رئيس التحرير
عصام كامل

الإسلام.. الذي نفهمه


الإسلام ليس دين كهنة ولا كهنوت، إذ إنه لا واسطة بين العباد وربهم "وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب أجيب دعوة الداعى إذا دعان"، ولا أحد يملك حق التحدث نيابة عن الله؛ وكل إنسان -مهما علا قدره وعلمه- يؤخذ منه ويرد، إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم.. وليس في الإسلام رجل دين، وإنما رجل علم، وهناك فارق بينه والدين نفسه، أي القيم المنزلة على الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم.. إن الجماعات الموجودة على الساحة هي جماعات من المسلمين، ولا تزعم جماعة منها أنها "جماعة المسلمين"، أو تدعى احتكارها الإسلام.. هي فقط تعرض فهمها "الإسلام" الذي يتفق أو يختلف مع فهم الجماعات الأخرى، وأن قيادات أو أشخاص هذه الجماعات ليسوا أصحاب عصمة أو قداسة وإنما هم بشر يصيبون ويخطئون..


ولا شك أن الهدف الأسمى من بعثة الأنبياء والرسل الكرام إلى الناس هو عبادة الله تعالى وحده "أن اعبدوا الله ما لكم من إله غيره"، وإقامة العدل باعتباره جوهر الشريعة الإسلامية "إن الله يأمر بالعدل والإحسان"، "ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى"، "وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى".. وغنى عن البيان أن الشريعة الإسلامية لا تعمل في فراغ، وإنما في وجود مناخ إيمانى، بل هي في الحقيقة تهيئ لإيجاد هذا المناخ، ليس قهرًا أو قسرًا، وإنما بالحكمة والموعظة الحسنة حتى يتحقق القبول والرضا، فالهدف هو تكوين وصياغة المجتمع الذي ترقى فيه منظومة القيم الأخلاقية والإيمانية والإنسانية إلى أعلى درجة ممكنة، فضلا عن الأخذ بأسباب النهضة والتقدم في كل مناحى الحياة.. ثم أن الحرية من أعظم فرائض الإسلام؛ وهى مقدمة على الشورى، إذ لا شورى دون حرية؛ كحرية الفكر، والتعبير، والنقد، والتملك، والانتقال، والتجمع.. إلخ.

وليس أدل على قيمة الحرية من أن الإسلام لا يُكره أحدًا على الدخول فيه أو الانتساب إليه، فقال تعالى: "وقل الحق من ربكم، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"، "لا إكراه في الدين"، "ولو شاء ربك لآمـــن من الأرض كلهم جميعا، أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين".

ولا يمنع الإسلام من وجود تعددية سياسية، إثراءً للرؤى والأفكار من جانب، وتحقيقًا لمبدأ تداول السلطة من جانب آخر، بما يؤدى إلى نهضة المجتمع وتقدمه.. كما أنه يحض على ضرورة وجود مؤسسات للمجتمع المدنى كالنقابات المهنية والعمالية، والجمعيات الطوعية والأهلية، وذلك من باب "وتعاونوا على البر والتقوى".. إلى جانب ذلك، المؤسسات الإعلامية التي تقوم بمتابعة وتغطية الأحداث بصورة شفافة ونزيهة، من الأمور المهمة لإحاطة الرأي العام بالمعلومات الضرورية؛ سياسيًا، واقتصاديًا، واجتماعيًا، وثقافيًا، بما يجعله متصلا وواعيًا بما يجرى على الساحة.
الجريدة الرسمية