مناظرة أم مبارزة ؟!
حتى اللحظة لا علم لنا برفض المشير السيسي مناظرة الأستاذ حمدين.. كما أننا لا نرى أي تخوف منها على المشير إن أجريت.. وللإنصاف وللدقة لم نسمع من الأستاذ حمدين نفسه طلبا للمناظرة.. ربما كان حماسا من شباب متحمس.. وربما طلبها هو فعلا ولم نعرف.. ولكن ما نعرفه بعيدا عنهما.. وبعيدا عن السجال الجاري حول مناظرة بينهما..هو أن المناظرة ، أي مناظرة في الدنيا، في تعريفها البسيط المبسط الذي نفهمه ونؤمن به هي: "مواجهة بين طرفين يستفيد منها في الأساس طرف ثالث".. هذا الطرف الثالث هو المعني بالأمر كله..هو المعني بالنظر والتأمل والمقارنة بين ما سيراه وسيسمعه في المناظرة.. هو يعرف طرفيها مسبقا.. وتلتبس عليه أمور بينهما وفروق ربما كانت بسيطة لا يرونها ولن يروها إلا بمواجهتهما معا.. ووجودهما معا في وقت واحد يمكنه أن يوفر لمتابعيها القرار السليم.
لم تكن المناظرة في الأصل استعراضا للمواهب ولا تباهيا بالكفاءة وإلا تحولت إلى طلب للمبارزة وليس سعيا للتناظر..!
لم تكن المناظرة في الأصل دعوة لتحقيق مصلحة خاصة لشخص أو لمجموعة من الناس ولا لحزب من الأحزاب..وإنما تتم لتحقيق مصلحة عامة وفي الغالب يتبناها في الدول المتحضرة العريقة في الديمقراطية مؤسسات وهيئات ومراكز بحثية متخصصة..أو على الأقل تتبناها شبكات تلفزيونية ذات حيثية ولها مكانتها التي تسمح لها بذلك والإشراف عليه وضمان إقامتها وإنهائها وإنجاحها بالشكل اللائق..
وفي الانتخابات أو الفعاليات متعددة الأطراف تختار هذه المؤسسات والهيئات والشبكات التلفزيونية أقرب طرفين في المستوى والمكانة إلى بعضيهما لإجرائها ولا تكون متاحة بشكل مطلق!
وفي حالات أخرى يطلب أحد الأطراف مناظرة طرف آخر..لكن هذه الحالات محددة منها اتهام الطرف الآخر للطرف الأول باتهامات محددة ويرغب في نفيها أو قلل من شأنه في أمر ما ويريد رد الاعتبار لنفسه أو تعرض لإهانة ما ويرغب في ردها أو مطلوب منه عمليا وبمطالب جماهيرية عامة الرد أمام الناس على شائعات أو مزاعم.
لكن في حالتنا المصرية وفي الديمقراطية تحديدا وهي حالة خاصة جدا في المناظرات أو في غيرها نعيش فيها حالة مختلفة..يختلط فيها الحابل بالنابل..والجد بالمزاح..والرصانة بالتهريج.. والتحدي بالاستعراض..والتعريف العلمي بالشائع العامي و" كلشن كان " ولا حول ولا قوة إلا بالله!