"هابى فالنتاين"..1
إذا أنت لم تعشق، ولم تدر ما الهوى، فكن حجراً من يابس الصخر جلمدا، فالحب سرُّ الحياة، به تدوم وتستمر وتتدفق، وبدونه، تصير الحياة عدماً وفناءً، يستوى فى ذلك الرجل والمرأة، هكذا يتوهم المتوهمون، فكم من عظماء، خلت حياتهم من النساء والغوانى، ومن شيطان الحب.
وفى "عيد الحب العالمى"، أو "فالنتاين داى" ، يكثر الحديث عن الحب والغرام والهيام، ويُهرع الرجال السذج، إلى متاجر الهدايا، ليجلبوا لنسائهن، وعشيقاتهن، الهدايا الثمينة، قرابين لهن، وفى هذه المناسبة تلقيتُ دعوة مكتوبة، من السيد "فالنتاين"، لحضور أمسية، تحت رعايته، بحضور شعراء الحب والرومانسية، ومن خاضوا غمار الكتابة فى الحب.
وصلتُ إلى القاعة التى تحتضن الأمسية مبكرًا جدًا، فاقتربت من حشد من المثقفين وكبار الكتاب، الذين كانوا مدعوين مثلى، فوجدتهم يتحدثون عن الحب والنساء، وتناهى إلى سمعى عبارات بليغة موجزة، مثل:"المرأة بلا محبة امرأة ميتة"، قالها "أفلاطون"، أما "شوبنهاور" فقال: "الحب وردة، والمرأة شوكتُها"، فيما ذكر "جارلسون" أن "الحب يضاعف من رقة الرجل، ويضعف من رقة المرأة"، وزاد عليه "ريشتر" قوله:"الحب يضعف التهذيب فى المرأة، ويقويه فى الرجل".
أما "لابرويير"، فقال:"الحب مبارزة، تخرج منها المرأة منتصرة، إذا أرادت"، لكن "تشارلز ثوب" قاطعه مؤكدًا أن "الحب للمرأة كالرحيق للزهرة".
وها هو "أنيس منصور" ، الذى لا يزال محافظًا على كبريائه الذى يصل إلى درجة الغرور، حيث قاطعهم، بقوله:"الحب عند الرجل مرض خطير، وعند المرأة فضيلة كبرى"، وحينئذ تداخلت "مدام دو ستال"، فى الحوار، لتؤكد أن "الحب أنانية اثنين".
أما "فيون" فجزم بأن "الحب المجنون يجعل الناس وحوشاً"، قبل أن تقاطعه "هيلين رونالد"، مؤكدة "أنه ربيع المرأة وخريف الرجل" .
لكن "برنارد شو"، قال فى ثقة غير مبررة:" الحب يرى الورود بلا أشواك، فإذا أحبت المرأة رجلاً، خافت عليه، والحب يستأذن المرأة فى أن يدخل قلبها، وأما الرجل فإنه يقتحم قلبه دون استئذان، وهذه هى المصيبة"، لكن "الحب أعمى، والمحبون لا يرون الحماقة التى يقترفونها، برأى "شكسبير"، وهو نار تشوى قلب الرجل لتأكله المرأة، كما أنه دمعة وابتسامة، هكذا قال لى "جبران خليل جبران".
وبنبرة صوت حادة، قال "كلارك جيبل" لمن حوله :"تسعد المرأة، عندما يقول لها رجل:"أحبك"، وتطرب أن يشقى فى سبيلها، لذا إذا كنت تحب امرأة فلا تقل لها:"أنا أحبك "، فقلت له :"أحسنت يا سيد كلارك".
ومن جديد يلتقط "شكسبير" طرف الحديث، ليؤكد أن "الحب يجعل من الوحش إنساناً، وحيناً يجعل الإنسان وحشاً"، فضلًا عن أنه "لا يعرف أى قانون"، من وجهة نظر "بوريسيوس".
وها هو" أوروبيديس"، يتفق معى، مشددا على أن " الحب وهم، يصوّر لك أن امرأة ما تختلف عن الأخريات"، فأعلنتُ تضامنى معه، فيما وصفه "بلزاك"، بأنه " الأكثر عذوبة والأكثر مرارة"، وزاد "جورج صائد" عليه، بأنه "امرأة ورجل وحرمان، وكلّما ازداد حبنا تضاعف خوفنا من الإساءة إلى من نحب ".
ويجد "تشيسون" أن نحب فنخفق ، على ألا نحب أبداً "، فقاطعته:"ولماذا نعذب أنفسنا؟"، و"الحب، عند المرأة، نار مقدّسة، لا تشتعل أمام الأصنام"، هكذا قال "حسن حافظ"، لكن "نتائج الحب غير متوقعة، برأى "ستاندال"، أما "مدام دو ستايل" فقالت:"الحب هو تاريخ المرأة، وليس إلا حادثاً عابراً فى حياة الرجل"، ورأى "نيتشه"، أن "المرأة لغز، مفتاحه كلمة واحدة هي: الحب ".
قبل أن تبدأ فعاليات الأمسية ، التى لم أكن أعلم ضيوفها على وجه التحديد، باستثناء "نزار قبانى"، استوقفنى كل من "دولنكو" و "ويلز"، فقال الأول لى:"الحب زهرة نضرة، لا يفوح أريجها، إلا إذا تساقطت عليها قطرات الدموع، وهو أقوى العواطف، لأنه أكثرها تركيباً ، وخُلق الحبٌّ لإسعاد القليلين ، ولشقاء الكثيرين"، أما الثانى فقال: "الحب يهبط على المرأة فى لحظة سكون، مملوءة بالشك والإعجاب"، فلم يرق لى كلامهما، ولم أندهش، رغم أنى كنت التهمتُ، منذ لحظات قليلة، قطعتى "فرسكا"، قدمهما لى أحد القائمين على خدمة المدعوين!!
الآن، يعلن المذيع عن بدء الأمسية، وبعد مقدمة عن الحب، لم تخلُ من إطناب، واسترسال، فالموتى لا يهتمون كثيرا بالوقت، كشف عن أسماء المتحدثين، وهم: "امرؤ القيس،"عنترة بن شداد"، "المنخل اليشكرى"،"عمر بن أبى ربيعة"،"قيس بن الملوح"،"جميل بن معمر"،"العباس بن الأخنف"، و"نزار قبانى"،..وآخرون..وغدًا نكمل..