الفقراء ينتظرون
لمن سوف تعطى صوتك في انتخابات الرئاسة، للسيسي أم حمدين، أم أنك تفضل المقاطعة؟! بادئ ذى بدء، لك حرية الاختيار في أن تشارك أو تقاطع، أو تصوت للسيسي أو حمدين، لكنك إذا قررت التصويت - وهذا ما أراه - فعليك أن تضع في ذهنك الاعتبارات الآتية:
أولا: أن يكون صوتك نابعا منك أنت، وليس صدى لآخرين.. جاء في الحديث: "لا يكن أحدكم إمعة (أي الذي لا رأى له)، يقول إن أحسن الناس أحسنت وإن أساءوا أسأت، ولكن وطنوا أنفسكم أن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا أن تجتنبوا إساءتهم".. الإسلام إذن يريد أن تكون لنا آراؤنا المستقلة والمعبرة عما في نفوسنا وقناعاتنا، وأن نكون إيجابيين في اتخاذ الموقف الصحيح فلا ننساق مع الحشود.. إن من السهل أن يميز الإنسان بين الحسن والقبيح، بين الجيد والرديء، حيث يكون الفارق واضحا..
لكن من الصعب أن يختار بين الحسن والأكثر حسنا، أو بين القبيح والأقل قبحا، أو كما قال عمر رضى الله عنه بين "خير الشرين".. هنا لابد من الاجتهاد في الاختيار أو سؤال أهل العلم الثقات، من منطلق قوله تعالى: "فاسألوا أهل الذكر أن كنتم لا تعلمون".. المفترض أن يكون الإنسان موضوعيا ومنصفا.. فلا ينحاز لهذا الجانب أو ذاك، إلا عن ثقة ويقين.. هذه هي الشجاعة الحقيقية.. أما أن يخشى أن يتهم بشيء مما يشاع هذه الأيام، لأنه يشجع فلانا، فيتبنى رأيا مخالفا، فهذا هو السقوط بعينه.
ثانيا: من الضرورى أن تفكر جيدا.. منْ من المرشحين سوف يحقق ما تريده أنت وتتمناه لمصر (الوطن والشعب)، خاصة في هذه المرحلة، إذ أن لكل مرحلة طبيعتها واستحقاقاتها ورجالها، وبالتالي لابد أن يكون واضحا لديك ما الذي تحتاجه هذه المرحلة.. من المؤكد أن أي مرشح لن يستطيع الوفاء بما يعد به.. لكن على الأقل أن يوجد لديه مشروع قومي يلتف حوله الناس، وأن يقدم الدليل على إمكانية تحقيقه.
ثالثا: إن الدور الذي قام به عبد الفتاح السيسي في إحداث نقلة نوعية في أداء القوات المسلحة، وانحيازه إلى الإرادة الشعبية، سواء أثناء الحظر الذي فرضه الدكتور مرسي على مدن القناة، أو في ثورة ٣٠ يونيو والإطاحة بحكم الإخوان في ٣ يوليو، أو في مقاومة الإرهاب.. إلخ، ثم الانفتاح على روسيا والتواصل مع قاداتها في هذا الظرف التاريخى، أظن أنه دور مقدر ومعتبر من قطاع عريض من الشعب المصرى.. من هنا يأخذ السيسي شعبيته.. لكن هذه الشعبية سوف تأخذ وقتها ثم تنطفئ جذوتها بمرور الوقت، وهو ما يعنى أن الرجل في حاجة لأن يعرض حلمه أو رؤيته للحاضر والمستقبل، مع الوضع في الاعتبار أن يكون للرئيس دوره، وللحكومة دورها، وللمؤسسات أيضا دورها، وألا يكون هناك خلط بين الأدوار، بل تكامل فيما بينها.
رابعا: بالطبع تمثل المشكلة الأمنية الشغل الشاغل لكل المؤسسات في الدولة، إذ أن حل هذه المشكلة بشكل جذرى يتوقف عليه الاستقرار السياسي من ناحية، والخروج - ولو جزئيا - من الأزمة الاقتصادية والبدء في مسار التنمية من ناحية أخرى.. غير أن المرحلة الحالية تستلزم خطة جادة وسريعة لانتشال المواطن المصرى البسيط الذي يشكل أغلبية الشعب.. ما أقصده هو اتخاذ خطوات عملية لتطبيق العدالة الاجتماعية، وإلا فالمستقبل ليس مضمونا بحال(!)