رئيس التحرير
عصام كامل

الحكمة الإلهية من الصوم

أشار الحق عز وجل إلى الحكمة الإلهية من فريضة الصوم وهي الوصول إلى تقواه سبحانه حيث يقول تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) هذا وعندما شرع الحق سبحانه وتعالى الصوم على المؤمنين كانت له تعالى حِكَم عظيمة، منها التدليل الصادق على محبته عز وجل، فعندما ينقطع العبد عن سببين من أسباب الحياة حبا وطاعة لواهب الحياة سبحانه يُعرب العبد عن صدقه وطاعته وولاءه لربه تعالى ومولاه.. 

 

والله تعالى يقول في الحديث القدسي (كل عمل إبن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به يدع شهوته وأكله وشربه من أجلي). ومنها الإرتقاء والسمو عن الحياة المادية والعالم المادي بالخروج من أسر الغرائز والشهوات وأهواء وشهوات النفس وهو ما تتزكى به النفس وتسمو وما يرقى بها إلى العالم الملائكي النوراني. 

الحكمة من الصوم

ومنها  سمو الجانب الإنساني وإرتقاء الأحاسيس والمشاعر في الوجدان لدى العبد وذلك بإحساسه بالجوع والحرمان اللذان يعاني منهما الكثير من الناس فتتحرك فيه نوازع الخير والرحمة تجاه الفقراء والمساكين.. 

 

ومنها التدريب على الصبر والتحمل حتى يقوى العبد المؤمن على مواجهة مرارات  الحياة وهمومها وما أكثرها في دار الإبتلاء. ومنها جهاد النفس وهو أعظم صور الجهاد والإنفكاك من أسر أهواءها وشهواتها. 

 

هذا وليس المعني من الصوم الإمتناع عن شهوتي البطن والفرج من فجر اليوم إلى غروب شمسه فقط. بل أن المعنى  الحقيقي للصوم هو صيانة الجوارح من المعصية بمعنى أن يضع العبد كل جارحة حيث أمر الخالق عز وجل. فيحفظ بصره من النظر إلى الأعراض والمحرمات وذلك بغض البصر. وأن يحفظ سمعه من التجسس والتصنت والإستماع إلى الغيبة والنميمة. وأن يحفظ لسانه من شهادة الزور والغيبة والنميمة والقول الفاحش البذئ. وأن يشغله بذكر الله تعالى. 

 

وأن يحفظ قلبه وصدره من الغش والخداع ويجتهد في تصفيته وتطهيره من النفاق والحياء والكبر ومن الحقد والحسد والغيرة والكراهية ومن البخل والشح والحرص والأنانية ومن حب الدنيا والتكالب عليها. 

 

 

وأن يحفظ الأكف من أن تؤذي وأن تبطش وأن تسرق وأن تمتد إلى ما حرم الله تعالى ونهى عنه. وأن يحفظ بطنه من المطعم الحرام والذي فيه شبهة وذلك بالتحري فيما يدخل فيه حتى يكن مستجاب الدعوة. وأن يحفظ فرجه من الزنا وما حرم الله تعالى. وأن يمسك قدماه عن خطوات السوء والمعصية. من هنا يتجلى المعنى والمراد الحقيقي والحكمة الإلهية من الصوم وهو صيانة الجوارح من معصية الله تعالى. وفقنا الله تعالى إلى الصيام والتحقيق بمعناه الحقيقي وكل عام وأنتم بخير.

الجريدة الرسمية