"عام على تأسيس التيار الشعبي".. حلم بدأ في أعقاب انتخابات الرئاسة ثم تحول إلى شريك فاعل في إسقاط الإخوان.. وأصبح مكونا هاما في صناعة القرار السياسي.. حملات لترشيح زعيم التيار للانتخابات الرئاسية
عام مضى على تأسيس التيار الشعبي، رحلة بدأت منذ نهاية انتخابات رئاسة الجمهورية وحصول حمدين صباحى على خمسة ملايين صوت في المرحلة الأولي من الانتخابات، وهو ما لم يكن يتوقعه الكثيرون، ولم يكن وراء حمدين صباحى تنظيم كتنظيم الإخوان ومعظم قوى التيار الإسلامي التي كانت وراء الدكتور محمد مرسي.
ولم يكن وراؤه قوي رأسمالية ورجال أعمال يحلمون بالعودة للسلطة مرة أخرى كأحمد شفيق، والذي أطلق عليه الجميع مرشح نظام مبارك.
واعتبر الجميع أن الأصوات التي حصل عليها صباحى هي أصوات الثورة، والتي ذهب جزء منها لعبد المنعم أبو الفتوح وهى بعض أصوات الليبراليين الذين خشوا من صباحى باعتباره مرشح ناصري ويحمل الفكر الاشتراكى.
ولم تكن انتخابات الرئاسة هي أولي معارك صباحى ورفاقه سواء من جيله أو من جيل الشباب فخاض صباحى معارك كثيرة ضد نظام مبارك مع بداية تأسيس الحركة المصرية من أجل التغيير كفاية في نهاية عام 2004 والتي شارك فيها صباحى وقيادات حزب الكرامة "تحت التأسيس" في تلك الفترة وخاضت معارك كثيرة في الشارع المصري وحركت المياه الراكدة بشعارتها الشهيرة " لا للتمديد لا للتوريث" كتعبير عن رفض استمرار مبارك في الحكم أو ترشيح جمال مبارك نجله والذي طرح اسمه بقوة في تلك الفترة لكى يصبح الامتداد الطبيعي للنظام الحاكم في ذلك الوقت.
واستمر نضال صباحى وطلاب اتحاد أندية الفكر الناصري " المدرسة التاريخية " لجيله والتي لا تزال مستمرة في الجامعات المصرية حتى الآن، وفى عام 2010 قرر صباحى عدم خوض الانتخابات البرلمانية ومقاطعتها لوضوح المشهد في ذلك الوقت بوجود نية مبيتة لدى النظام بتزوير تلك الانتخابات لصالح أعضاء الحزب الوطنى، إلا أن أهالي دائرته الانتخابية " البرلس والحامول" صمموا على خوضه تلك الانتخابات، ونظم صباحى مؤتمرا جماهيريا أمام منزل العائلة " ببلطيم" لمحاولة إقناع أهالي الدائرة بأسباب رفضه خوض الانتخابات إلا أن ما حدث أن نزل صباحى على رغبتهم وخاض الانتخابات
وفى الساعات الأولي من يوم الانتخابات حدث ما كان يتوقعه صباحى، وتعرضت معظم اللجان الانتخابية في دائرته لانتهاكات صارخة وتزوير واضح كما حدث مع كل مرشحي المعارضة في ذلك الوقت، مما جعل صباحى يتخذ قرارًا ظهيرة ذلك اليوم بالانسحاب من الانتخابات حقنًا لدماء أبناء دائرته، معلنًا في نفس الوقت عزمه خوض أول انتخابات رئاسية قادمة سواء كان المرشح فيها مبارك الأب أو الابن، خاصة وأن تلك الفترة كانت شكلت حملة انتخابية شعبية تحمل اسم صباحى كمرشح شعبي لانتخابات الرئاسة وبدأ الكثير من الشباب في القاهرة والمحافظات بعمل توكيلات "شعبية " لتأييد صباحى .
ثم جاءت الدعوات لـ25 يناير 2011 وتبنى صباحى فكرة أن يخرج كل مرشحي مجلس الشعب الذين زورت ضدهم الانتخابات على رأس المظاهرات في دوائرهم، ولقيت الدعوة قبول إلا أنه وقت التنفيذ لم يقم بها سوي صباحى فقط، واندلعت المظاهرات في القاهرة والعديد من المحافظات واستمرت حتى جاءت الدعوة لجمعة الغضب"28 يناير2011" وقرر صباحى العودة للقاهرة والمشاركة في المظاهرات من أمام مسجد مصطفي محمود بالمهندسين، ومع سقوط نظام مبارك تصاعد الحديث عن انتخابات الرئاسة وبرز اسم صباحى بشدة كمرشح معبر عن الثورة والدولة المدنية في نفس الوقت فلم يكن صباحى ينتمى للتيار الدينى، أو ما يطلق عليه " العسكر" أو الفلول، بعكس بعض المرشحين، لذلك فكانت فرص صباحى كبيرة جدًا في تلك الفترة، إلا أن نتائج الانتخابات جاءت بالرئيس المعزول " محمد مرسي " إلى سدة الحكم.
إلا أن صباحى وجيل الشباب المصاحب له قرروا أن ينظموا كيانًا أوسع من "حزب الكرامة" يحتوى أحلام وطموحات الأصوات التي حصل عليها صباحى والتي اقتربت من خمسة ملايين صوت في كيان يصبح شكله مختلف عن الأحزاب، ويعبر عن الطريق الثالث كما أطلق عليه صباحى في ذلك الوقت طريق ليس بدولة دينية أو دولة عسكرية، وإنما دولة مدنية، وكان اختيار اسم ذلك الكيان هو التيار الشعبي المصري
وقرر صباحى بمساعدة أعضاء التيار تحديد 21 سبتمبر 2012، ليتم الإعلان فيه عن التيار الشعبي، وذلك في ميدان عابدين، وكان سر اختيار اليوم هو تزامنه مع اليوم الذي وقف فيه أحمد عرابي أمام الخديوي توفيق قائلًا جملته الشهيرة " لن نورث ولن نستعبد بعد اليوم".
وخاض التيار الشعبي المصري على مدى عام كامل معارك كثيرة بدأت مع انتهاء الـ100 يوم الأولي من حكم محمد مرسي ودعوة القوى الوطنية للتظاهر بميدان التحرير لمطالبة مرسي بتقديم " كشف حساب" عما تم تنفيذه من وعود انتخابية، وانتهي ذلك اليوم باشتباكات عنيفة كانت بداية الصدام مع جماعة الإخوان على الأرض بشكل مباشر، واستمرت حتى أصدر مرسي إعلان دستوري، يحصن قراراته ويحصن مجلس الشورى والجمعية التأسيسية للدستور من الحل حتى بأحكام قضائية، وهو ما أدى إلى تصاعد المظاهرات بالقاهرة والمحافظات وكانت مقار التيار الشعبي بالمحافظات هي الأكثر استهدافًا من أعضاء الإخوان خلال أي اشتباكات تحدث أثناء التظاهر.
وكان أعضاء التيار هم الأكثر استهدفًا أيضًا، وشهد التيار حادثة تعذيب وقتل " الشهيد محمد الجندى" عضو التيار الشعبي، وهنا قرر أعضاء التيار بمشاركة شباب الثورة الهتاف من جديد " الشعب يريد إسقاط النظام" حتى تأسست حملة تمرد لسحب الثقة من مرسي في أبريل الماضي، وهنا قرر التيار الشعبي المشاركة في الحملة وتبينها وفتح جميع مقار التيار بالمحافظات لتصبح مقار لتمرد، حتى سقط حكم الإخوان عن مصر.
يدخل التيار الشعبي عامه الثانى وهو شريك ولاعب أساسي ليس فقط في الحياة السياسية وإنما في مراكز صنع القرار ولو بشكل جزئي، فكمال أبو عيطة وزير القوى العاملة هو أحد قيادات التيار الشعبي، وخالد يوسف ومحمد عبدالعزيز أعضاء لجنة تعديل الدستور، أعضاء بالتيار الشعبي وخالد تليمة مساعد وزير الشباب عضو بالتيار الشعبي.
وهناك حملات لترشيح زعيم التيار حمدين صباحى لانتخابات الرئاسة القادمة تأسست من خارج التيار، ولا يزال الجميع ينظر إلى هذا الكيان الوليد ماذا سيقدم خلال الفترة المقبلة.