رئيس التحرير
عصام كامل

ولا تحزن يا "سيسي" أبدا !


وتنطلق الجماهير إلى الشارع بالملايين في 30 يونيو.. أفواجا خلف أفواج.. هذه المرة، الأمر جد مختلف.. وكيف لا يكون مختلفا وقد وعدت القوات المسلحة بأنها لن تنحاز إلى أحد.. لكنها تعلن في الوقت نفسه أنها ملك للشعب.. وهي معادلة يمكن أن تصل إلى عقل أغبي غبي في مصر.. ومع ذلك لم تتوقف رسالة القوات المسلحة التي على رأسها السيسي عند هذا الحد..إنما جاء انتشار قوات الجيش بطول البلاد وعرضها ليذكر الناس بأيام يناير..



العلاقة الحميمية الرائعة بين الشعب والجيش، فاطمأن الناس أنه يوم ليس كالأيام الماضية.. الأيام الماضية التي قتل فيها الإخوان أبو ضيف والجندي وجيكا وغيرهم.. وليس كالأيام السابقة التي سحلوا فيها الناس واختطفوهم وعذبوهم وطردوهم من عند الاتحادية.. في حالة قهر بالغة.. وهو يوم ليس كيوم ضرب المتظاهرين في التحرير وهدم وإزالة منصة التيار الشعبي.. إنه يوم مختلف تشارك فيه جبهة الإنقاذ والأحزاب كلها مجتمعة كنقطة في بحر الجماهير الهادر الذي عصف في طريقه بمرسي وحكم مرسي وسلطان مرسي..

وبعدها،،، ننتظر في 3 يوليو انتهاء المهلة.. كان الكل يتعجل سماع النبأ.. "شالوا مرسي"! فعلها السيسي! فعلها البطل! هكذا صرخ الجميع.. هكذا انطلقت الزغاريد وصرخات الفرح مع طلقات الاحتفال النارية في كل مكان.. الكل يهتف للجيش.. الدور بارز وواضح ولا لبس فيه.. والإخوان يدركون ذلك جيدا.. لذا.. لم يذهبوا لمقر أي حزب من الأحزاب بل ذهبوا إلى دور ووحدات القوات المسلحة رغم أن الأولى أسهل بكثير..

قبل ذلك وبعده.. كان الناس يخشون على السيسي عندما سافر إلى تركيا.. ويوم التقي مرسي بالقصر الجمهوري.. ويوم ذهب لاحتفال مرسي الأخير قبل رحيله بأيام، وكانت كل الأنظار تتجه إلى الرجل.. مبتسما أم حزينا؟ يصفق أم لا؟ متفاعلا مع كلام مرسي أم منفصلا عنه؟... وكانت النتيجة أن السيسي يغلي.. ويكاد ينفجر.. وانفجر بالفعل.. انفجر في عصبة الشر.. استجاب لنداءات الشعب وأحزابه.. أزاح الإخوان عن السلطة.. الشعب يتنفس من جديد.. ولا يحدث ذلك أبدا إلا بتنسيق داخل الجيش.. والتنسيق يعني ترتيب وتربيط واتصالات.. واجتماعات سرية وتحديد مهام وتكليفات خطرة.. ولو تم ضبط إحداها أو تسجيلها أو الإبلاغ عنها بفعل فاعل يعج التاريخ بمثلها.. لكان الرجل في شأن غير الشأن.. ومكان غير المكان.. وحال غير الحال..

ويكفي تطبيق القانون عليه لينال عقابا قاسيا ومؤلما.. وكنا وقتها سنحزن علنا أو سرا على الرجل.. وسنندم على ضياع الفرصة الكبيرة وربما الأخيرة.. ولكن سرعان ما ستعاود الأحزاب لعبتها.. لعبة السياسة.. وسيعاود فلاسفة التوك شو فلسفاتهم.. وسيقي السيسي ذكري في قلوب الناس سيحزنون عليه وحدهم.. لكن شيئا أفضل من ذلك كله أكرم به الله مصر وشعبها.. وهو أن ينجح صنيع الرجل وما أقدم عليه.. وبدلا من أن نعترف بفضله بعد فضل الله إلى الأبد.. وبدلا حتى من أضعف الإيمان وهو أن نتركه في شأنه فلا نشكره ولا نشتمه.. راحوا ينكرون ويتنكرون.. ويهاجمون ويتهجمون.. ولا حول ولا قوة إلا بالله...

وإلى مقال ثالث في سلسلة نضطر إليها ولا مفر منها ويجب أن تكتمل !!

 

الجريدة الرسمية