أوراق من الذاكرة!

في منتصف السبعينيات من القرن الماضي، كان قد مضى علّي في الجماعة نحو ٧ سنوات.. كنت أيامها عضوًا بالمكتب الإداري لإخوان محافظة أسيوط، وفى الوقت ذاته مسئولًا عن لجنة طلاب الإخوان بالمحافظة، وكان مصطفى مشهور عضوًا بمكتب الإرشاد، ومشرفًا على قسم الطلاب (أكثر أقسام الجماعة نشاطًا)، ومن هنا كان تعرفي على الرجل، حيث كانت لجنة القسم المركزية تتكون من مسئولي لجان الطلاب على مستوى مصر، والتي كانت تضم: محمود عزت(القاهرة)، عصام العريان (الجيزة)، صبري عرفة (الدقهلية)، ممدوح الديري(الشرقية)، محمد البحيري(المنوفية)، فؤاد عبد المجيد(كفر الشيخ)، محمد حسين (الإسكندرية)، أبوبكر محفوظ(السويس)، محمود الأسيوطي(بني سويف)، محمد حبيب(أسيوط)، وآخرين..

وقد استطعنا التواصل مع الجماعة الدينية في الجامعات المصرية التي كانت تمثل جزءًا من اللجنة الثقافية التابعة لاتحاد طلاب الجامعة.. وقد نجح طلاب الجماعة الدينية في تغيير مسماها إلى الجماعة الإسلامية.. وكنا حريصين على أن تظل على هذا الاسم، على اعتبار أنه مقبول لدى الطلاب..

عايشت مصطفى مشهور زمنًا يربو على ٢٨ عامًا، إلى أن وافته المنية في أواخر عام ٢٠٠٢.. كان أكثر الإخوان تبنيا لأفكار "البنا"، وقد بذل جهدًا كبيرًا في السبعينيات في تجميع شتات الإخوان على مستوى مصر كلها، لذا يعد المؤسس الثاني للإخوان بعد "البنا" الذي كان يصفه بأنه أمين هذه الدعوة.. والحقيقة أن الرجل لم يكن عالمًا ولا فقيهًا، لكنه كان فذا في التخطيط، والإدارة، والمتابعة، والتواصل مع الأفراد، فضلًا عن قدرته الفائقة في الدعوة الفردية.. وكشأن أي قيادة، كانت له سلبياته وأخطاؤه..

ولا شك أن وجود شخصية كالمستشار المأمون الهضيبي إلى جوار "مشهور" خلال فترة توليه منصب المرشد، عصمه من كثير من الأخطاء، فقد كان "الهضيبي" على علم وفقه وبعد نظر، ورحم الله الجميع.. كان معروفًا عن "مشهور" زهده وورعه.. وقد ادخر وقته كله للدعوة.. وفى فترات انعقاد مجلس الشورى الدولي في الخارج، كنا ننتهز الفرصة بعد انتهائنا من عملنا كي نقوم بعملية تسوق قبل الرجوع إلى مصر..

أما هو، فلم يكن يغادر المكان، ويظل الوقت كله في لقاءات مع الإخوان القادمين إليه من أفريقيا، وأوروبا، وآسيا.. وعندما يحين وقت السفر، يحمل حقيبة يده الصغيرة إلى المطار لكي يعود إلى مصر..

وفي الفترة التي أصدر فيها الرئيس الراحل أنور السادات قراره بالتحفظ على ١٥٣٦ من الشخصيات الدينية والرموز السياسية والوطنية في مصر، كان مصطفى مشهور في الخارج.. فاتصل به بعض الإخوان في مصر يوصونه بعدم العودة.. وظل الرجل في الخارج أكثر من ٥ أعوام، تجول خلالها بمعظم تنظيمات الإخوان؛ في آسيا، وأوروبا، وأمريكا..