"البغدادي" يرصد "تجاذبات الصورة والنص في الفن المصري المعاصر"
الصورة التي يقصدها الدكتور خالد البغدادي هي لوحات الفن التشكيلي بمدارسها وتنويعاتها المختلفة، والنص هو التفاعل النقدي مع هذه اللوحات ومدارسها، وهو ما يتبلور في كتاب "تجاذبات الصورة والنص في الفن المصري المعاصر"، الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.
يقول المؤلف: تعد الحركة النقدية المصرية من أهم وأقدم الحركات النقدية في المنطقة وقد بدأت - تقريبا- مع بداية الحركة الفنية المصرية المعاصرة منذ أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، وقد واكبت الحركة الفنية للرواد كتابات نقدية كان أغلبها من إنجاز رجال الفكر والأدب، وكان الطابع الأدبي لكتابات الرافعي والمازني وحافظ إبراهيم يتفق إلى حد كبير مع المضامين الأدبية التي كانت تنبنى عليها أعمال الرواد، ولكن حقبة الأربعينات كانت انفجارا في إمكانيات الإبداع والتجريب والفكر أيضا، وقد بدأت الكتابة للفن تتلخص في إمكانيات الإبداع والتجريب والفكر أيضا، وقد بدأت الكتابة للفن تتخلص من وطأة الأدب والبلاغة، في الوقت الذي كان الفنانون فيه يتحررون من المضمون الأدبي للعمل الفني، فتكون حنينا حقيقيا للنقد الفني وظهر الناقد المتخصص في مجال الفن التشكيلي لأول مرة في مصر، لكن لماذا لم يحدث تطوير لميراث الأربعينات النقدي ونحن في بداية الألفية الثالثة؟!
وكانت البداية الفعلية لممارسة النقد الفني في الصحف المصرية مقال سليم حسن في مارس من عام ١٨٩٧ -الذي سبق الإشارة إليه- وفي العشرينات من القرن العشرين كتب عباس محمود العقاد مقالا بعنوان «تمثال النهضة» يذكر فيه: «إن تمثال نهضة مصر هو أول عنوان يقرؤه العابر في ميادين القاهرة من كتاب نهضتنا الفنية أو إن شئت فقل من كتاب نهضتنا القومية في شتى فروع الحياة».
أما الناقد حبيب جورجي فكان له دور مهم في تأكيد دور الطبيعة والموروث الجيني للشخصية المصرية في بناء اتجاه يدعو إلى استلهام الطبيعة بالفطرة المصرية، وتكونت جماعة «الدعاية الفنية» عام ١٩٢٨ وكان من أهدافها نشر الثقافة الفنية ومقاومة سيطرة الأجانب على الحركة الفنية المصرية، وقدم رمسيس يونان كتاب «غاية الرسام المصري» عام ١٩٣٨.
ويتضح من أهداف «المجمع المصري للفنون الجميلة» الذي أسسه محمد صدقي الجناخنجي عام ١٩٣٣ رغبة الفنانين المصريين الملحة في تخليص الحركة التشكيلية من الأجانب، وإقامة معارض مصرية فقد أقام المجمع أول معرض للفنانين المصريين وحدهم دون الأجانب، وبهذا كان يمثل خطوة في محاربة السيطرة الأجنبية على الفن والتي توجت عام ١٩٣٨ بتمصير الوظائف في مصر..
وفي عام ١٩٣٧ تكونت جماعة «الفنانون الشرقيون الجدد» وفيما يذكر بدر الدين أبو غازي.. أنهم أرادوا أن يبعدوا بالفن المصري عن مؤثرات الفنون الغربية، فمنهم من اتجه إلى الأساطير الشعبية ومنهم من عمد إلى ملامح الفن الفرعوني ومنهم من ذهب نحو الفن الفارسي والإسلامي، وربما كانت تجارب لم تكتمل ولكنها من نتاج هذا القلق الخلاق الذي حرك وجدان المثقفين نحو البحث عن مدلول وصياغة جديدة للفن..
ومع نشوء جماعة «الفن والحرية» في الأربعينات، والتي نادت بالثورة والتمرد وقذف الأحجار، كان لمعارضها صدى ودوى في قلب الثقافة المصرية آنذاك، وبالرغم من أنها كانت متطرفة في حلولها الفنية بالقياس إلى المنتج السائد في ذلك الوقت، وأتصور أن ما حمى تجربة الفن والحرية أن نقادها كانوا من داخلها وهم فنانوها، وأنهم كانوا قادرين على استخلاص آليات لغزو الحركة الثقافية والتأثير فيها، لقد حاولوا الربط بين ما يحدث في الواقع وما يحدث داخل اللوحة، مما دفع شرائح غير متخصصة من المثقفين للاهتمام والاحتكاك بهذه الدوائر.
وعندما أقامت تلك الجماعة معارضها السنوية منذ فبراير ١٩٤٠ ورغم اشتراك أسماء فنية كبيرة مثل محمود سعيد ورمسيس يونان وكامل التلمساني وفؤاد كامل وغيرهم إلا أن النقاد والجمهور قد سخروا من هذه المعارض وابتعدوا عنها، مما دفع الفنانين أنفسهم لأن يكتبوا في نشرة معرضهم الثاني ١٩٤١.. أن هدفهم هو إثارة التعجب في أذهان الجماهير... لقد كانت هذه المعارض بمثابة صدمة للذوق الذي تعود على الفن الأكاديمي، وقد وقف النقد التقليدي عاجزا عن التعامل مع مثل هذه الظواهر الفنية الجديدة في حركة الفن المصري الحديث - في ذلك الوقت - فلم يكن هذا النوع من النقد مهيأ لتقبل مثل هذا التمرد على التقاليد في مجال الفن، وإنما كان ما يصبو إليه هو الحكم على مدى مراعاة التعاليم الأكاديمية في تسجيل الطبيعة ووصفها.
أما الناقد حبيب جورجي فكان له دور مهم في تأكيد دور الطبيعة والموروث الجيني للشخصية المصرية في بناء اتجاه يدعو إلى استلهام الطبيعة بالفطرة المصرية، وتكونت جماعة «الدعاية الفنية» عام ١٩٢٨ وكان من أهدافها نشر الثقافة الفنية ومقاومة سيطرة الأجانب على الحركة الفنية المصرية، وقدم رمسيس يونان كتاب «غاية الرسام المصري» عام ١٩٣٨.
ويتضح من أهداف «المجمع المصري للفنون الجميلة» الذي أسسه محمد صدقي الجناخنجي عام ١٩٣٣ رغبة الفنانين المصريين الملحة في تخليص الحركة التشكيلية من الأجانب، وإقامة معارض مصرية فقد أقام المجمع أول معرض للفنانين المصريين وحدهم دون الأجانب، وبهذا كان يمثل خطوة في محاربة السيطرة الأجنبية على الفن والتي توجت عام ١٩٣٨ بتمصير الوظائف في مصر..
وفي عام ١٩٣٧ تكونت جماعة «الفنانون الشرقيون الجدد» وفيما يذكر بدر الدين أبو غازي.. أنهم أرادوا أن يبعدوا بالفن المصري عن مؤثرات الفنون الغربية، فمنهم من اتجه إلى الأساطير الشعبية ومنهم من عمد إلى ملامح الفن الفرعوني ومنهم من ذهب نحو الفن الفارسي والإسلامي، وربما كانت تجارب لم تكتمل ولكنها من نتاج هذا القلق الخلاق الذي حرك وجدان المثقفين نحو البحث عن مدلول وصياغة جديدة للفن..
ومع نشوء جماعة «الفن والحرية» في الأربعينات، والتي نادت بالثورة والتمرد وقذف الأحجار، كان لمعارضها صدى ودوى في قلب الثقافة المصرية آنذاك، وبالرغم من أنها كانت متطرفة في حلولها الفنية بالقياس إلى المنتج السائد في ذلك الوقت، وأتصور أن ما حمى تجربة الفن والحرية أن نقادها كانوا من داخلها وهم فنانوها، وأنهم كانوا قادرين على استخلاص آليات لغزو الحركة الثقافية والتأثير فيها، لقد حاولوا الربط بين ما يحدث في الواقع وما يحدث داخل اللوحة، مما دفع شرائح غير متخصصة من المثقفين للاهتمام والاحتكاك بهذه الدوائر.
وعندما أقامت تلك الجماعة معارضها السنوية منذ فبراير ١٩٤٠ ورغم اشتراك أسماء فنية كبيرة مثل محمود سعيد ورمسيس يونان وكامل التلمساني وفؤاد كامل وغيرهم إلا أن النقاد والجمهور قد سخروا من هذه المعارض وابتعدوا عنها، مما دفع الفنانين أنفسهم لأن يكتبوا في نشرة معرضهم الثاني ١٩٤١.. أن هدفهم هو إثارة التعجب في أذهان الجماهير... لقد كانت هذه المعارض بمثابة صدمة للذوق الذي تعود على الفن الأكاديمي، وقد وقف النقد التقليدي عاجزا عن التعامل مع مثل هذه الظواهر الفنية الجديدة في حركة الفن المصري الحديث - في ذلك الوقت - فلم يكن هذا النوع من النقد مهيأ لتقبل مثل هذا التمرد على التقاليد في مجال الفن، وإنما كان ما يصبو إليه هو الحكم على مدى مراعاة التعاليم الأكاديمية في تسجيل الطبيعة ووصفها.