رئيس التحرير
عصام كامل

٥ أسباب وراء كسر أنف تمثال أبو الهول

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

أبو الهول هو تمثال لمخلوق أسطوري بجسم أسد ورأس إنسان وقد نحت من الحجر الكلسي، ومن المرجح أنه كان في الأصل مغطى بطبقة من الجص وملون، ولا زالت آثار الألوان الأصلية ظاهرة بجانب إحدى أذنيه.


يقع على هضبة الجيزة على الضفة الغربية من النيل في الجيزة، ويعد أبو الهول أيضًا حارسًا للهضبة، وهو أقدم المنحوتات الضخمة المعروفة، يبلغ طوله نحو 73.5 مترا، من ضمنها 15 متر طول رجليه الأماميتين، وعرضه 19.3 م، وأعلى ارتفاع له عن سطح الأرض نحو 20 مترًا إلى قمة الرأس، يعتقد أن قدماء المصريين بنوه في عهد الفرعون خفرع (2558-2532 قبل الميلاد)، باني الهرم الثاني في الجيزة.

رأس أبو الهول
ومن المعتقد أن تمثال أبي الهول كان محجرًا قبل أن يفكر الملك خفرع في نحته على شكل تمثال، وينظر هذا التمثال ناحية الشرق لذا قد تم تغيير الجهات الأصلية في القرن الماضي لتوافق نظر أبي الهول.

وقد اختلفت الآراء فيما يمثله هذا التمثال، فالرأي القديم أنه يمثل الملك خفرع جامعا بين قوة الأسد وحكمة الإنسان، وبعض علماء الآثار يعتقدون أن الملك خوفو هو الذي بناه حيث وجه أبو الهول يشبه تمثالا لخوفو، ولا تشبه تماثيل خفرع ومسألة من هو باني أبو الهول لا زالت مفتوحة للبحث.

ويقال إنه يمثل إله الشمس "حور-إم-آخت"، والدليل على ذلك المعبد الذي يواجه التمثال حيث كانت تجري له فيه الطقوس الدينية، وقد ظل ذلك راسخا في عقول المصريين طوال تاريخهم حيث اعتبروه تمثال للإله "حور- إم - آخت"، (أي حورس في الأفق) وهو صورة من الإله أتوم أكبر الآلهة المصرية وهو الشمس وقت الغروب، وقد زاره أكثر من ملك من الفراعنة ونقش ذلك بمناسبة الزيارة منهم (رع - مس) الثاني في القاهرة أو رمسيس الثاني، والملك توت عنخ آمون الذي أقام استراحة بجوار أبي الهول، الملك رمسيس الثاني كان قبل توت عنخ آمون حيث أن حما توت عنخ آمون هو أمنحتب الرابع الذي غير اسمه إلى إخناتون عندما نادي بتوحيد الآلهة تحت اسم الإله آتون الذي رمز له بقرص الشمس ولم تستمر تلك الديانة في مصر القديمة وانتهت بموته، حيث قاومها كهنة الإله أمون، الذي كانت عبادته شائعة في مصر وكان مركز معابده في الأقصر ومن العصر الروماني زاره الإمبراطور سيبتيموس سيفيروس.

أنف أبو الهول
كان لدى التمثال أنف طويل لكن التمثال فقد أنفه والتي يبلغ عرضها 1 متر، وهناك شائعات لا زالت تتناقل تقول بأن الأنف قد دمرت بواسطة مدفعية جنود نابليون وشائعات أخرى تتهم البريطانيون أوالمماليك أو آخرون، ولكن الرسوم التي صنعها المستكشف الدانمركي فريدريك لويس نوردين لأبي الهول في عام 1737 م ونشرت في 1755 م في كتابه "الرحلة إلى مصر والنوبة" توضح التمثال بلا أنف، وهذا ما يتفق مع رأى عالم المصريات الدكتور مهند أبو حديد.

وأشار المقريزي إلى أن أنف أبو الهول هشمها المتصوف صائم الدهر الذي كان يعيش بجوار هذا الصنم الذي كان ينظر إليه الناس نظرة تقديس في ذلك الوقت‏، وتحدث عنه على باشا مبارك في كتابه الخطط التوفيقية‏.‏

وهناك آراء أخرى لتفسير ذلك:
أن أبناء الملوك الفراعنة كانوا يتبارون عليها في الرماية، وعوامل التعرية قد تكون السبب، ويقال إنه أساسا بدون أنف، إلا أن كل النظريات اتفقت على أن السبب الرئيسي هو أن الأنف كانت أضعف نقطة في أبو الهول.

لوحة أبي الهول
عبر العصور تغطى أبو الهول بالرمال التي أزيلت عنه عدة مرات، وقد سجلت أشهر عملية إزالة على "لوحة الحلم" أمام أبو الهول مباشرة التي أمر بوضعها الفرعون تحتمس الرابع (1400-1390 ق.م) وتصف الوعد الذي تلقاه في الحلم بأنه سيصبح ملك إذا قام بإزالة الرمال حول أبو الهول، قبل أن يعتلي عرش مصر في عام 1401 قبل الميلاد.

لوحة الحلم، نموذج مصبوب من الجبس يوجد في المتحف المصري في مدينة سان جوزيه.
لوحة أبي الهول أو لوحة الحلم القائمة بين ذراعي أبي الهول ذات شكل مستطيل حافته العليا مقوسة، ويبلغ ارتفاع اللوحة 144 سنتيمترا وعرضها 40 سنتيمترا وسمكها 70 سنتيمترا، ويرى في جزئها العلوي شكلان منحوتان للفرعون تحتمس الرابع إلى اليمين وإلى اليسار يقدم قرابين إلى أبي الهول.

وقد قام علماء الآثار الأجانب بأخذ قوالبا من اللوحة وجهزوا منها قوالب من الجبس لترجمتها وتفسير ما عليها من كتابة هيروغليفية ورسومات، وتوجد إحدى تلك اللوحات التي تشبه الأصل إلى أبعد الحدود في متحف لندن.

كان أبو الهول ملهمًا للفنانين القدامى والجدد حتى أننا نجد منها ما صنع أيضا خلال القرن التاسع عشر في أوروبا وعلى الأخص في إيطاليا وفرنسا عندما بدأ صيت الحضارة المصرية ينتشر في ربوع أوروبا وأمريكا. ولكن المصريون القدماء كانوا يصنعون تماثيل مماثلة لأبي الهول في أحجام أصغر، وكمثال على ذلك فقد وضعت عدة تماثيل على جانبي الطريق الواصل بين معبد الكرنك ومعبد الأقصر. إلا أن رؤوسها كرءوس كباش وجسمها جسم الأسد وتتخذ وضعية أبي الهول، وهذا الطريق يسمى "طريق الكباش"، وأحيانا كانت تماثيل أبي الهول الصغيرة تصنع تمجيدا للملوك، مثل تمثال لأحد الفراعنة موجود في الفيوم وتمثال آخر يمثل الملكة حتشبسوت.

وتوجد عدة تماثيل مصرية على شكل أبي الهول تمثل الملوك وآلهة الشمس، وغالبا مايكون وجه التمثال ملتحيا باللحية المضفرة المصرية التقليدية كما ظهرت مخلوقات وبأفكار مشابهة في عدة حضارات أخرى بينها جنوب وجنوب شرق آسيا، كما احتل أبو الهول مكانا في فن الديكور الأوروبي بدأ من عصر النهضة.
الجريدة الرسمية