رئيس التحرير
عصام كامل

الحرب والسلاح شيء لزوم الشيء

عركة باريس وواشنطن ليس فيها ظالم ومظلوم هي بين تاجرين للموت وتشبه ردح الحواري بين امرأتين على زبون، فأمريكا اختطفت صفقة غواصات لإستراليا من فرنسا فبدا من التلاسن بينهما مدى تدهور العلاقات الدولية وتدني الخطاب السياسي والدبلوماسي، غير أن ما خفي كان هو الأخطر، فلكي تعمل مصانع الأسلحة تحتاج لمشتر وهذا الزبون لابد من حاجته لهذا السلاح، وبالتالي لابد من حرب، بمنطق الشئ لزوم الشئ..

 

 وهنا ينشط تجار الحروب بتشجيع من سماسرة السلاح ويخلقون نزاعات في مناطق قادرة علي الشراء، وهذا هو السرّ في أن أعمال وصفقات وقوة وسلطة شركات صناعة الأسلحة تبقى في الظلّ أو في الكواليس، وتبدو وكأنها تعمل في الخفاء أو خلف الكواليس. فلا نعرف الكثير عما يجري في مكاتبها وبين مالكيها، ولا نعرف الكثير عن صفقاتها وعلاقاتها بالسلطات المختلفة، كما هي حال غيرها من الصناعات..

 

 

والمصيبة أن منطقة الشرق الأوسط تعاني من شحٍّ ملموس في معايير الحرب وآليات فضّ النزاع، بالمقارنة مع مناطق العالم الأخرى. وكان من نتائج ذلك أن المنطقة تحوّلت بجميع بقاعها إلى وكر دبابير من التدخّلات العسكرية. ويقدر الخبراء أن صرف جزء صغير من أموالها يكفي لحل مشاكل الفقر والبطالة بالمنطقة.

 

لوبي شركات الأسلحة

 

وبات إمتلاك السلاح أمرًا بالغ الأهمية للدول من أجل أمنها القومي. وتُعدّ الدول ذات أكبر ميزانيات دفاع في العالم هي الأكثر تواجدًا في سوق السلاح العالمي، وبالتحديد الولايات المتحدة وروسيا والصين والمملكة المتحدة.

 

وعلى الرغم أيضًا من أن "لوبيات" شركات الأسلحة يمكنها التأثير في سياسات الحكومات حول الحرب والسلام والمصالح الخارجية وعلاقاتها. بل وتبني بعض الحكومات سياساتها على أساس ما تطلبه شركات صناعة الأسلحة وتجارتها، حتى أن بعض الرؤساء يبدون وكأنهم وكلاء أعمال لدى هذه الشركات أو باعة عاملين لديها، فتكون في أعلى لوائح زياراتهم الدبلوماسية إلى دول أخرى، عقود بيع الأسلحة وشرائها. وكلما تمكّن رئيس من عقد صفقة ضخمة لبيع السلاح فإنه يحقّق بالمقابل شعبية في بلاده ورضى من الكتل المالية والصناعية فيها، وربما يضمن انتخابه لدورة ثانية.

 

ويشرح تقرير صادر عن "مركز الاستجابة السياسية" في أميركا، الصادر بعنوان "الاستفادة من الصراع: كيف يضغط مقاولو الدفاع والدول الأجنبية من أجل مبيعات الأسلحة؟" حيث يبين كيف قامت شبكة من جماعات الضغط والمانحين وعلى رأسهم تجار الأسلحة بتوجيه 285 مليون دولار من المساهمات في الحملات الانتخابية و2.5 مليار دولار للضغط على مدى العقدين الماضيين، فضلًا عن توظيف أكثر من 200 من أعضاء جماعات الضغط الذين عملوا سابقًا في الحكومة. 

 

وأنفق خمسة من أكبر مقاولي الدفاع وهم: لوكهيد مارتن، بوينغ، نورثروب غرومان، رايثيون تكنولوجيز وجنرال دايناميكس، ما مجموعه 60 مليون دولار في عام 2020 للتأثير في القرارات السياسية وآراء الناخبين السياسية. لدرجة ان وزير الدفاع لويد أوستن، على سبيل المثال، كان عضوًا في مجلس إدارة شركة Raytheon  قبل تسلّمه السلطة في الإدارة الأميركية.

الجريدة الرسمية