بالصور.. في رحاب السيد البدوي (5).. تفاصيل ليلة التحرش الكبرى.. حكاية مجاذيب الحضرة الإلهية.. حقيقة «ليلى» معشوقة المريدين.. وامتلاك الصوفيين أسرار السعادة
مضى قطار الوقت على غير عادته.. مسرعًا؛ وها نحن نصل إلى جولتنا الأخيرة من سلسلة حلقاتنا التوثيقية: «في رحاب السيد البدوي»، والتي نوثق فيها توافد مئات الألوف من أبناء الطرق الصوفية إلى مدينة طنطا التابعة لمحافظة الغربية، للاحتفال على مدى سبعة أيام بدأت في الرابع عشر من أكتوبر المنقضي وحتى الحادي والعشرين من الشهر ذاته بمولد شيخ العرب؛ نقلنا لكم في حلقاتنا الأربعة السابقة تفاصيل الحياة اليومية للدراويش والمريدين، ووقفنا على الأسباب التي تجعلهم يؤكدون أنهم دولة تحكم مصر، واعتقادهم أن الله أجرى على أيدي السيد البدوي كرامة إحياء الموتى، وسلطنا الضوء على مظاهر التفخيم والإجلال التي يحيط بها بعض المشايخ أنفسهم وكأنهم السادة وما سواهم العبيد، ورصدنا طقوس «الزفة» و«مليونية الحب»، وتجولنا بمنطقة «سيجر» أو الساري الأحمدي أول منطقة أقيم بها الاحتفال بمولد أبا الفتيان منذ 763 عامًا ورصدنا كيف تحولت من مركز استثماري وتجاري عالمي إلى مدينة ملاهي مهملة جراء افتقاد مسئولي محافظة الغربية للرؤية الاقتصادية؛ وغير ذلك من التفاصيل التي سردناها في حلقاتنا السابقة.
اقرأ أيضًا.. دولة الدراويش تحكم مصر
واقرأ أيضًا.. حقيقة إحياء شيخ العرب الموتى
واقرأ أيضًا.. مليونية الحب تجوب شوارع طنطا
واقرأ أيضًا.. السادة والعبيد في ساحات الصوفيين
في حلقتنا الخامسة والأخيرة نوثق حفل الشيخ محمود ياسين التهامي - نقيب المنشدين؛ والذي بدأ في الحادية عشرة مساء الخميس، واستمر حتى الساعات الأولى من صباح الجمعة الثاني والعشرين من أكتوبر، ونرصد استغلال بعض الذئاب البشرية للزحام وقيامهم بأعمال منافية للأخلاق؛ ورفض بعض الأتباع والمريدين مغادرة ساحة المسجد الأحمدي والبقاء حتى إحياء احتفال ليلة الجمعة التي يطلقون عليها «الليلة الكريمة» ورحيل الآخرين إلى مدينة دسوق للمشاركة في موكب الطرق الصوفية إيذانًا ببدء احتفالات مولد العارف بالله الشيخ إبراهيم الدسوقي، رابع أقطاب التصوف.
الحادية عشرة إلا الربع مساء الخميس الحادي والعشرين من أكتوبر.. قطعنا جولتنا داخل منطقة «سيجر» أول مكان أقام فيه تلاميذ وأتباع السيد البدوي الاحتفال بمولده وعدنا إلى ساحة المسجد الأحمدي لنوثق حفل الشيخ محمود ياسين التهامي، وفي طريق عودتنا كنا نظن أن طنطا أغلقت أبوابها في وجوه الوافدين مكتفية بالمليونين ومائة ألف شخص الذين حضروا لإحياء احتفالات الليلة الختامية بمولد شيخ العرب.. ولكننا كنا واهمين.
المشهد كان خياليًا لأبعد الحدود، مئات الألوف من الأجساد تتدافع بل تتصارع - إن شئت وصفًا دقيقًا - للظفر بشيء مجهول، فمن أراد أن يقف لالتقاط الأنفاس يدفعه المتزاحمون للسير رغمًا عن أنفه، ومن أراد السير تعترضه موجة بشرية ثائرة فتشل حركته.. لا أحد يملك إرادة الاختيار أمام حركة المتدافعين التي تشبه الأعاصير، وتود لو تقتلع المسجد بالضريح بمدينة طنطا عن بكرة أبيها؛ وكأن كل الحوامل في مصر ولدن ودفعن بأطفالهن إلى رحاب شيخ العرب وكبر الأطفال على غير العادة وتزاحموا مع الزائرين، ووسط هذه الأجواء التي ضاقت بها نفوسنا ذرعًا.. وقع ما كنا نخشاه.
نصب الشيخ محمود التهامي، قامته فوق المسرح الذي أعد له لإحياء حفل الليلة الختامية وأخذ يردد الأدعية ويهدي السلام إلى أعلام الصوفية الأوائل، قبل أن يشدو بأنشدوته الشهيرة: «قمر سيدنا النبي.. قمر»؛ ولكن الأجواء لم تكن ملائمة للسماع بل كانت فرصة سانحة للذئاب البشرية الذين رأيناهم يتحرشون بكل النسوة اللاتي ساقهن القدر للتواجد وسط هذه الجموع الغفيرة على مرأى ومسمع من الجميع الذين كان بعضهم يتمايل غير عابئ بما يحدث، والبعض الآخر مثلنا يسعى لإيجاد مهرب ينقذه من التواجد وسط هذه الدوامة البشرية.
كان الأمر غريبًا.. فالمتحرشون يأتون بأفعالهم الدنيئة دون خوف أو استحياء وبعض النسوة يصرخن ويستغثن بمن حولهن من الرجال، ولكن لا أحد يجيب أو يهب لإغاثتهن، وبعضهن ظهرن مستمتعات بما يُفعل فيهن حتى إننا رأينا هذا النوع الأخير كلما دفعتهن الأجساد للخروج من الزحام عدن إليه مرة أخرى؛ ووسط كل ما يحدث جاءني صوت زميلي محمد متعب يقول لي: «ما ينفعش نسمي اللي بيحصل ده بالليلة الكبيرة للمولد.. الأصح نسميه الليلة الكبيرة للتحرش، قلت: عندك حق؛ بس أنا شايف إننا نحاول نخرج من هنا في أسرع وقت وبأي طريقة»، وبالفعل ظللنا نصف ساعة نبحث عن مخرج كنا خلالها نستخدم طريقة الدفع العشوائي لكل ما يقابلنا.. حتى خرجنا بسلامة الله.
خارج أسوار المسجد الأحمدي كان المشهد مختلفًا.. الزحام أقل وطأة من الداخل، ورجال الأمن يراقبون ما يحدث من بعيد ولا يجرؤون على الاقتراب من ساحة المسجد، غابت الذئاب البشرية لتفرغهم لمهامهم الشيطانية في الداخل، وعاد الدراويش في الساحات المجاورة للمسجد يتمايلون بنشوة وسعادة لم نلمسها على وجوه المتأملين بالداخل؛ وكان من الطبيعي أن نفقد وسط كل هذا مرافقنا الشيخ سعيد، الذي توارى عن أنظارنا منذ اللحظات الأولى لخوضنا معركة توثيق حفل الشيخ محمود التهامي، وكان قرارنا أن نمضي ما تبقى من ساعات الليلة الختامية بجوار الساحات الخارجية انتظارًا لرفع أذان الفجر وانصراف المحتفلين.
مر الوقت سريعًا، وأنهى الشيخ محمود التهامي حفله في الثالثة فجرًا، وبدت ساحة المسجد الأحمدي خاوية على عروشها ولم يتبق فيها من المحتفلين سوى العشرات الذين جلس بعضهم بمفرده متدثرًا برداء أبيض يقيه نسيم الفجر شديد البرودة، وتحلق الآخرون مستمعين إلى حكايا بعضهم البعض؛ ووسط هذا الهدوء جاءنا من بعيد صوت مرافقنا الشيخ سعيد، قائلًا: حمدا لله على السلامة؛ قلنا مداعبين إياه: أنت هربت وسبتنا يا شيخ سعيد؛ أردف: أنا راجل مريض ومش حمل الزحمة؛ سألته: هو كده المولد أنفض ولا في حاجة تاني؟؛ أجابني: لسه فاضل إحياء ليلة الجمعة الكريمة أو اليتيمة.
سألته ونحن ننظر إلى بائع «غزل البنات» يحث بقية المحتفلين على الشراء منه: ما أعرفه أن برنامج الاحتفال بمولد السيد البدوي ينتهي فجر الجمعة الثاني والعشرين من أكتوبر وفي الصباح يرحل المتواجدون إلى مدينة دسوق التابعة لمحافظة كفر الشيخ للمشاركة في الاحتفال بمولد العارف بالله الشيخ إبراهيم الدسوقي؟، أجابني: البعض يرحل إلى دسوق والأكثرية يبقون في طنطا للحفاظ على موروث قديم، قلت: أي موروث هذا؟، قال: في أول عام احتفل خلاله مريدو وأتباع شيخ العرب بمولده منذ 763 عامًا؛ ظلوا في مدينة طنطا سبعة أيام، وفي اليوم الثامن خرج في وداعهم الشيخ عبد العال «الخليفة الأول للسيد البدوي» وكثير من أهالي المدينة، وعاد الجميع إلى منازلهم في المساء، ومنذ ذلك الحين اعتبر أهل طنطا استمرار الاحتفال لليلة الثامنة والعشرين موروثًا يجب الحفاظ عليه، واسموه بـ «الليلة الكريمة» التي أكرم فيها أجدادهم الوافدين إليهم، وبمرور الأعوام شاركهم المريدون احتفالات هذه الليلة، وأطلقوا عليها «الليلة اليتيمة» حزنًا منهم على انتهاء برنامج المولد.
طلبت من مرافقنا، التوقف عن إكمال حديثه، مشيرًا إلى رجل يسير في اتجاهنا وهو ممسك بيد زوجته التي علت الابتسامة وجهها غير عابئة بارتداء زوجها زيًا غريبًا؛ قائلًا: ده «راندفو» دراويشي يا شيخ سعيد؟، فأجاب: بل هؤلاء مجاذيب الحضرة الإلهية الذين وصفهم الشيخ محمد متولي الشعراوي بأنهم «موازين التكامل في الكون»، أردفت: دعك من التحدث بلغة الإشارة؛ استطرد قائلًا: هذا الرجل وزوجته وملايين مثلهم يملكون سر السعادة؛ قلت: وما هو هذا السر؟، قال: العشق.. فقد أبرأهم حبهم للمولى عز وجل من ذنب الكراهية وغدت الابتسامة لا تفارق وجوههم والسكينة لا تهجر قلوبهم؛ تساءلت: لماذا يحلو للصوفية دومًا التحدث من منطلق أنهم دون غيرهم المالكون لأسرار العشق الإلهي؟، قال: الحب غايتنا ونشره بين الناس رسالتنا؛ وإن تفاخرنا بأننا حاملي راياته فلا عيب في ذلك، خاصة أننا نسير على النهج الذي أوضحه لنا مشايخنا، وأنشد أبياتًا للسيدة رابعة العدوية:
عرفت الهوى مذ عرفت هواك وأغلقت قلبي عمن سواك
وقمت أناجيـك يا من تـرى خفايا القلوب ولسنا نراك
أحبك حبين حب الهـوى وحبًا لأنك أهـل لـذاك
فأما الذي هو حب الهوى فشغلي بذكرك عمن سـواك
وأما الذي أنت أهل له فكشفك لي الحجب حتى أراك
فلا الحمد في ذا ولا ذاك لي ولكن لك الحمد في ذا وذاك
ألم تسمع حديث المولى عز وجل مع نبيه يحيى بن زكريا - عليهما السلام – عن الأولياء، قلت: لم أقرأه.. فلتقصه علىَ؛ فأردف: روي أن الله تعالى أوحى إلى يحيى بن زكريا - عليهما السلام: «إني قضيت على نفسي أن لا يحبني عبد من عبادي أعلم ذلك من قلبه إلا كنت سمعه وبصره ولسانه، وأبغض إليه كل شيء وأمنعه شهوات الدنيا ولذاتها وطيب عيشها، وأطلع عليه في كل يوم سبعين مرة وأزيد له كل ساعة لذائذ حبي وحلاوة أُنسي، وأملأ قلبه نورًا مني حتى لا يشكو الألم، وأسمع خفقان قلبه من الشوق إلى لقائي والخوف من قطيعتي وهو يقول: حقيق عليّ أن لا يسكن قلبي حتى أصل إليك يا ربي؛ يا يحيى: وكيف يسكن قلب المشتاق وأنا غاية مُنيته ومنتهى أمله وهو كل ساعة يتقرب إليّ وأتقرب إليه وأسمع كلامه وأعلم أسفه وأحب صوته؟، فوعزتي وجلالي، لأنقبنه يوم القيامة منقبًا يغبطه عليه الأولون والآخرون، ثم آمر مناديًا فينادي من تحت عرشي: هذا فلان ابن فلان ولي الله وصفيه، دعاه الله ليُقر عينه، ثم آمر برفع الحجاب حتى ينظر حبيبي إليّ، وأقول: السلام عليك عبدي ووليي أبشرك؛ يقول راوي الحديث: فغشي على يحيى ثلاثة أيام، فلما أفاق قال: سبحانك سبحانك ما أكثر توددك إلى أوليائك وأصفيائك، لا يفصل عنك الأمل يا خير صاحب وأنيس، فنعم المولى أنت ونعم النصير».
قلت: في أي الكتب ورد هذا الحديث؟، قال: حفظناه مشافهة من صدور مشايخنا، أضفت: ولكني لا أتحدث عن أولياء الله أنا أقصد المجاذيب الذين يصفهم غالبية الناس بـ «المجانين»؛ أردف: وصف الحالة التي تعتري المجاذيب والتي تجعلهم يرتدون ثيابًا غير مألوفة للعامة ويأتون بتصرفات غريبة نوعًا ما.. تحتاج لتفصيل أكثر، فالجنون - كما يتصور الكثيرون - لم يُصب المجذوب، وكل ما في الأمر أن انغماسه في بحور المحبة طغا على سلطان عقله وفاضت عاطفته من القلب فملكت حياته، وأصبح غير مهتم بما يقوله البشر عنه وغير عابئ بنظرات الازدراء التي يرمقونه بها؛ هو مشغول دومًا بـ «ليلى» عشقه الأول والأخير.
قلت: هل سلبت «ليلى» عقول المجاذيب فصار الواحد منهم مثل مجنون بني عامر؟، قال: نعم.. مع الاختلاف في التشبيه، فنحن معشر الصوفية نرمز لـ «لا إله إلا الله»، كلمة التوحيد بـ «ليلى» التي يرتقي المريد حين يكثر من ذكرها إلى أول درجات الوجد والمحبة الخالصة، وهذا الاسم هو مجرد رمز لا يقف المجذوب عند صفاته المادية بل يتجاوزها متخذًا من روحه مطية للارتقاء فيدور حول «ليلى» كما النجم التائه؛ التزمت الصمت قليلًا ثم أردفت: ليس هذا وقت الغوص في ألغاز الفلسفة الصوفية؛ لنعد إلى حديثنا الأول ولتصف لي ما يحدث في الاحتفال بـ «الليلة الكريمة»؛ أجابني: برنامج الاحتفال يبدأ عقب صلاة عصر الجمعة حين يمتطي خلفية الطريقة الأحمدية جواده، ويسير من خلفه المريدون في شوارع طنطا ثم في المساء تختتم الفعاليات بشدو عميد الإنشاد الديني الشيخ ياسين التهامي، وبعدها يغادر الجميع إلى مدينة دسوق لحضور مولد العارف بالله الشيخ إبراهيم الدسوقي، والذي تربطه صلة وطيدة بالسيد البدوي.
أشرقت شمس الجمعة الثاني والعشرين من أكتوبر، وبعثت أشعتها الدفء لأجسادنا المرتعشة من نسيم الفجر شديد البرودة، وسألت مرافقنا ونحن نترجل وسط المفترشين لساحة المسجد الأحمدي: ما طبيعة الصلة التي تربط الشيخان؟؛ أجاب: السيد أحمد البدوي وسيدي إبراهيم الدسوقي؛ استقرا بمصر في نفس التوقيت، الأول سكن طنطا والثاني اتخذ من دسوق موطنًا له، وكانت تجمعهما صلة وطيدة وبينهما مراسلات عديدة ينقلها مريدو كل واحد منهما للآخر، ومن أشهر هذه المراسلات ما بعث به شيخ العرب لـ «الدسوقي»: «أما سمعت وعلمت أننا أخذنا العهود والمواثيق على بعضنا.. أما سمعت وعلمت أن الله حرم خير الدنيا والآخرة على من يفرق بيننا.. أما سمعت وعلمت أن الله لعن من يقول أنا على طريقة وأنت على طريقة.. أما سمعت وعلمت أن الله يفتح على من لم يفرق بيننا»؛ وهذا يدل على قوة الرابطة الروحية التي كانت تجمع بين هذين القطبين والتي تظهر أيضًا في اشتمال حزب الدسوقي الكبير على كلمات كثيرة من حزب السيد البدوي.
جاوزت الساعة الثامنة والنصف صباحًا؛ وحمى وطيس أشعة الشمس للحد الذي جعل كبار السن يظللون بأرديتهم على رءوسهم هربًا منها، وفي هذه اللحظات دار بيني وبين زميلاي: أحمد سليمان ومحمد متعب، نقاشًا حول: هل نبقى في طنطا حتى المساء لنرصد احتفالات الصوفيين بـ «الليلة الكريمة» أم نغادر إلى دسوق بمحافظة كفر الشيخ لتوثيق خروج مسيرة أبناء الطريقة البرهانية عقب صلاة الجمعة إيذانًا ببدء الاحتفال بمولد العارف بالله إبراهيم الدسوقي.
استيقظ المريدون من نومهم وبدت أعدادهم في تزايد مستمر، وهو من زاد من حيرتنا: نغادر أم نبقى؟، ولأن مسيرة الصوفيين بمدينة دسوق، يشارك فيها وفود من جميع محافظات مصر وهو ما يُعد حدثًا نادر التكرار في الموالد والاحتفالات الصوفية فقد اخترنا مغادرة طنطا؛ متوجهين بجزيل الشكر للشيخ سعيد، الذي أمدنا بالكثير من المعلومات التاريخية وساهم في تسهيل مهمة توثيقنا لمولد السيد أحمد البدوي والتي نقلناها لكم على مدى خمس حلقات تحت عنوان: «في رحاب السيد البدوي»؛ وكما يقولون كان مسك الختام لهذه الرحلة الجملة التي ودعنا بها مرافقنا: «كلما خالطت الناس ازددت يقينًا أن الأخلاق مثل الأرزاق تمامًا.. هي قسمة من الله فيها غنى وفيها فقير».