رئيس التحرير
عصام كامل

مشهد تدمع له عيون السماء!

بعد أربع جولات فاشلة لمجلس الأمن الدولى، لتمرير قرار لوقف إطلاق النار في غزة وتسهيل مرور المساعدات الانسانية وتوسيعها، نجح مجلس الأمن أخيرا في تمرير قرار، بعد زوال المعترض دائما وهو الولايات المتحدة، إذ التزم الصمت وامتنع عن التصويت في خطوة داهمت اسرائيل، ومن الواضح إن إدارة بايدن لم تبلغ المندوب الإسرائيلي مسبقا بما تعتزمه.


امتنعت أمريكا إذن عن الاعتراض، وخرج القرار إلى النور، غير أن أمريكا ذاتها لم تلبث أن دفنته علنا وبمنتهى الصفاقة، إذ بادرت الخارجية الأمريكية إلى التوضيح بأنه قرار غير ملزم، وكان ذلك لتهدئة الغضب في ديوان السفاح بنيامين نتنياهو الذي رد علي الفور بمجرد علمه بالموقف الأمريكي بسحب الوفد الذي كان في سبيله إلى واشنطن للبحث في بدائل قتل الفلسطينيين بأعداد أقل!


فرغت أمريكا القرار من عنصر الإلزام فيه رغم أن المادة 25 من ميثاق المنظمة الدولية ينص على أن جميع قرارات مجلس الأمن لها طبيعة ملزمة للجميع، وعلي الجميع، وهناك تدابير تتخذ وفق الباب السابع لمن يتمرد أو يعصى!


إسراع الإدارة الأمريكية إلى تفريغ القرار الدولى من مضمونه الملزم قصدت به تحويله إلى مجرد توصية، كتلك التوصيات التى تصدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة.. حين أصدر مجلس الأمن الدولى، مثلا، قراره رقم 338 ثم قراره 339، عام 1973 لوقف إطلاق النار بين الجيش المصرى والجيش النازي الإسرائيلي.

لم يأت في بنوده قط كلمة بموجب الباب السابع للميثاق، لأن المادة 25 ملزمة، والجميع يعرف فحوى الإلزام،، إنما حدد 12 ساعة فقط تتوقف بعدها كل الأعمال القتالية والعدائية بين مصر وإسرائيل، وكان ذلك يوم 22 أكتوبر 1973 كما ذكرت.


معنى ذلك أن الجدية والآلية كانتا متوفرتين، وأيامها كان الاتحاد السوفيتي وأمريكا هما الراعيان لذلك القرار، وبالمناسبة فإن الصين هي الدولة الوحيدة التى صوتت بالامتناع وقتها.

 

رسالة إسرائيل إلى الإنسانية

ورغم صدور قرار مجلس الأمن الأخير بوقف إطلاق النار في المدة المتبقية من رمضان، مرت منها خمسة أيام تقريبا، فإن إسرائيل لم تتوقف لحظة عن قتل الصائمين، صاموا ليس فقط احتراما للفرض الإسلامي، بل هم صائمون لأنهم بالفعل جوعى بسلاح التجويع الإسرائيلي، مشردون، يواجهون الموت كل ثانية.


تلك رسالة إسرائيل إلى الانسانية، أنها لن تتوقف عن القتل مهما كانت الضغوط الدولية، وأن أمريكا العظمى لا تستطيع أن تفرض إرادتها على القرار السياسي الاسرائيلي، بل إن وزير الدفاع الاسرائيلي قدم بالفعل قائمة طويلة بالطلبات الملحة التى تحتاج إليها آلة الحرب النازية الإسرائيلية لمواصلة قتل وإبادة الشعب الأعزل في غزة وفي الضفة.


تتحدث أمريكا عن السلام وهي تمول القتلة بالسلاح، وكأن العالم كله ليس له وزن، وكأن الفلسطينيين خلقوا لتقتلهم إسرائيل تحت الرعاية الكاملة والحماية الشاملة من جانب الولايات المتحدة.. 
 

ترى ما الذي سيجبر إسرائيل على تنفيذ القرار؟ الضغط العربي؟ كلا ولا السكر العربي كله، أقصد جزرة التطبيع، فهذا عدو خسيس قذر، لا عهد له ولا شرف، وهو دموى بطبيعته.. الضغط الدولى؟
ضغطوا بالحد الذي لا يؤذي مشاعر النازيين في تل أبيب، وأخبث المواقف حقا موقف باريس وبرلين.. 

 


من سيضغط؟ من بيده القوة والسطوة؟ هل خروج، لإستسلام حماس، يفتح المجال لوقف القتل والتدمير؟ ستعلن إسرائيل انتصارها. ولن تغادر غزة.. هل تواصل حماس القتال بكتائبها الأربعة المتبقية في رفح، حتى تدمير آخر بيت فلسطيني وقتل آخر طفل فلسطيني؟ موقف شائك وعصيب.. تطل عليه السماء بعيون دامعة!

الجريدة الرسمية