نهاية دولة «حاميها حراميها»!
ربما كانت قضية القبض على المسئول السابق عن أملاك كفر الدوار هي الأهم في مجمل القضايا التي ضبطتها أو أحالتها الرقابة الإدارية لجهات التحقيق المختصة.. ليس لحجم الأموال المنهوبة فيها ولا لشكل الأموال المنهوبة فيها ولا طبعا لشخص صاحبها، وإنما لكونها أول قضية-وفق معلوماتنا- لمسئول ترك الخدمة.. ولأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته لذا سنقول إنه لو صحت الاتهامات فسنكون أمام أول حالة لاستعادة أموال منهوبة وأموال حرام اختطفها مسئول سابق بشكل غير قانوني، بعد أنه كان "سيادته" قد ظن-وبعض الظن إثم- أنه قد هرب بفعلته وفلت بجريمته، وأن ما جري قد جري وانتهي الأمـر، رغم أن مسماه الوظيفي أنه حارس على "أملاك" الشعب!
أهم ما في الجريمة السابقة أنها تفتح الباب أمام فتح عشرات بل مئات بل آلاف الملفات لأموال وأملاك منهوبة في بلد يتم نهبه منذ ما يقرب من 45 عاما، وزاد النهب منذ الغي الرئيس السادات الرقابة الإدارية عام 1980، وحتى أعادها الرئيس مبارك فيما بعد ضمن إجراءات ضد الفساد في بداية عهده، بدأها بقضية عصمت السادات الشهيرة لكن سرعان ما نظم الفساد صفوفه وجرف أمامه كل شيؤ ونهب كل ما استطاع نهبه!
في أغلب بلاد الدنيا يكون المسئول الشريف هو الأصل والمسئول المنحرف هو الاستثناء، بينما في الـ30 عاما الأخيرة كان العكس هو الصحيح.. تحولت "البلد" إلى مستنقع كبير للرشاوي والسمسرة والعمولات والاستيلاء على أراضي الدولة، أو تسهيل الحصول عليها، والغش في منشآت الدولة خصوصا المساجد والمدارس والمساكن الشعبية، بل وجري النهب نفسه في البنوك فنهبت نهبا أمام أعين حكام مصر، حتى أن احدهم وهو قريب جدا من شخصية رياضية شهيرة، واستولي بذاته وشخصه على ملياري جنيه عدا ونقدا-إيوه يا سيدي-2 مليار جنيه، ومنذ 20 سنة تقريبا بينما تم إلغاء العلاج في مستشفيات الفقراء، واستمر مسلسل نهب البنوك لسنوات.. وغادر إلى أمريكا الجنوبية في بلد ليس بينها وبين مصر اتفاقيات تسليم مجرمين!
صار كل شيء فاسدا.. من الالتحاق ببعض الوظائف العليا إلى الالتحاق ببعض الكليات المهمة، ضاربين مبدأ تكافؤ الفرص بالأحذية القديمة، وسحق الفقراء والمتفوقين سحقا، وضاعت أحلامهم في حقوق عادلة في وطن عادل، وشاهدوا بأنفسهم أن قيم الفهلوة والشطارة والسمعة السيئة قد تحولت إلى مسوغات الاختيار للمناصب العليا، في حين يتم التخلص من الشرفاء فخرج أحمد جويلي، وكمال الجنزوري، ونادية مكرم عبيد، وأحمد رشدي وغيرهم وغيرهم، وبقي يوسف بطرس غالي، ويوسف والي، وغيرهم وغيرهم!
باختصار: لم نكن لـ30 عاما في دولة.. كنا في خراب شامل.. تسبب في تغول الفساد حتى صار أسلوب حياة، ولذلك سنحتاج وقتا للتخلص منه ،أو على الأقل إعادته كاستثناء وليس كأصل، وهو ما بدأ بالفعل بعد تولي الرئيس السيسي مسئولياته.. ولذا فالأهم على الإطلاق في القضية المذكورة هو فتح ملفات السابقين، وقد ظنوا مثل الزبون المذكور-وبعض الظن إثم -إنهم هربوا بجريمتهم.. ولذا ننتظر ملفات وملفات لمسئولين سابقين يقضون اليوم إجازاتهم يستمتعون بالمال الحرام-مال الشعب- لتحوله الرقابة الإدارية عليهم نارا في الدنيا كما توعدهم ربنا بأنه نار عليهم في الآخرة!