رئيس التحرير
عصام كامل

القضية الفلسطينية.. عود على بدء


هل يمكن اعتبار يوم الثلاثاء ٢٣ أبريل ٢٠١٤ يومًا تاريخيًا في حياة الشعب الفلسطينى، بعد انفصام ومقاطعة، خاصة بين فتح وحماس دامت ما يقرب من نحو ٧ سنوات؟!

 أخيرا، التقت حركتا فتح وحماس ومعهما بقية الفصائل على أرض قطاع غزة وتم الاتفاق على برنامج؛ أهم بنوده إقامة حكومة وفاق وطنى، وأن يعمل الجميع تحت مظلة منظمة التحرير.. رغم الخطب الرنانة التي استمعنا إليها من كل الأطراف، إذا بأصوات من أعماق النفس تردد: أفلحوا إن صدقوا.. 



فكم من المرات جلس الفرقاء مع بعضهم برعاية قاهرية ومكية، وعلى مستويات عليا، وسمعنا من هذا وذاك كلاما أشهى من عسل النحل، إلا أن الفرقاء كانوا في كل مرة يخيبون الظن فيهم، وأصابوا الناس - مهتمين أو منشغلين بالقضية - بالإحباط واليأس، وضياع كل أمل يرتجى..

بالطبع هناك أصابع - داخلية وخارجية- تلعب في العلن والخفاء، يهمها ألا يكون هناك اتفاق، بحيث يظل الشعب الفلسطينى ممزقا ومشتتا.. ولاجئا.. بينما عمليات تهويد القدس ومحاولات هدم المسجد الأقصى المبارك تجرى على قدم وساق..

 نحن نعلم أن "الشيطان يكمن في التفاصيل"، لكن آن الأوان أن يتنازل كل طرف من الأطراف عن طموحاته الضيقة الخاصة، والالتقاء على أرضية مشتركة.. على ما بقى من وطن.. فقد بات واضحا وفاضحا أن أي طرف يقف بمفرده في مواجهة العربدة الصهيونية لن يحقق شيئا، بل يتم هرسه وطحنه، ثم توزيع أشلائه وبقاياه -إن بقى شيء- للذئاب والكلاب وأبناء آوى.

المتأمل للأحداث التي تلت فوز حماس في الانتخابات التشريعية التي جرت في ٢٥ يناير ٢٠٠٦، وتشكيل حماس للحكومة، ثم الصراع الدموى بينها وبين حركة فتح، وما أعقب ذلك من حوار تم بين الفرقاء في مكة في الفترة (٦-٨ فبراير ٢٠٠٧) برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله، والذي انتهى إلى الاتفاق حول إقامة حكومة وحدة وطنية، ثم المؤامرات التي أحاطت بتلك الحكومة وأدت إلى المواجهة الدامية بين حركتى حماس وفتح في ١٤ يونيو ٢٠٠٧، والحصار الذي تعرض له ولا يزال أهل القطاع، والمجزرة التي قام بها العدو الصهيونى في غزة في الفترة من ٢٧ ديسمبر ٢٠٠٨ إلى ١٨ يناير ٢٠٠٩، كل ذلك يؤكد ما انتهينا إليه..

المهم أنه لم تمض ساعات على اتفاق الفرقاء حتى أغار العدو الصهيونى على غزة وأصاب ٦ من الفلسطينيين، وصرح نتنياهو بأنه لا مفاوضات مع الرئيس أبو مازن.. وقال ليبرمان إن المصالحة (يقصد بين حركتى فتح وحماس) معناها الحرب(!!)..

سوف تظل وحدة الشعب والتراب الفلسطينى هي الأساس وهى الخطوة الأولى في الاتجاه الصحيح، نحو تحرير الأرض وتطهير المقدسات، والإفراج عن الأسرى، وعودة اللاجئين، وغير ذلك من محاولات هي في الحقيقة قبض ريح وحرث في بحر..

جميل أن نحلم، لكن دون خطوات إجرائية واضحة ومتابعة دقيقة ولصيقة، وإصرار على الوحدة كهدف إستراتيجي في هذه المرحلة، سوف يتحول الحلم إلى وهم أو سراب.. هي ليست مسئولية هذا الجيل فقط، لكنها مسئولية كل الأجيال.. وهى في الوقت ذاته، قضية العرب والمسلمين، بل قضية الشعوب الحرة المحبة للعدل والسلام في كل أنحاء العالم.

الجريدة الرسمية