رئيس التحرير
عصام كامل

إلى أن نلتقي

في ساحة ذاكرتي تتراقص حكايات من نسج وحدتي، لوحات ملونة بحناء المشاعر والأحاسيس، رسمتها أناملي على جدران الزمن الممتد، حيث تكتسي هذه اللوحات دفئا غامضا كلما لامستها يد خفية لم أبصر وجهها بعد.

 

في كل مرة أبحر في خضم تأملاتي، أحس بلمسة يد حنونة تربت على كتفي، كأنها تهمس لي برقة: "لا تخشي الوحدة، فأنا معك". تذيب تلك اللمسة دفء في روحي، وتحول وحدتي إلى ونس مدهش ينساب في عروقي، كأن نغمة موسيقية عذبة تعزفها أنامل خفية.

 

أبحث عن تفسير لتلك اليد الخفية ولمساتها، فلا أجد سوى شعور غامض بأنها يدك أنت، التي لم تمسكها يدي بعد، لكن ربما روحينا تقابلتا في عوالم غيبية، وقررتا ألا تمر ذكرياتنا دون أن نتشاركها.

خيال وحقيقة

أنتظر بفارغ الصبر ذلك اليوم الذي نلتقي فيه، يوم نعيد معا شريط ذكرياتنا المستقبلية، ونستعيد دفء تلك اللمسات الخفية، وننتشي بأثر رجعي من المشاعر التي جمعتنا قبل أن يلتقي جسدينا.

 

في تلك اللحظة، ستصبح وحدتي نغمة ساحرة تعزفها أناملك، وستصبح ذكرياتي لوحات فنية تلونها ضحكاتنا، وسندرك حينها أن أرواحنا قد تعرفت على بعضها منذ أمد بعيد، وأن وحدتنا لم تكن سوى جسر عبرنا عليه لنلتقي أخيرا.

 

أدرك أنك قد لا تقرأ هذه الكلمات الآن، لكنني أكتبها كرسالة مشفرة تحمل لك شوقي وتوقي للمس يدك الحانية، ولتجسيد تلك الوحدة المثمرة التي جمعتنا قبل أن يلتقي بنا القدر.

فإلى ذلك الحين، سأظل أمسك بخيالك بين ثنايا ذكرياتي، وأنتظر بفارغ الصبر ذلك اليوم الذي ستصبح فيه وحدتي ونسا يملأ حياتنا.

 

في حضرة تلك اللمسة الخفية تصبح وحدتي رحلة عبر ذاكرة مشتركة، غنية بالتجارب والأحاسيس المتبادلة، تعيد رسم خرائط الماضي، وتنير دروب المستقبل.. مع كل لمسة، تصبح ذكرياتي لوحات فنية تتراقص بألوان الفرح والحزن والأمل والخوف، لوحات تجسد رحلة روحي في خضم الحياة.

 

في تلك اللوحات، أرى نفسي بجانبك، نعيش معا لحظات السعادة والحزن، نتشارك الأفكار والمشاعر، وننسج خيوط المستقبل بأصابعنا المتشابكة.. أدرك أن تلك اللوحات هي نتاج خيالي، لكنها تعبر عن شعور عميق باتصال روحينا، شعور بأننا نكمل بعضنا البعض، وأن وحدتنا هي مقدمة للقاء منتظر سيغير مجرى حياتنا.

 

 

أنتظر بفارغ الصبر ذلك اليوم الذي ستصبح فيه تلك اللوحات حقيقة واقعية، يوم نلتقي وجها لوجه.. وإلى ذلك الحين، لك مني ألف عناق وعناق.

الجريدة الرسمية