بالصور.. نظام البشير يعذب المبدعين.. رانيا مأمون تروى تفاصيل مأساتها: قبضوا علينا من مظاهرة سلمية.. ضربونا وأهانونا وهددونا باغتصاب جماعى أمام المعتقلين.. قضينا ليلة فى الجحيم ورفضوا تحويلنا للمستشفى
حالة من حالات القمع الأمني كانت ومازالت تعيشها المرأة السودانية بشكل كبير، بدا ذلك خلال الفترة الماضية في فيديوهات خرجت بين حين وآخر لعمليات جلد لنساء لأسباب متنوعة، منها، القضية الشهيرة لجلد الصحفية "لبنى أحمد الحسين"، في 2009 بتهمة ارتداء البنطلون، وكان آخرها بداية الشهر الجاري بفيديو لامرأة تجلد بدعوى إسقاط حجاب رأسها وظهور شعرها حال سيرها.
وقد تكون هذه صورة من صور الانتهاكات التي تعيشها المرأة السودانية على مدى السنوات الماضية، لكن ما جرى في أعقاب بدء الانتفاضة الشعبية السودانية الرافضة لزيادة أسعار المحروقات، يؤكد أن اليد الأمنية السودانية تعيد نهج سابقتها في دول الربيع العربي، لتعلن عن ربيع سوداني انتظره السودانيون طويلا.
بدأت القصة الإثنين الماضي، حيث استبدل عدد من الكتاب والمبدعين المصريين والعرب صورهم بصورة القاصة والروائية "رانيا مأمون"، التي تم اعتقالها خلال تظاهرة في مسقط رأسها ودمدني، لتخرج مطالبات بإطلاق سراحها، ولكن مأمون لم تكن وحدها في الاعتقال الذي تحكي عنه لـ"فيتو"، عبر رسالة إلكترونية، فقد شاركها السجن والتعذيب البدني المعنوي شقيقها وشقيقتها وآخرون.
وبصيغة أدبية، تشير صاحبة "ابن الشمس"، والتي أفرج عنها قبل يومين إلى أنها قادمة من يوم قضته في الجحيم، نكل بها وتم تعذيبها، وضربها، وسبها بأفظع الألفاظ، بل ووصل الأمر بأحدهم إلى التحرش بها والتهديد بالاغتصاب.
وقالت مأمون إنه تم اعتقالهم يوم الإثنين الماضي، 23 سبتمبر، قرابة السادسة مساءً في "ودمدني"، من تظاهرة سلمية تنديدا بقرار رفع الدعم عن المحروقات والذي ينهك الحالة الاقتصادية المنهكة أصلًا.
أضافت:" ضرب أخي الشيخ وشج رأسه في ثلاثة مواضع حسب التقرير الطبي، الجرح الأول بطول 6 سم والثاني بطول 2 سم والأخير 1 سم، وكسرت الترقوة وكدمات متفرقة في الجسد النحيل، ورغم هذا لم يُسمح لنا بالذهاب إلى المستشفى لإيقاف النزيف وتطهير الجراح، بل كانت دماؤه تسيل طيلة المساء والليل إلى أن غاب عن الوعي".
وعما أصابها قالت: "ضربني عدد كبير من الجنود الذين تكاثروا كالذباب بتوحش ورغبة عارمة في الإيذاء، ضربوني بعدد من الخراطيش لا يمكنني حصرها، لكن يمكن تتبع آثارها التي خلَّفتها على كل أنحاء جسدي، جروني على الأرض، ونعتوني بأقذع الألفاظ ونابيها وهُددت بالاغتصاب الجماعي، وتحرش بي أحدهم، ومع استمرار الضرب وصلتُ لمرحلة من الألم لم أشعر بالضربات التي تلتها، تخدَّر أو تيبَّس أو تبلَّد جسدي أو تحوَّل إلى جوال قطن، أصبح يتلقى الضربات العنيفة دون مبالاة أو أدنى حسّ، فأن تتألم حتى يتخدر جسدك لهي مرحلة بالغة من الألم والعذاب".
وأشار تقريرها الطبي إلى وجود "كدمات متفرقة في الجسم وضربة على الكتف اليمنى وجرح في الذراع اليمنى، وكدمات في الرأس، نزيف تحت الجلد في الجفن العلوي والسفلي للعين اليسرى ونزيف تحت الملتحمة مع تورم واحمرار".
أما أختها فنالت كدمة على الرأس، وكدمة على الجبهة وكدمات على المرفق الأيسر حيث جروها على الأرض.
ولفتت إلى أنهم تم ترحيلهم (امرأتان وست رجال) إلى السجن، وضعوا في زنازين وفتحت بلاغات ضدهم تحت المادة 163، الشغب، ولم يقبلوا بتقديم الإسعافات لهم لدرجة أن أخيها سبح في بركة من دمائه طيلة الـ24 ساعة التي قضوها قبل أن يطلق سراحهم.
وفي وصفها للزنزانة قالت: "في الزنزانة قضينا ليلة عجيبة، رفضنا الأكل، وطالبنا بالذهاب إلى المستشفى أولًا، لكن من يسمع؟ الحمامات مشتركة بين الرجال والنساء، مظلمة ودون قفل داخلي! في الحوش المخصص لزنازين الرجال، رقد على الأرض نحو 56 أو 57 معتقل أُحضروا بعد منتصف الليل، وقبلهم أُحضر آخرون في مجموعات قليلة العدد، عند الرابعة فجرًا كان أربعة ممن تكدسوا في الحوش يجلسون مستيقظين بعد أن عاندهم النوم أو عاندوه".
وشددت على أنه برغم الضرب والإهانة واستباحة الكرامة ومصادرة الحرية إلا أنه ما من خيار إلى مواصلة ما بدأه السودانيون والتأكيد على أنه لا رجوع إلى الوراء.