رئيس التحرير
عصام كامل

وزير التموين بين مطرقة الشعب وسندان النواب

في واقعة ليست جديدة هاجم المواطنون الدكتور علي المصيلحي وزير التموين والتجارة الخارجية أثناء افتتاحه لمعرض أهلا رمضان بشبرا الخيمة، وهو ما أدى لاضطراره المغادرة في الحال. وقد شهد المعرض تكدسا كبيرا من المواطنين للحصول على بعض السلع بأسعار معقولة وليست مخفضة في ظل حالة الغلاء الفاحش.. 

 

ولم يستطع المواطنون الحصول على ما يرغبون من سلع بسبب امتناع بعض التجارعن البيع أو عدم توافر السلع مع الوقوف ساعات طويلة للحصول على كيلو سكر أو عبوة زيت؛ مما أثار غضب المواطنين وهم في الأصل في حالة غليان من الارتفاع الشديد للأسعار فهتف بعضهم بسقوط الوزير. 

 

وبالطبع سبق وهاجم أعضاء مجلس الشعب الوزير في جلسة علنية بسبب ارتفاع الأسعار وعدم توفر السلع، مؤكدين أن الوزارة تسببت في خلق عدد من الأزمات، مطالبين الوزير بتقديم استقالته، حيث قال أحد النواب: "في الوقت الحالي كل واحد يبيع بمزاجه، فأين رقابة وزارة التموين؟ ويجب أن يكون هناك حل عملي، خصوصًا بالنسبة للسلع الأساسية التي يتحكم فيها بعض التجار في السوق السوداء"، مطالبًا بضرورة حل أزمة الحذف العشوائي من بطاقات التموين، وأن يتم إعادة الخبز للمواطنين المحذوفين عشوائيًا. 

 

كما أكد نائب آخر، أن الشعب أصبح يلفظ وزارة التموين بكامل هيئتها، ويتوجب على وزير التموين تقديم استقالته، لافتا لحالات فساد وزارة التموين، وآخرها مستشار الوزير، ما تسبب في الخلل الذي يحدث بالسوق، ونعت الوزير بالفشل، قائلا: "الموظفون في وزارة التموين تحولوا لتجار، والوزير اللي يدفع المواطن إنه يقف بالساعات علشان يأخذ كيلو سكر يبقى فاشل.. هو الوزير مستني إيه؟ أنا لو منك ألم الحقائب وأمشى بره الوزارة، الناس بتحسبن عليك لا عارف تضبط أسعار ولا توفر السلع".


وذكر نائب ثالث أن ارتباط الأسعار بالدولار أدى لانهيار الجنيه، مضيفا: "فيه ناس مش لاقية تاكل، النواب في وش المدفع فين المجموعة الاقتصادية للتعامل مع زيادة الأسعار"، وهو ما أيده أخر، مؤكدا أن وزارة التموين خلال آخر عامين أصبحت راعية للفساد بامتياز. 

الفساد في وزارة التموين

كما انتقدت إحدى النائبات انفلات الأسعار في الأسواق، مشددة: "الوزارة لا توفر حياة كريمة للمواطنين، وفاشلة في مواجهة ارتفاع الأسعار، والعام الماضي كنا ننتقد وصول كيلو اللحمة إلى 250 جنيهًا، اليوم سعر الكيلو بلغ أكثر من 350 جنيهًا، وإحنا عايزين نوفر للمواطن البسيط الفول والزيت والأرز، فلا يوجد تنسيق بين وزارتي التموين والتضامن للوقوف على خط الفقر، وأعداد المواطنين تحت خط الفقر، وللأسف الحكومة مش قادرة تضبط أسعار.. ولابد أن ترحل".


وجاء رد الوزير ليحمل سياسة الدولة كلها المسئولية وليست وزارة التموين فقط، فقد أكد أن عدم استقرار سعر صرف الدولار الأجنبي أمام الجنيه المصري سبب رئيسي في تحرك أسعار جميع السلع، ذلك مع الظروف الخارجية من جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية وما يحدث في السودان وفلسطين مما أدى إلى ارتفاع الأسعار.. 

مع إحجام بعض الدول عن تصدير منتجاتها مثل الهند وهي أكبر مصدر للأرز عالميًا أعلنت وقف تصدير الأرز هذا العام، ما أدى إلى ارتفاع أسعاره عالميًا، علاوة على ارتفاع أسعار الطاقة والتغيرات السياسية والحروب، كل هذه الأسباب أدت إلى ارتفاع كبير في الأسعار. 

 

وبالطبع الوزير صادق في ما تحدث به، فوزارة التموين لها موازنة محددة وعلى أساسها توفر السلع، فإذا أرادت الدولة توفير السلع بأسعار معتدلة فعليها أن توفر لوزارة التموين التمويل الضخم اللازم لذلك، ولسان حال وزير التموين هو اطبخي يا جارية كلف يا مدبولي أو يا حكومة، بمعنى إذا أرادت الحكومة تخفيض الأسعار وتوفير السلع فعليهم أن يوفروا الموازنة لوزارة التموين من أجل ذلك.. 

 

هذا صحيح لكن هناك وقفة مع وزير التموين ينبغي أن يراعيها، فقد ظهر الفساد في وزارته من مسئوليه الذين حجبوا السلع لصالحهم الخاص، فارتفعت أسعارها وباعوها في السوق السوداء وتربحوا، فكان من أهم أسباب الغلاء الفساد، وهذا الأمر لا علاقة له بسعر الدولار أو بالأزمات الخارجية لكن له علاقة بمتابعة ويقظة الوزير، فأين كان ومسئوليه ينهبون الشعب؟ 

 

كما أن حذف المواطنين من بطاقات التموين بصورة دورية يتم تحت سمع وبصر الوزير من أجل التوفير على حساب المواطنين، ويدعي بأن ذلك لا يحدث وهو في ذلك غير صادق، وهذا الأمر يزيد من معاناة الشعب دون أن يكون هناك دخل فيه للأزمات الداخلية او الخارجية. 

 

ونجد أن أزمة السكر افتعلتها الوزارة، فهي المسئولة بداية عن محصول القصب تشتريه من الفلاح وتحوله في مصانعها لسكر وتحدد سعره، وتنتج كميات ضخمة تكاد تحقق الاكتفاء الذاتي من السكر فلماذا ارتفعت الأسعار بصورة مبالغ فيها واختفى السكر الذي هو ملك للوزارة ؟ وقد ثبت الفساد في ذلك الملف بالدليل القاطع. 

 

 

كما نجد أن الوزير يسير بالسياسة النمطية في إدارة وزارته دون تفكير في حلول غير نمطية للتخفيف من معاناة الشعب، كما كان يفعل الدكتور خالد محمد حنفي محمود وزير التموين والتجارة الداخلية سابقًا، الذي تم إبعاده عن الوزارة لأنه انحاز للمواطنين على حساب توفير الميزانية للدولة ليرضى عنه أولي الأمر كلما وفر من موازنة وزارته.

الجريدة الرسمية