رئيس التحرير
عصام كامل

عبد المعطى: مبارك غل يد جهاز المحاسبات وتستر على غالى

فيتو

  • الفساد في عهد المخلوع كان أكثر حنكة وقوة من عهد المعزول
  • الصناديق الخاصة مستنقع فساد في الجامعات
  • قانون تحصين عقود الدولة صدر لحساب رجال الأعمال الفلول
  • أصحاب المعاشات أصبحوا مثل خيل الحكومة تطلق عليهم رصاصة الرحمة
  • فاتورة الفساد في مصر تعادل 40% من الموازنة العامة للدولة
  • فساد ما بعد 25 يناير لم يظهر بوضوح على الساحة
  • مخالفات مؤسسة الرئاسة في عهد مرسي صك براءة
  • لهذه الأسباب انكشف مرسي بعد عام فقط من حكمه
  • الفساد توحش مؤخرًا لغياب إرادة سياسية لردعه
  • في فضيحة الخصخصة.. مبارك باع شركات بعشر قيمتها
  • رصد مبالغ تقدر بملايين الجنيهات للعمداء والمحظوظين في جامعة القاهرة
  • لا يحق لأى جهة رفض التعاون معنا أو تعطيل أداء مندوبينا
  • هناك مؤسسات تحاول إخفاء بعض المستندات والملفات بعيدا عن أيدينا
  • الملط أصدر تقارير لا تتسم بالشفافية وبلع مخالفات من أجل المنصب

عاصم عبد المعطى، وكيل الجهاز المركزى للمحاسبات سابقا، ورئيس المركز المصرى للشفافية ومكافحة الفساد، عرف عنه تصديه للفاسدين، وكشف تآمرهم، وفضحهم للرأى العام، يعتبر أن كلمتي ( سرى للغاية ) بوابة لدخول مملكة الفاسدين، ومفتاح لفك شفرات جميع قضايا الفساد، ومن هنا استطاع الكشف عن العديد من أخطر قضايا إهدار المال العام ومنها كشفه لثلاثة حسابات سرية بالبنك المركزى لمبارك وأولاده تحت مسمى حسابات دائنة أخرى.

يرى أن فاتورة الفساد في مصر تعادل 40% من الموازنة العامة للدولة، ويؤكد أن المخالفات تقدر بالملايين في التعليم المفتوح بجامعة القاهرة، ويكشف عن أن وزارة المالية وبنك الاستثمار القومى نهبا أموال أصحاب المعاشات تقربا لمؤسسة الرئاسة، ويشير إلى أن قانون تنظيم إجراءات الطعن على عقود الدولة صدر ليستعيد فسدة مبارك مجدهم الضائع، هذا ما يكشف عنه عاصم عبد المعطى وكيل الجهاز المركزى للمحاسبات سابقا في حوار مثير لـ "فيتو".

*تثار حاليا قضية أصحاب المعاشات واستيلاء وزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالى عليها لماذا لم يرصد الجهاز هذا الفساد ؟
في هذه الفترة كان الجهاز المركزى للمحاسبات قد غلت يده ببعض القرارات التي أصدرها الرئيس المخلوع مبارك بالمخالفة للقانون حتى يشل ويكبل دور الجهاز، رغم أننا رصدنا مخالفات وزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالى بشأن هذه القضية، فأصبح دورنا الرقابى هامشيا وغير فعال، مما شكل نوعا غريبا من التستر والتغطية، ترتب عليه صدور تقارير لا تتسم بالشفافية ولا بالشكل الرقابى المطلوب، وذلك تقربا للرئيس ولكى يحافظ رئيس الجهاز في ذلك الوقت وهو الدكتور جودت الملط على منصبه، حيث قام غالى بالاستحواذ على أموال المعاشات لتغطية جزء كبير من المديونية الداخلية لمصر، على حساب أصحاب المعاشات، وكانت تستثمر في مشروعات لا تدر أي عائد على البلد.

ما حقيقة العلاقة بين بنك الاستثمار القومى ووزارة المالية بشأن مشكلة أصحاب المعاشات ؟
العلاقة وثيقة ومتشابكة، حيث ربطتهما المصلحة المشتركة، وكانا يعملان معا على تسوية أموال المعاشات ببنك الاستثمار القومى، لحساب الخزانة العامة ( الدين العام الداخلى )، وذلك للمحافظة على منصب وزير المالية الأسبق، لإظهار قدرته في تخفيض الدين العام الداخلى، أمام مؤسسة الرئاسة والذي كان قد زاد زيادة كبيرة وغير مسبوقة، حيث وصلت المديونية على الخزانة العامة في نهاية عام 2013 لـ 630 مليار جنيه، ترتب عليه عدم قدرة الدولة على سداد تلك الالتزامات، مما أدى لتردى حال أصحاب المعاشات وهم أصحاب الحق الحقيقى في هذا المال، وفى ضوء توحش ارتفاع الأسعار أصبحوا مثل خيل الحكومة الذين تطلق عليهم رصاصة الرحمة، بمجرد خروجهم من العمل الحكومى.

*تباينت الآراء بشأن قانون تنظيم إجراءات الطعن على عقود الدولة والذي يقضى ببطلان العقود التي يكون أحد أطرافها الدولة أو أحد أجهزتها... كيف ترى هذا ؟
هذا القانون صادر لحساب فئة معينة من رجال الأعمال والمستثمرين الأجانب، ولحساب الدولة العميقة بمصر في محاولة لبسط نفوذهم السابق ولإستعادة مجدهم المزعوم مع الرئيس مبارك، على حساب المواطن المصرى واستغلال عدم قدرته على الطعن على القرارات الإدارية، والعقود وفقا لمنطوق القرار بقانون، إلا بموافقة طرفى العقد ومع استحالة موافقة طرفى العقد لأن أحدهما فاسد والآخر مفسد، وذلك مخالفة لأحكام الدستور وقانون الإجراءات الجنائية والعقوبات، حيث إن حق التقاضى يتم لحساب أي من المواطنين إذا رأى فسادا، أما في حالة القرار بقانون فإن الأمر يستدعى وجود حكم بات في فساد هذا العقد حتى يتمكن المواطن من رفع الدعوى، يعنى بالعربى كده ( موت يا حمار ).

*يقال إن فاتورة الفساد تقدر بحوالى 200 مليار جنيه سنويا ؟
فاتورة الفساد في مصر تعادل 40% من الموازنة العامة للدولة مما يدل على أن الفساد قد تغلغل وتشعب في جميع أوجه الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وأصبح بمثابة ركن أو مادة أساسية في الموازنة العامة للدولة.

*رصد الجهاز مخالفات بالجملة في عهد مبارك.. فهل كان هناك مثل هذه المخالفات في عهد مرسي ؟
من شأن عمل الجهاز الرقابة والمتابعة والمراجعة بعد الصرف وهذا يتطلب فترة من الزمن، وبالتالى فإن أعمال الفساد التي تمت بعد 25 يناير لم تظهر على الساحة بشكل واضح، وهو ما يجعل هناك صعوبة في رصد المخالفات وحجم الفساد الذي ارتكب في هذه الفترة البسيطة، أما ما اكتشفه الجهاز من مخالفات في مؤسسة الرئاسة في عهد مرسي، يعتبر بمثابة صك براءة لهذا العهد، لأن ما أظهره الجهاز من مخالفات لا تعد جسيمة بالقدر الذي ترتكبه مؤسسة رئاسية، وإنما هي مخالفات تكتشف في وحدة محلية، والمصروفات التي أظهرها تقرير الجهاز هي مخالفات روتينية يرصدها الجهاز، كما يرصد أي جهة إدارية في الدولة، مما يعنى أن المخالفات التي حدثت في عهد مرسي لا تعد مخالفات مما يطلق عليها إهدار مال عام بقدر ما تكون مخالفات مالية قابلة للرد من الجهة المخالفة ويحتمل فيها الخطأ والصواب.

*ما قولك فيما صرح به المستشار هشام جنينة بأن الجهاز المركزى للمحاسبات رصد مخالفات تقدر بـ 20 مليار جنيه تتعلق بالقضاء والمخابرات والنيابة والداخلية في عهد الرئيس المخلوع مبارك ؟
أنا أعتب عليه إنه أصدر حكما على هذه الجهات دون بينة ودون أن يصدر القضاء حكمًا بشأنه، وبالتالى فإن تصريحه يمثل تدخلا في أعمال السلطة القضائية، فضلا عن أنه أعطى إيحاءً بعدم الثقة في السلطة القضائية، الممثلة في جهات التحقيق وهى النيابة العامة، وأظن أنه صرح بذلك في مؤتمره الشهر الماضى، حتى يعقد المواطن مقارنة بين الرئيسين مرسي ومبارك ويتحسر على عهد مرسي، الذي لا تتعدى جرائمه كونها مخالفات بسيطة يمكن أن تحدث في إدارة محلية.

*أيهما كان أكثر فسادًا مبارك أم مرسي ؟
الفساد في عهد مبارك كان أكثر حنكة وقوة من عهد مرسي، الذي كان يفتقر لخبرة مبارك ومعاونيه في تطويع القوانين والأنظمة لإخفاء فسادهم، فانكشف بعد عام فقط من حكمه، ولهذا نرى أن الفساد قد تغلغل وتوحش بشكل كبير مؤخرًا، نتيجة لعدم وجود إرادة سياسية لردعه، وذلك لأن الإدارة العامة في مصر أصبحت رافدًا من روافد الفساد، بعدما أفرزت الثورة حفنة من الفاسدين قفزوا على أكتاف غيرهم من الفاسدين.

*ما هي أهم المخالفات التي رصدها الجهاز ؟
الجهاز أول من أثار قضايا الفساد الذي ترتب عليها ضرورة أن يكون رغيف العيش مصدر إعاشة للمواطن البسيط، وفى الوقت ذاته مصدر ثراء لحفنة من الفاسدين، كما أثرنا فضيحة الخصخصة في القطاع العام، التي تمثلت في بيع 410 شركات وقطعة أرض بمبلغ 54 مليار جنيه بعكس قيمتها الفعلية التي تقدر بنحو 450 مليارا، حيث كان يتم البيع بمباركة الأجهزة الرقابية والتشريعية والتنفيذية وكل هذا كان يصب في محاولة غل يد الجهاز لتوريطه في العمل التنفيذى، وفى لجان التقييم والبيع لهذه الشركات بالمخالفة لقانونه، حيث إنه منوط بالجانب الرقابى لهذه الأعمال وليس المشاركة في تنفيذها، فضلا عن رصدنا لمخالفات في التعليم العالى خاصة بوجود صناديق داخل الجامعات، تم حصرها بواسطة المركز المصرى للشفافية ومكافحة الفساد، فيما يزيد على 2300 صندوق خاص يتم الصرف منها على العاملين في الكادر الجامعى، في شكل مكافآت على حساب الخدمة التعليمية، وقد تم رصد مبالغ في هذا الشأن تقدر بملايين الجنيهات لبعض عمداء الجامعة، وبعض رؤساء الأقسام بجامعة القاهرة مثل صندوق التعليم المفتوح، حيث يتقاضى العاملون به من أساتذة الجامعة، مرتباتهم وحوافزهم من خلال جداول المرتبات الخاضعة للموازنة العامة للدولة، وبالتالى ما يتقاضونه من مبالغ يمثل مخالفة جسيمة للقانون، في حين أن أقرانهم من أعضاء هيئة التدريس يعانون من سوء توزيع هذا الدخل، الذي يصرف على المحظوظين منهم فقط.

*هل واجهتكم صعوبة أو رفض من جهة ما أعاقت أداء عملكم ؟
لا يحق لأى جهة أيا كانت أن ترفض التعاون معنا، أو تعطل أداء مندوبى الجهاز، لكن في كثير من الأحيان كانت تحاول بعض المؤسسات إخفاء بعض المستندات والملفات بعيدا عن أيدينا، ولكننا لا نعتمد على مصدر واحد فقط لجمع المعلومات، لهذا دائما ما نكتشف أوجه الفساد في المؤسسات المختلفة.
*في النهاية كيف تقيم أداء مرسي في فترة حكمه ؟
كان أداؤه، أداء الجاهل في إدارة الشئون العامة، وقد سجلت رأيى فيهم أثناء فترة حكمهم، وذكرت عدم قدرتهم على إدارة شئون البلاد، ترتب عليه السقوط السريع لنظامهم، وأشرت لمحاولتهم الاستحواذ على مفاصل الدولة، في ظل الافتقار لكوادر قادرة على القيادة.
الجريدة الرسمية