بريطانيا تعود لاستعمار الخليج.. حضور المرأة الحديدية قمة التعاون يثير المخاوف.. تيريزا ماي تعيد التاريخ وتستغل فزع العرب من إيران.. وبداية تكرار سيناريو الـ 150 عاما السوداء
أعلن قادة دول مجلس التعاون الخليجي ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، في بيان مشترك، الأربعاء، عن اتفاقهما على إطلاق الشراكة الإستراتيجية بين المجلس والمملكة المتحدة لتعزيز علاقات أوثق في كافة المجالات، بما في ذلك السياسية والدفاعية والأمنية والتجارية، وكذلك تعزيز العلاقات الثقافية والاجتماعية، ووضع حلول جماعية للقضايا الإقليمية لتحقيق مصالحهما المشتركة في الاستقرار والازدهار.
وقالت رئيسة وزراء بريطانيا صراحةً، إن أمن الخليج من أمن بلادها، وقبل انطلاق أعمال القمة حرصت على التحدث من قلب مضيق هرمز، بهدف إرسال ذات الرسالة إلى إيران.
عودة التاريخ
فى ظل عودة التاريخ بنفس صوره وفصوله، ومع حالة التشرذم التي يعيشها العالم العربى، والنفوذ المتصاعد للجمهورية الإيرانية، ودخولها على خط التهديد العسكري والدبلوماسي لدول الخليج، وسط غياب قوة عربية مشتركة تعمل كحائط صد ضد مطامع المستعمر الغربى، تبرز على سطح الأزمة المخاوف من عودة المحتل البريطانى إلى مستعمراته القديمة مستغلا الصورة الضبابية التي تتواجد داخلها أمة مأزومة، لتعيد إلى الذاكرة العربية، وقائع القرن التاسع عشر عندما انحسر التواجد البرتغالي والفارسي على شواطئ الخليج العربي، وأتى الأتراك والبريطانيون ومعهم الفرنسيون على استحياء لشبه الجزيرة العربية، فعمدوا إلى احتلالها ودعم شيوخ قبائل موالية لهم في وجه قبائل رافضة، ونتج عن هذا الأمر ما نراه اليوم من دول في منطقة الخليج وبينما تحاول إيران جاهدة أن تقنع المثقفين العرب، بأن الخليج العربي يسمي تاريخيًا الخليج الفارسي.. وخلال التقرير التالى تعيد "فيتو" نشر تاريخ الأطماع البريطانية في الخليج حسب المنشور في الدراسات والأبحاث التاريخية المتوفرة.
أطماع تاريخية
في البداية، على مدى أكثر من 150 عامًا، من ١٨٢٠ وحتى انسحابها في ١٩٧١، كانت بريطانيا هي القوة المهيمنة في منطقة الخليج.
ومثلما الحال مع غيرها من القوى الأوروبية الأخرى، لا سيما البرتغالية والفرنسية والهولندية، كان اهتمام بريطانيا في البداية بمنطقة الخليج، والذي انطلق في القرن السابع عشر، يهدف لتطوير المصالح التجارية، وقد بدأت طبيعة التَدخُّل البريطاني تتغير بعد أن تمكنت من توطيد وتوسيع ممتلكاتها الاستعمارية في الهند.
أول معاهدة
كانت أول معاهدة بين بريطانيا والبحرين بشأن حظر الرقيق عام 1847، تلتها معاهدة التعاون والسلام عام 1856، ثم تقدمت بريطانيا في عام 1861 بمعاهدة جديدة سمتها معاهدة الصداقة وكان تقديمها مصحوبًا بجو من التهديد العسكري، فوقعها الشيخ محمد بن خليفة وكان أهم بنودها هو حق بريطانيا أن تكون حكمًا في نزاع على المشيخة بقبول حكمها، وأعطى للبريطانيين حق التجارة والإقامة في البحرين دون قيد، إلا أن الشيخ طرد المقيم البريطاني بعد فترة، مما دعاه إلى محاصرة البحرين وإحراق أسطولها التجاري، ففر الشيخ محمد ليتولى أخوه الحكم ويقبل بما أملته بريطانيا عليه، وفرضت بريطانيا أحد المشايخ ليتولى الحكم ما يقرب من نصف قرن، وفي عهده في عام 1880م وضعت البحرين تحت الحماية البريطانية، حيث وقع شيخ البحرين في عام 1891م معاهدة جديدة كانت تشبه بقية معاهدات الرضوخ لبريطانيا التي وقعتها الكويت والإمارات العربية، وبقيت البحرين تحت الحماية البريطانية حتى 1971.
احتلال قطر
وقعت قطر مع بريطانيا في عام 1820، 1835، على معاهدتين تشبه المعاهدات التي عقدتها بريطانيا مع شيوخ إمارات ساحل عمان، وفي عام 1876 وقعت معاهدة ثالثة مع بريطانيا اشترط على شيخ قطر أن يرجع إلى المعتمد البريطاني في كل خلاف يقع بينه وبين جيرانه، وفي عام 1869م أعلن شيخ قطر ولاءه للعثمانيين، وسمح لهم ببناء محطة للفحم لتزويد السفن بالوقود ومرسي للسفن في ميناء الدوحة، واعترضت بريطانيا، ولكن الأمر بقي كما هو حتى طردت القوات التركية من الأحساء على يد عبد العزيز بن سعود، ولما انتهت الحرب العالمية الأولى سنة 1919، أصبحت قطر تحت الحماية البريطانية.
معاهدة الكويت
بدأت العلاقة بين بريطانيا والكويت بمعاهدة سرية عقدت بين الشيخ مبارك الصباح وبين إنجلترا ي عام 1899م وذلك خوفًا من مد خط سكة حديد برلين بغداد إلى الكويت، وجاء في نص هذه المعاهدة أن يلتزم الشيخ مبارك ويلزم وارثيه بأن لا يستقبل أي وكيل أو ممثل لأي حكومة دون الموافقة المسبقة من بريطانيا، ولا يتنازل أو يبيع أي جزء من مقاطعته دون علم وموافقة بريطانيا، وعقد الشيخ اتفاقية ثانية عام 1900م تنص على أن يمنع إدخال السلاح إلى بلاده، وفي عام 1904م أنشأت بريطانيا مركزًا بريديًا، وفي نفس العام عينت معتمدًا سياسيًا لها في الكويت، وفي عام 1911 تعهد الشيخ مبارك بعدم استثمار موارد الكويت الطبيعية دون موافقة الحكومة البريطانية، وفي عام 1913م تعهد الشيخ بعدم منح البترول في الكويت دون استشارة الحكومة البريطانية، وفي بداية الحرب العالمية الأولى 1914م بعثت بريطانيا برسالة إلى شيخ الكويت تعترف بها باستقلال الكويت تحت الحماية البريطانية، وقد أعطى الشيخ أحمد الجابر امتيازًا لشركة البترول البريطانية للبحث عن النفط، فأصبحت مقدرات الكويت بيد بريطانيا حتى استقلالها عام 1961.
الأطماع الأمريكية
بعد اتفاق سان ريمو سنة 1920، تدخلت الولايات المتحدة وطالبت بسياسة الباب المفتوح، الذي كسر الاحتكار للبترول، وجعله مفتوحًا لكل الدول الاستعمارية في البلاد التي تحت الانتداب، وعشية الحرب العالمية الأولى أصبحت بريطانيا تسيطر على أغلب نفط الخليج العربي، ولكن أمريكا دخلت المنافسة، فربحت أول معركة في حرب النفط في البحرين عن طريق شركة "ستاندارد أويل أوف كاليفورنيا"، وحصلت عام 1932م بواسطة شركة بريطانيا على امتياز استثمار، ومن ثم ربحت في الكويت معركة أخرى بواسطة شركة "جولف أويل كوربوريشون"، ولكن الانتصار الضخم كان في السعودية، فشركة "ستاندرارد أويل" انضمت عام 1936م مع شركة "تكساس كومباني" واتخذت الشركة الجديدة اسم "أرامكو" شركة النفط العربية الأمريكية ثم تبعتها العراق وإيران.
ثم كان اتفاق واشنطن "ميثاق اشناكاري" حيث اتفقت بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية على توحيد أسعار النفط وولد عنه كارتل الشركات النفطية في العالم.