رئيس التحرير
عصام كامل

انتهى زمن الموضوعية.. «بي بي سي ورويترز» يبرزان الوجه القبيح ضد مصر

فيتو

«لا حيادية في الإعلام» كان المفهوم الأبرز الذي يُدرس في كليات الإعلام خلال سنوات ما بعد ثورة يناير، ليتم توضيح الفرق بين «الحيادية» و«الموضوعية»، وإذا كان لا مانع من أن يكون لك رأي وموقف كصحف الأحزاب مثلًا، فإنه ليس من حقك تغيير الحقائق أو التلاعب بها لأن ذلك حق القارئ.


ولأن «الحرف» صنعتنا، ودلالات الكلمات هي طريقنا لمعرفة وراء الخبر ومعرفة اتجاهات من صاغه، لم يكن غريبًا أن تخرج الهيئة العامة للاستعلامات لتنتقد وسائل إعلام عالمية مثل «بي بي سي - رويترز» بسبب التغطية غير المهنية التي يقدمونها في حوادث إرهابية مثل «الواحات - الروضة».

الهيئة العامة للاستعلامات في تفنيدها وردها على تلك الوسائل الغربية، أبرزت الكثير من الأخطاء التي وقعت فيها مؤسسات عريقة يعمل تحت لوائها الآلاف من الصحفيين في كل أنحاء العالم، وكانت الأخطاء بمقاييس تلك الوسائل «كارثية»، فالبي بي سي التي تعتبر الأخبار المجهلة في الحوادث الكبيرة «جريمة» - تقول ذلك في دليلها التحريري- وقعت في نفس الخطأ في حادث الواحات حين أعلنت عن عدد الشهداء دون أي بيان رسمي وعلى لسان مصدر مجهول.

الروضة
الأمر ذاته تكرر في حادثة «الروضة» التي وقعت يوم الجمعة الماضي حين استهدف إرهابيون مصلين داخل مسجد «الروضة» لينتج عن ذلك 305 شهداء - حتى كتابة تلك السطور - ورغم أن الحادثة أدانها قادة العالم بداية من أمريكا ومرورًا بفرنسا وبريطانيا وقيادات الكنيسة في الفاتيكان إلا أن ذلك لم يُحرك «البي بي سي» لتوصيف الحادث بـ«الإرهابي» واكتفت أن قالت إن الهجوم قام به «مسلحون».

ببساطة استخدام لفظ «مسلحين» ينفي عنهم صفة الإرهاب التي تعني الكثير، وانتزاع لفظ «شهيد» ينزع كثيرا من التعاطف مع ما يحدث في مصر وهو تعاطف يتم ترجمته في مساعدة الدول الغربية لتستطيع القاهرة دحر هذا الإرهاب.

وبعيدًا عن الصورة الذهنية للبي بي سي ورويترز كمؤسستين عريقتين في الإعلام، فإن التدقيق في محتواهما سيجد الكثير من الأخطاء التي يمكن أن تكون بشكل غير مباشر دعما كبيرا لتلك الجماعات الإرهابية، ولو عدنا إلى ما قبل 2011 فنجد مخالفة أخرى ساعدت في تدمير فلسطين وتشجيع الكيان الصهيوني.

الأمم المتحدة تُعرف أي دولة بأن هي من لها حدود واضحة سواء من ناحية الأرض أو السماء، تلك القاعدة لا تنطبق على إسرائيل التي عارضت قرار تقسيمها الصادر عام 1947 وبقيت بـ«البلطجة الأمريكية»، وإن كان تلك هي السياسة فلماذا تصر الصحافة وعلى رأسها البي بي سي ورويترز على توصيف إسرائيل بـ«دولة» رغم أن ذلك أمر غير قانوني.

تبرير
وبالعودة إلى دليل البي بي سي في تغطية الأحداث الكبرى، فإنها أشارت إلى أن لفظة «إرهاب» لم تحظَ بتعريف واحد تعتنقه الولايات أو الدول أو الثقافات على اختلافاتها، بل حتى الأمم المتحدة نفسها لم تتفق على تعريف واحد جامع مانع يمكن الالتجاء إليه والاعتماد عليه في تصنيف ما هو «إرهابي» وما هو ليس إرهابيًا في الاشتباكات المسلحة الدائرة بامتداد الكوكب.

ومن ثم فإن المؤسسة لا تصنف جماعة أو أفرادًا بأنهم إرهابيون، تاركة مهمة التصنيف للقارئ، مضطلعة هي بالإشارة لـ«المسلحين» و«الخاطفين» و«الهجمات التفجيرية» دون أن تنعت أيًا منهم بـ«الإرهاب» صراحة.

ولكن هذا الدليل نفسه شدد على صحفيي المؤسسة بإيراد اللفظ كما هو لو صدر عن «آخرين»، في إشارة لتصريحات المسئولين أو آراء الأشخاص العاديين.

هذا لم يحدث، ففي التقرير المنشور في البي بي سي بتاريخ 9 أبريل عن حادث الواحات والمعنون بـ«رئيس الوزراء المصري: الهجوم ذو طابع إرهابي» يتبرع بتغيير كلام رئيس الوزراء المصري الذي وصف الهجوم بأنه «إرهابي» لتقول إنه «ذو طابع إرهابي»، وهو تصرف أقل ما يقال عنه غير مهني وليس له علاقة بالإعلام.

مخالفة جديدة
الغريب أن تلك القواعد لم تسرى على ما حدث مثلًا في ألمانيا، ففي هجوم برلين الذي وقع في 20 ديسمبر قالت المستشار أنجيلا ميركل كما جاء في متن البي بي سي «إنها ترجح أن يكون الهجوم الإرهابي»، ورغم أن «ميركل» لم تحسم الأمر فإن البي بي حسمته حين عنونت الخبر «ميركل: هجوم برلين عمل إرهابي»ـ لتناقض نفسها مرة أخرى.
ولكن هل الكارثة كبيرة؟
لا يمكن اعتبار تلك الأمور بالحوادث الصغيرة، ولعل مؤتمرات الهيئة العامة للاستعلامات بعد كل حادث لتوضيح الحقائق جزء من إدراك ما تمثله تلك المؤسسات من سيطرة كبير على عقول ملايين العقول الغربية والتي تمثل في النهاية ضغط على حكوماتهم لمساعدة حكومة في محاربة الإرهاب مثلًا.

ما الحل

ربما الحلول ليس واضحة الآن وإن كان قيصر روسيا «فلاديمير بوتين» وجد حلًا حين وقع منذ ساعات قانون يسمح للحكومة بتسجيل أي وسيلة إعلام أجنبية تعمل في أراضيها على أنها وكيل لجهة أجنبية.

ووافق مجلس الشيوخ الروسي على مشروع القانون الذي أقره الدوما قبل تحويله للرئيس بوتين.
الجريدة الرسمية