محمد غنيم يكتب: رسالة من شاب قرر الانتحار
يقولون إنني في سن المراهقة، لا أعلم من صاحب هذا التوصيف ولا أريد أن أعرفه.
في نظرهم أنا مراهق، هل هذا يعني أنني مجنون؟!
يسخرون من اختياراتي لا تعنيهم اهتماماتي، جمعيهم يخطئون ويعبثون بحياتهم، لكنهم هم الكبار فلا حرج عليهم في أن يخطئوا مرات ومرات، أما أنا فإذا أخطأت علقوا لي حبل المشنقة.
كلماتهم تؤلمني كثيرا، هم لا يشعرون بها حين تخرج من أفواههم، سرعان ما يتناسون ما قالوه، لكنني لا أنسى حرفا مما سمعته، أحزن في صمت وأدمع في عزلتي.
من كتر ما أحبطوك تمل... فين تلقى دواك... بتودع حلم كل يوم... تستفرد بيك الهموم
لا أرى نفسي طفلًا يجهل مصيره.. وما شأنهم بمصيري؟! أنا صاحب مستقبلي وحدي أقرر من سأكون، ومتى سأصل إلى ما أريده، لكنهم الصواب المطلق وأصحاب القداسة التي لا يعتريها شبهة نقص أو خلل.
أعتقد أنهم لو طبقوا كل هذه الأوامر والتكليفات التي يريدون مني فعلها، كان سيصبح حالهم أفضل مما هم عليه، فهم عجزوا عن صنع أشياء يريدون مني أنا أن أصنعها، لا يفهمون أن حياتهم تختلف عن حياتنا، وكما أن لهم حياتهم نحن أيضا لنا حياتنا.
أتتعجب مني حين تراني أمسك هاتفي الذكي أبادله ما يجول بخاطري، قطعة الحديد هذه تشعر بي أكثر منهم، تفهمني وأفهمها وأصل بها إلى عالم غير عالمي هذا، سأختنق إن لم أتنفس شيئا من حريتي وأشكل حياتي وأرسمها كما أرى في هذا العالم.
وحيد بس وحدي وسط ألمي ومحنتي نفسي ليكوا أقول وأحكي تبقوا سندي وقوتي
دمروا مستقبلي بكلماتهم، أصبحت شخصا تافها لا قيمة له، تصورهم عني جعلني أفقد أي تقدير لذاتي، فلماذا أحيا حياتهم؟!
من أحببتها لا تراني سوى صورة مصغرة لنجمها المحبوب، يروقها تسريحة شعري ولا تنشغل باهتماماتي، يعجبها بنطالي الممزق، لا ترى دمعاتي المتيبسة عند صخر المشاعر الجليدي، تركتها وعرفت غيرها، أبحث داخلهن عن المفقود داخلي، ولا أجده.. فلمن أحيا هذه الحياة؟!
سأكتفي بهذا القدر من الحياة، وأرحل إلى عالم آخر، سيحزنون لفراقي ! أعرف، بعض الوقت وكل شيء سيعود كما كان، هكذا رأيت أحزانهم في كل من فقدوه، حتى الأحزان في حياتهم مصنوعة ليست حقيقية.
سيقولون: «مات كافرًا»، نعم فأنا كفرت بحياتهم، لهم كل الشكر على هذا اللقب الذي سيذكرونني به حتى بعد موتي.
يخشون لعبة تافهة اسمها «الحوت الأزرق»، ولا يعرفون أن مثلي ومن هم في سني لا يحتاجون إلى لعبة تدلهم على الموت، فإن كان بحياتنا ما يأخذ بأيدينا إلى الموت فسوف يحتلون المرتبة الأولى باستحقاق، إنهم أخطر علينا من «الحوت الأزرق»، هذه اللعبة ما هي إلا نتيجة بعد أسباب، ونهاية بعد بدايات، أجدهم يفتشون في هاتفي عن اللعبة، ونسوا أن يفتشوا داخلهم عن الخطر الحقيقي الذي يحيط بنا بسببهم.
اليوم.. أقرر وأنا سعيد جدا لأنني صاحب القرار، لا يهم إن كان قراري صوابا أم خطأ، الأهم أنني أقرر وأتحمل تبعات قراري، اليوم.. «قررت الانتحار» !