رئيس التحرير
عصام كامل

خبير ألماني يحلل الأزمة الأوكرانية: الحل في تقوية الناتو بأوربا.. ضرورة الضغط على موسكو اقتصايا.. ألمانيا تشعر بالمسئولية بسبب الحرب العالمية الثانية.. وتبلور سياستها تجاه روسيا بإشراك فرنسا وإيرلندا

فيتو

تتهم دول أوربية ألمانيا بـ"التعاطف" مع روسيا على حساب شركائها، إلا أن خبيرا ألمانيا يؤكد في حوار مع "DW" عربية أن سياسية برلين تجاه أزمة أوكرانيا تركز على حسابات المصالح مع موسكو وعلى التزاماتها تجاه الاتحاد الأوربي.

وقال الخبير الألماني "هانس -هينينغ شرودر": إن الوضع معقد جدا، هناك توتر في أوكرانيا واتجاه نحو العنف بين الأطراف المتصارعة. خارجيا، هناك قوى مؤثرة كروسيا التي يبدو أنها تؤجج الصراع لتحقيق مكاسب جيوسياسية، ووسط هذا المشهد، تحاول ألمانيا كبح جماح روسيا، وفي الوقت ذاته دفع أوكرانيا إلى تبني لغة الحوار، لكنها لم تنجح إلى الآن في تحقيق أيِّ من الهدفين، مشيرا إلى أن السبب في ذلك يعود إلى أن الأساليب المستخدمة غير متكافئة، في ظل استبعاد الخيار العسكري لتعارضه مع المبادئ الأوربية، وعدم توفر حلف الناتو على الآليات التي تسمح له بالتدخل في أوكرانيا.

الضغط على موسكو
وأضاف أن الحلول المطروحة الآن هي أن يتم دعم أوكرانيا اقتصاديا، وهو ما يتم التفكير فيه بالفعل، لكن الإشكالية التي تفرض نفسها في هذا الإطار هو أن يتم التأكد من أن الميزانيات المدفوعة يتم استخدامها على الوجه الصحيح، وهو أمر غير وارد في الوقت الراهن، مشيرا إلى أنه يجب الضغط على موسكو اقتصاديا، إلا أن ذلك ليس ممكنا إلا إذا ما تمّ إلحاق الضرر باقتصاديات الدول الأوربية.

ولفت إلى أن هناك تبعية من الجانبين بما يخص موضوع الطاقة، ولهذا لا يجرؤ لا الجانب الألماني ولا الروسي على اللجوء إلى التصعيد، لأن نتائج هذا المنحى ستكون مصيرية بالنسبة للطرفين معا، وإن كان، من الممكن بالنسبة لألمانيا التفكير في بدائل أخرى ستكون حتما مكلفة، لكنها لن تكون ذات نتائج مصيرية، كما هو الحال بالنسبة لبلغاريا ورومانيا، موضوع الطاقة والغاز موضوع شائك جدا، علما بأن موسكو لا تريد اللعب بالنار، فحجم صادراتها من الطاقة يبلغ 80 بالمائة، وفي حال أرادت روسيا اللعب بورقة الغاز سياسيا، فإنها ستتكبد خسائر هائلة.

وعلى صعيد آخر، أوضح أن هناك استثمارات ألمانية ضخمة في روسيا، وهناك مصانع لشركات ألمانية كبرى مثل "فولكس فاغن وبي. إم. دبليو"، كما أن هناك طموحا كبيرا جدا للجانبين في تقوية العلاقات الاقتصادية، يوازيه حذر شديد من إقرار العقوبات بحق روسيا.

تأثير البعد التاريخي

وأوضح أن ألمانيا لها علاقات معقدة مع روسيا والاتحاد السوفياتي سابقا. هناك شعور بالمسئولية لدى الألمان بسبب الحرب العالمية الثانية، ومن جهة أخرى اعتراف بالجميل للطرف الروسي الذي لولا قيامه بتنازلات لما كان لألمانيا أن تتوحد، إذن هناك عوامل اقتصادية وتاريخية، فنحن (الألمان) لدينا تجربة مختلفة مع الروس مقارنة بالبولنديين مثلا.

"مثلث فايمر"
ولفت إلى أن: "الحكومة الألمانية تتعمد بلورة سياسة تجاه روسيا تقوم على إشراك الفرنسيين والبولنديين وهو ما يطلق عليه "مثلث فايمر" وهذا يعني أن ألمانيا لم تتحرك منفردة، وهي تعي أن أي تحرك منفرد في حال تبنيه يشكل فشلا مدويا للسياسية الأوربية، أنا لست متحدثا باسم الحكومة الألمانية، لكني كمراقب أستطيع التأكيد على أن الائتلاف الحكومي الكبير أعطى أهمية كبيرة لإشراك بولندا في محاولات احتواء الأزمة الأوكرانية منذ اندلاعها. في المقابل، بدا واضحا أن المستشارة أنغيلا ميركل ووزير خارجيتها فرانك فالتر شتاينماير يتعمدان الظهور كحمائم مقارنة بالأمريكيين الذين راهنوا على لغة التصعيد سواء بمناورات عسكرية مشتركة مع رومانيا وبولندا، أو بإرسال قوات عسكرية وسفن حربية للبحر الأسود".

تحديات تحقيق التوافق
وأضاف: "اعتقد أن السؤال الذي يطرح نفسه على الجميع هو كيف يمكن حلحلة الأزمة؟ وكيف سيبدو المشهد الأوربي بعد ذلك؟ لا بد أن نعترف بأن الخارطة الأمنية لأوربا استنادا على اتفاقية هلسينكي الموقعة عام 1975 والتي نظمت آنذاك قواعد جديدة للأمن والتعاون، والتي رسّخت فيما بعد لمبدأ الثقة، حتى ساد الاعتقاد بأن الجميع سيلتزم بالعقود. واليوم، اتضح أن ذلك كان وهما، ما يعني أن التركيبة الأمنية الأوربية تهاوت. وعندما سيتم تجاوز أزمة أوكرانيا، لابد من إعادة تنظيم التعايش المشترك داخل أوربا. والسؤال هنا كيف يمكن تحقيق ذلك والروس نقضوا جميع العقود المبرمة، ولم تعد دولة أوربية تثق فيهم؟".

"حل الأزمة"
وأشار إلى أنه: "يعتقد أن هناك حلا وحيدا، وهو تعزيز وضع الناتو للعب دور الحزام الأمني داخل أوربا عبر ضم الدول المهددة أمنيا، وإذا كانت هناك دول ضد هذا الحل مثل روسيا، فعليها أن تقوم بتنازلات كبيرة، بما في ذلك التخلي عن القرم، لكي تكسب ثقة الأوروبيين من جديد. هل ستكون مستعدة لذلك؟ سنرى!. على العموم استغرقت المفاوضات للوصول إلى اتفاقية هلسينكي 12 عاما، وعملية إعادة بناء نظام أمن أوربي فاعل سيستغرق حتما سنوات أطول".

البروفسور هانس-هينينغ شرودر خبير في العلاقات الروسية الأوربية، أستاذ محاضر في جامعة بريمن وعضو سابق في المعهد الألماني للسياسات الدولية والأمنية.

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل

الجريدة الرسمية