ليبيا والصومال أسعد منا يا حكومة!
يرتبط شهر مارس بالجمال والحياة والفيضان ففيه يبدأ فصل الربيع، ويعتدل المناخ ويتناثر الجمال وتتفتح الأزهار وتثمر الأشجار، ويستدل على دخول الربيع بوصول طيور السنونو وتفتح زهور اللَيْلَك.. خصوصية "مارس" جعلته شهر المرأة بامتياز، فالعالم يحتفل فيه بـ "يوم المرأة العالمي" وأيضًا "عيد الأم"، وحديثًا "اليوم العالمي للسعادة".. لكن أين نحن من هذه الأعياد على الخارطة العالمية؟
استبق الرئيس السيسي "عيد الأم" بنشر فيديو على صفحته في "فيس بوك"، وجه خلاله تحية تقدير واعتزاز للمرأة المصرية العظيمة.. والحقيقة أنه لا يترك مناسبة إلا ويبدي فيها تقديره ودعمه للمرأة ودورها المشهود.. لكن هل تترجم الحكومة ما يقوله الرئيس إلى فعل على أرض الواقع؟! مؤكد لا شيء يحدث لأن حكومة شريف إسماعيل تتخبط وتتفنن في الفشل وقهر الشعب!
كشفت الأمم المتحدة في احتفالها بيوم المرأة العالمي عن دراسة أظهرت أن المصريات والسوريات هن "أكثر نساء العرب قهرًا".. وحملت كلمة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش عنوانا "قبل أن تحتفلوا بها.. أعطوها حقوقها"، قال فيها عن المصريات إن "أكثر نساء العرب قهرا بحسب دراساتنا، هن المصريات والسوريات، فالمرأة المصرية تصادفها صعوبات وعراقيل اجتماعية واقتصادية كثيرة، إضافة إلى انتشار بعض الموروثات الثقافية التي مازالت تصر على تحديد أدوار معينة للنساء في المجتمع المصري، فضلا عن أن نسبة المتعلمات في مصر لم تتجاوز 45% في العام 2016"!!
فيما يتعلق بالسعادة جاءت مصر في المركز 15 عربيًا و120 عالميًا في "مؤشر السعادة العالمي"، وفق تقرير الأمم المتحدة لعام 2016، الذي أعدته "شبكة حلول التنمية المستدامة" وهو نتيجة تحليل الأوضاع السائدة في 157 دولة في العالم، واستند الترتيب إلى 38 مؤشرًا مختلفًا، من بينها "نظام الحكم السياسي ومستوى الفساد في المجتمع، والتعليم والصحة والأجور، وقدرة المواطن على تقرير مستقبله".. كما اعتمد ترتيب مؤشر السعادة أيضًا على 6 عوامل تشمل "نصيب الفرد في الناتج المحلي، متوسط العمر، الحرية وسخاء الدولة مع مواطنيها، الدعم الاجتماعي، وغياب الفساد في الحكومات أو الأعمال".
صحيح أن مصر تقدمت في مؤشر السعادة 15 مركزًا مقارنة بالعام الماضي، حيث كانت في المركز 135، لكنها مازالت من أكثر الدول تعاسة، مقارنة بدول أخرى تقدمت علينا مع أنها تعاني ظروفًا اقتصادية صعبة ومشكلات عدة مثل "الأردن في المركز 9 عربيًا و80 عالميًا، المغرب في المركز 10 عربيًا و90 عالميًا، لبنان في المركز 11 عربيًا و93 عالميًا، تونس في المركز 12 عربيًا و98 عالميًا".. وهناك دول أخرى تعيش حربًا وبعضها يمكن اعتباره "شبه دولة" ومع هذا فإن شعوبها أسعد منا مثل "ليبيا في المركز 7 عربيًا و67 عالميًا، الصومال في المركز 8 عربيًا و76 عالميًا، فلسطين في المركز 13 عربيًا و108 عالميًا، والعراق في المركز 14 عربيًا و112 عالميًا"!!
هذه الدول وإن كانت تعاني اضطرابًا سياسيًا، لكن مؤكد أن مستوى الفساد فيها أقل كثيرًا من الفساد في مصر، ثم أن مستوى التعليم وخدمات الصحة ومعدلات الأجور، أفضل بمراحل من مصر، وبالتالي ارتفع مؤشر السعادة لديها رغم الاضطراب السياسي!!
لم تكتف حكومة شريف إسماعيل بأننا في ذيل مؤشر السعادة العالمي، بل تريد إتعاسنا أكثر عندما ناقشت الموازنة العامة للدولة بالتزامن مع يوم السعادة.. فهذا "وزير المالية يرغب في خفض عجز الموازنة الجديدة؛ ولأنه فاشل فإن إجراءاته واقتراحاته اقتصرت على تقليص دعم المواد البترولية، ورفع أسعار المحروقات مجددًا، رغم زيادة الأسعار قبل أربعة أشهر، زيادة الضرائب وتطبيق الضريبة التصاعدية، حتى يتسنى للحكومة الإيفاء بشروط صندوق النقد الدولي، الخاصة بقرض 12 مليار دولار"..
الحكومة العاجزة عن إيجاد البدائل والحلول لا تجد أمامها إلا الشعب تحمله فاتورة الإصلاح المزعوم، وإجراءاتها الفاشلة تسبب ارتفاع يومي في أسعار كل شيء بالبلد.. لكن ما حدث في لبنان يوم الأحد ليس ببعيد، فمجرد أن أعلنت حكومة سعد الحريري عن ضرائب جديدة لتمويل "سلسلة الرتب والرواتب" حتى نزل الشعب إلى الساحات منددا وداعيا لتمويلها من "الفساد والهدر والأملاك البحرية"، ولما حاول الحريري امتصاص الغضب كان نصيبه "الرشق بالمفرقعات النارية والعصي وزجاجات المياه الفارغة"، وأمام عاصفة الاحتجاج تراجعت حكومة لبنان وقررت البحث عن مصادر أخرى للتمويل.. فهل تتعظ حكومتنا؟!