المغرب بلاد السحر وأكثر!!
انزعج أبناء الشعب المغربي الشقيق لأن عادل إمام في أحد مشاهد مسلسله قال "ساحر كبير من مراكش"، ومصدر الانزعاج أن يتم اختزال بلاد عربية عزيزة على قلوبنا في فكرة السحر والشعوذة، ومن زار المغرب سيكتشف للوهلة الأولى أنه بالفعل في بلاد السحر والجمال والأناقة والتسامح والحب والجمال، المغرب لمن لا يعرف ومن لم يرَ هي بلاد الروحانية الصافية شعبها يتعاطى الطيبة غذاء، ويتنسم الصفاء هواء، ويرسم بتاريخه واحدة من أبهى صور التدين.
يكفيك أن تمضي في أحد الشوارع أو الأزقة لترى مسحة الطيبة تسكن الوجوه، ملامح المحبة ترسم تجاعيد الجباه.. محبة تنطق بها الشفاه، فإذا ما جلست على مقهى قديم سترى وبوضوح مجدا تليدا في مفردات عربية تلقائية تنساب من أفواههم، إنها بالفعل بلاد السحر والحب والجمال.
زرت المغرب مرة واحدة في حياتي، ومنذ هذه الزيارة وأنا أتوق إلى زيارة الأضرحة الخالدة في نفوس الناس، وأسمع القصص الصوفية الروحانية، وأجالس البسطاء في بيوتهم، وبين جدران تحوي ما هو أبعد من الحوائط وأعمق من البنايات، شعب منحه الله جمالا حين يتحدث، وجمالا حين يصمت، وبهاء حين يمشى.. أناس لا تستطيع إلا أن تذوب سحرا في مصادقتهم، وفي بساطتهم، وفي كرمهم الذي يفوق كل كرم عربي.
والمغاربة ليسوا فقراء كما يتصور البعض، المغاربة شعب يمتلك من القدرات الإنسانية ما يغرق كل أثرياء العرب، وكل ما يغدق على الأغنياء العرب، وكل ما يفوق الكرم العربي الذي نقرأ عنه في التاريخ عندما كنا عربا كراما.
والفضل للمغاربة في فترات تاريخية حمل فيها الشعب المغربي مشعل الحضارة؛ فكان رواد التنوير من قراه ومدنه، ولا تزال الصفحات تحتفظ لهم بالفضل الأكبر في نهضة عربية وإسلامية، يشع نورها في معينهم الحضاري الذي تلمحه في تصرف بسيط لفلاح في حقله، أو حرفي في ورشته، أو عامل في مصنعه.
وذكِّر فإن الذكرى قد تنفع كتاب السيناريو السطحي، فهؤلاء هم الشعب الذي شهدت لهم العسكرية المصرية بفضل الإقدام في حرب أكتوبر، عندما كانوا هنا على الضفة يقاتلون معنا.. قاتلوا فقَتلوا وقُتلوا، وكان من بينهم شهداء ومنتصرون، كانوا مثالا يحتذى في البطولة والفدائية، تحية من القلب لكل شاب مغربي يحلم بلاده ووطنه العربي بالمجد، تحية لفتاة مغربية لا تزال تجدل بما تملك من تراث ورثته أبا عن جد أنشودة لبلادها ووطنها الأكبر، تحية لعجوز يتوكأ على عصاه فجرا إلى مسجد تاريخي يدعو لأمته بالخير، تحية إلى هذا السحر الذي تملكني من زيارة واحدة، سحر ينتشلني من لحظات اليأس إلى مئذنة تطل من بعيد لتلقي على مسامعي صوت المؤذن وهو يردد: الله أكبر.. الله أكبر.