رئيس التحرير
عصام كامل

اللمبة آه !

المستشار أسامة الجرواني
المستشار أسامة الجرواني

إن من أولى الأسباب التي أضعفت بلادنا العربية عامة ومصر خاصة ومكنت الدول الغربية من إحكام سيطرتها علينا حتى صرنا لا حول لنا ولا قوة، هو أننا صرنا شعوبا تستهلك بلا ضابط وتأكل أكثر مما تنتج، ونحن حين نتحدث عن ترشيد الاستهلاك فإننا نعلم جيدا أن توجيه العادات والأنماط الاستهلاكية أصبح ضرورة ملحة من الآن وليس غدا، بحيث يتسم السلوك الاستهلاكي للفرد أو الأسرة بالتعقل والاتزان والحكمة والرشادة الموضوعية ويتناسب مع قدراتنا الاقتصادية والإنتاجية، وعلى العكس من ذلك فإن الاستهلاك الترفي هو ضرب من ضروب هدر الإمكانات الاقتصادية في غير موضعها الحقيقي.


منذ اندلاع ثورة 25 يناير ازدادت الطموحات الشعبية نحو مجتمع يعيش الكل فيه عيشا رغدا بعد سنوات – احتسبناها – عجافا، إلا أن سوء الاختيار للقيادة السياسية وما يمكن أن نطلق عليه – فساد النخبة – أدى إلى تفشي الفوضي في المجتمع وتوقف عجلة الإنتاج وهروب الاستثمار، فأضيفت مشكلات جديدة إلى رصيد عظيم من الأزمات القديمة، وازداد الأمر سوء، وبدلا من أن يتبدل الحال إلى الأفضل تحول إلى أسوء مما سبق، فأصبحنا بين شقي رحي إما أن نعمل بجد وتفان أو نموت جوعا وتسقط الدولة، ولعل أهم هذه المشكلات وأكثرها تأثيرا على المجتمع هي مشكلة ( الطاقة ) ومنها الطاقة الكهربائية التي هي المحرك الرئيسي لكل شئ من مصانع ومنازل وخلافه، فأصيب المجتمع بما يشبه حالة من الشلل أدت في الغالب إلى موجة من الإحباط والسخط الشعبيين وأحيانا تؤدي إلى الإبداع والبحث عن الحلول غير التقليدية..

إنني لست من المتخصصين في أمور الطاقة ولم أكتب كلماتي هذه لكي أقترح حلولا فنية لهذه المشكلة، وأترك المجال للحكومة التي نتمنى أن تكون رشيدة وتتبنى سياسات وخطوات تعمل على حل المشكلة، إلا أن ما يشغلني هو كيفية التعامل أو التعايش الأمثل – شعبيا - مع هذا الواقع المتمثل تحديدا في الانقطاع المزمن للتيار الكهربائي، لن أقترح ترشيد الاستهلاك الكهربائي لفئات تعجز من الأساس عن سداد فاتورة الكهرباء مرتفعة القيمة رغم أن ذات الأمر يعتبر واجبا حتميا على غير هذه الفئات، إلا أنني أود أن أنوه أنه من الممكن استخدام كمية أقل من الطاقة لإنتاج نفس التأثير أو أداء ذات الوظيفة عن طريق استخدام ما يسمي ( بالمصابيح الفلورية ) أو ما يطلق عليه ( اللمبات الموفرة للطاقة )، إنها سياسة استهلاكية يطلق عليها ( الاستخدام الفعال للطاقة ) تعتمد على تطوير التقنية المستخدمة أكثر من اعتمادها على تغيير السلوك الفردي للأفراد..

تبقي لنا أمر أخير، يا شعبنا الطيب تعالوا بنا إلى كلمة سواء، أوصيكم وإياي بحب مصر، انبذوا الخلافات، ولا تزيدوا على أنفسكم فوق مشقة الصبر على الواقع الصعب مشقة الإحباط والسخط، تفاءلوا بالخير تجدوه بإذن الله، وكم من أزمات مرت علينا وكانت ربما أعظم وأشد وكان الله عونا لنا والحمد لله، إن مصر قد تنتكس إلا أنها سرعان ما تنتصر، قد تغيب أحيانا إلا أنها لا تزول، وتبقي مصر إلى قيام الساعة..

آه نسيت أقولكم.. غيروا مصابيح بيوتكم إلى مصابيح موفرة، ولا تضيئوا أماكن غير مستغلة بالمنزل.
الجريدة الرسمية