تقرير مجموعة خبراء حوض النيل: "سد النهضة" خطر على مصر.. وقف أعمال البناء فورًا.. وأن تتعهد إثيوبيا رسميًا بعدم استخدام مياه السد فى الزراعات المروية.. والمراجعة الدقيقة لتصميماته الهندسية
اجتمع أمس عدد من خبراء المياه في مصر بكلية الهندسة جامعة القاهرة، وهم الدكتور محمد نصر الدين علام أستاذ الموارد المائية ووزير الموارد المائية والري الأسبق، والدكتور عبدالله صادق أستاذ هندسة الري والصرف، والدكتور علاء الدين الظواهري، أستاذ الهيدروليكا خبير السدود وعضو اللجنة الوطنية لدراسة سد النهضة، والدكتور محمد شريف المناديلي أستاذ الهيدروليكا ورئيس مجلس قسم الري والهيدروليكا، والدكتور نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية والأراضي بكلية الزراعة وخبير الزراعة والأمن الغذائي، والدكتور أحمد إمام حسن، أستاذ الهيدرولوجيا، والدكتور خالد حسين حامد، أستاذ الموارد المائية، عضو اللجنة الثلاثية لدراسة سد النهضة، والدكتور أشرف مهيب غانم، أستاذ الهيدروليكا، خبير الدراسات البيئية، والدكتور مصطفى أحمد غيث، أستاذ هندسة الري والصرف، والدكتور محمد حسن الجمل، أستاذ الهيدروليكا، والدكتور هشام بخيت محمد، أستاذ الموارد المائية، عضو اللجنة الوطنية لدراسة سد النهضة والدكتور محمد السيد أبو الحجاح، أستاذ الهيدروليكا.
جاء نص البيان الذي وقع عليه الخبراء عقب اجتماعهم بكلية الهندسة: "من منطلق ما يواجه مصر حاليا من تحديات خارجية تهدد أمنها المائى ممثلة في مخطط السدود الإثيوبية، وبدء البناء في سد النهضة دون التشاور مع دولتى المصب، فيه اعتداء صارخ على القواعد الأساسية للقوانين والأعراف الدولية.
حيث قامت مجموعة من قسم الري والهيدروليكا بكلية الهندسة جامعة القاهرة، بتشكيل ما يسمى بمجموعة حوض النيل بهدف دعم جهد الدولة وأصحاب القرار في مواجهة هذه التحديات المائية الخطيرة والمتصاعدة، من خلال إعداد الدراسات التحليلية للسدود الإثيوبية وإعداد وتطبيق النماذج المائية العددية لدراسة الآثار الجانبية لهذه السدود، وتجميع الدراسات العالمية الحديثة في هذا المجال.
كما أن المجموعة تضم أربعة من الأساتذة كان ولايزال لهم صلة مباشرة بمراجعة الدراسات الخاصة بالسدود الإثيوبية، وتقييم آثارها بالتعاون مع وزارة الموارد المائية والري منذ عام 2010، وكذلك بأعمال اللجنتين الوطنية والدولية لدراسة تداعيات سد النهضة الإثيوبي.
وقامت هذه المجموعة بتنفيذ ورشة عمل في 16ــ 4ـ 2013 في كلية الهندسة جامعة القاهرة عن التداعيات الفنية والسياسية والقانونية لبناء سد النهضة، شارك فيها العديد من أساتذة الجامعات والخبراء في التخصصات المختلفة، وحضرها ممثلون عن وزارة الموارد المائية والري وممثلون عن بعض الأحزاب وقيادات من نقابة المهندسين، بالإضافة إلى العديد من وسائل الإعلام بهدف رفع الوعى الشعبي والحكومي بما نوجهه من تحديات وتهديدات قومية.
أضاف البيان: أنه في الأيام الأخيرة طرأت على الساحة تطورات خطيرة فيما يتعلق بسد النهضة وإعلان تحويل مجرى النيل الأزرق دون حتى إخطار مصر والسودان، بالرغم من وجود رئيسي الدولتين هناك في إثيوبيا قبلها بساعات، ثم ما انتهت إليه اللجنة الثلاثية بعد اجتماعات استمرت عاما ونصف العام بأن الجانب الإثيوبي لم يقدم إلى اللجنة دراسات وافية سواء عن التصميمات الإنشائية أو الدراسات الهيدرولوجية والبيئية أو عن آثار السد على دولتي المصب.
كما أن جميع الدراسات والوثائق المقدمة من الجانب الإثيوبي ليست على مستوى التفاصيل أو الموثوقية التي تحقق أدنى معايير الدراسات العالمية المطلوبة لتنفيذ سد بمثل هذا الحجم، وهذا النقص في المعلومات وضعف الدراسات أدى إلى عدم قدرة اللجنة في تقييم مدى سلامة السد الإنشائية وآثاره السلبية على مصر والسودان.
ولذلك فإن مجموعة حوض النيل تنبه المسئولين في الدولة إلى أن مخطط السدود الإثيوبية ستكون له تداعيات اجتماعية واقتصادية وسياسية شديدة على مصر من الصعب احتواؤها أو التعايش معها، ونذكر منها ما يلى:
السدود الإثيوبية الأربعة المقترحة على النيل الأزرق، تهدف إلى التحكم الكامل في مياه النيل الأزرق، وهو الرافد الرئيسي لمياه النيل وبالتالي التحكم في حصة مصر المائية وإلغاء أو على أقل تقدير تقزيم دور السد العالى في تأمين مستقبل مصر المائى.
يضيف البيان أن سد النهضة بتصميمه الحالى بسعة 74 مليار متر مكعب سيكون له آثار سلبية عنيفة على حصة مصر المائية، وعلى إنتاج الكهرباء من السد العالي، وخزان أسوان، وذلك أثناء فترات ملء الخزان، وكذلك أثناء تشغيله وتزداد حدة هذه الآثار السلبية خلال فترات الجفاف حيث تتعارض مصالح إمداد مصر والسودان بالمياه الكافية مع تعظيم إنتاج الطاقة من سد النهضة.
محذرا البيان من تقليل الحصة المائية المصرية، مؤكدًا أن ذلك سيؤدى إلى بوار مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية وتشريد ملايين الأسر وزيادة في تلوث المسطحات المائية، ومشاكل في إمدادات مياه الشرب والصناعة ومشاكل في النقل النهرى والسياحة النيلية ويشكل تهديدا للمزارع السمكية.
وأكد البيان أن انهيار السد سيؤدى إلى نتائج كارثية تحل بالسودان ومصر تشمل انهيار سدود وغرق العديد من المدن الكبرى والقرى وتعرض ملايين الأرواح إلى مخاطر الموت والتشريد.
ويضيف البيان: نرى أن التفاوض مع إثيوبيا قد تأخر كثيرا، وأن الحل الأمثل الذي كان يحافظ على حصة مصر المائية هو منع إقامة السد، وأن أي حل وسط سيؤثر بلا شك على حصتنا المائية.
ونحن نعلم بالطبع أن إثيوبيا قد نجحت في وضع السد كحقيقة واقعة وأن التفاوض حاليا لتقليل الضرر وليس لمنعه، وفى هذا الإطار نقترح ما يلى: أن يتم إيقاف بناء السد فورا حتى يتم الانتهاء من التفاوض، وتقييم الآثار بطريقة علمية والتوافق حوله، مع العلم أن هناك بدائل أخرى يمكن دراستها تحقق فوائد مماثلة لإثيوبيا دون الأضرار الجسيمة على دول المصب.
وأن يكون الحد الأدنى للمطالب المصرية ألا تزيد سعة هذا السد على 14 مليار متر مكعب كما كان مقترحا قبل الثورة، وهذه السعة ستنتج 60% من الكهرباء المقترحة على سد النهضة وبكفاءة تزيد عن ضعف كفاءة سد النهضة الضخم وبتكلفة أقل بكثير من تكلفة إنشاء سد النهضة وبآثار سلبية أقل يمكن التعامل معها.
مشيرًا إلى أن هذه الكهرباء ستكفى احتياجات إثيوبيا الكهربائية من السد، وكذلك يفيض جزء منها للتصدير، ناهيك عن أن السد بالتصميم المقترح (14 مليارا) يحقق معظم فوائد السودان المتوقعة من سد النهضة وبالتالي يوحد وجهتي نظر مصر والسودان.
وناشد البيان: أن تتعهد إثيوبيا رسميا بعدم استخدام مياه السد في الزراعات المروية كما أعلنت مسبقا في هذا الشأن بالنسبة لأي مشروعات مستقبلية تتعهد إثيوبيا رسميا بمبدأ الإخطار المسبق، وإجراءاته التنفيذية على ضوء ما جاء في الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة عام 1977 للأنهار المشتركة.
بالإضافة إلى أن تتم المراجعة الدقيقة لكل تصميمات السد من قبل خبراء مصريين بعد الانتهاء من تعديلات أبعاده الفنية للتأكد من سلامته الإنشائية.
ويهيب البيان بغير المتخصصين عدم الخوض في تبرير فوائد وهمية أو غير ذات قيمة حقيقية لسد النهضة الإثيوبي أو التهوين من أمر الآثار الجانبية الخطيرة له بطريقة سطحية، حيث إن هذه الأمور تتعلق باعتبارات هندسية مستفيضة ومتخصصة أوضحتها الدراسات التي قمنا ونقوم بها كما أكدتها بعض الدراسات العالمية بل والدراسات الإثيوبية المقدمة للجنة الثلاثية الدولية على ما شابها من القصور.
وقال الخبراء في بيانهم: نود أن نوضح للشعب المصرى والحكومة بأن تصريحات البعض حول التفاوض مع إثيوبيا فقط، حول عدد سنوات الملء وسياسة تشغيل السد والمشاركة مع إثيوبيا، مع عدم تقليل أبعاد السد المعلنة، سيؤدى إلى الآثار السلبية الوخيمة التي ذكرناها أعلاه.
ومما لا يخفى على أحد، أن مصر طوال تاريخها لم تقف حجر عثرة أمام التنمية في الدول الأفريقية عامة ودول حوض النيل على وجه الخصوص، وتعمل على دعم المشاريع التي تحقق منافع مشتركة لشعوبها، فمصر ساهمت في بناء خزان "أوين" لمصلحة أوغندا وكينيا، ولم تمانع في بناء سد "تيكيزي" ونفق "تانا بلس" بإثيوبيا، كما لم تمانع من بناء سد "مروي" ولا تعلية سد "الروصيرص" في السودان، وغيرها من المشاريع التي تعود بالنفع على الشعوب الأفريقية الشقيقة.
واختتم خبراء المياه بيانهم: إن مصر دائما ترغب أن يظل نهر النيل مجمعا للشعوب، وليس مفرقا لهم، وأن يكون حوض النهر واحة للود والسلام، وليس ساحة للحرب والخصام".