بمقدوره الاحتفاظ بموقعه الثابت بصفته القائد العام للقوات المسلحة.. لكنه لبى نداء الوطن معتمدا على شعبية جارفة، إلى جانب تأييد عربي وثقة في وطنيته.. أما صباحي فيستند على شعارات وعلاقات غامضة غير بعيدة عن الشبهات مع الإخوان أو 6 أبريل وإيران وحماس وقبلهم ليبيا والعراق.
انصرف زميلي دون تعقيب، ولم يبق سوى الدعاء "اللهم احفظ مصر وشعبها من المنافقين والمتسلقين والمتآمرين".
الجريدة الرسمية