الأزمة تتصاعد بين القاهرة والرياض والسيسي يشترط الاعتذار (تحليل إخباري)
المجاملات الدبلوماسية لم تعد مجدية.. الأزمة المصرية السعودية تتصاعد وباتت ترى بالعين المجردة بدون مواربة، دخلت العلاقات في نفق الخلافات في ظل سعى المملكة إلى جر مصر إلى صف التبعية التي اعتادت الوقوف في مقدمته ترسل الإيماءات بالموافقة أو الرفض على القرارات المهمة المتعلقة بأمن المنطقة.
حديث الخلاف بين الطرفين بات وجبة دسمة للصحافة العربية والغربية، يتحدث عنه الجميع في الكواليس ويتعفف القادة عن خروجه للعلن حرصا على "شعرة معاوية" وخشية تحول الخلاف إلى قطيعة أو طلاق، الظروف التي تمر بها المنطقة برمتها لن تحتمل خروج الملك ليعلنها صراحة، والرئيس لن يكشف الغصة التي في نفسه، بهدف تفويت الفرصة على المتربصين بين الشقيقين.
أزمة أرامكو
ربما يكون قرار شركة نفط "أرامكو" بإيقاف مخصصات مصر البترولية المرآة الوحيدة الصادقة التي تعكس الخلاف مكتمل الملامح، متحديا البيانات الدبلوماسية.
الناظر إلى رأس الحقيقة التي تصدر القرارات في أرامكو السعودية، يفهم جيدا أن الأزمة سياسية وليست اقتصادية، فالفاعل داخل المنظومة النفطية السعودية هو الأمير محمد بن سلمان ولى ولى العهد السعودي شخصيا.
واتخاذ قرار هام بهذا الشكل في حق دولة بحجم مصر لابد أن يسانده صاحب مقام رفيع بالمملكة فلن يجرؤ أي مسئول على اتخاذه بدون مباركة سامية.
سوريا واليمن
الحرب على اليمن التي أثبتت فشله، كانت على رأس قائمة الخلافات بعد تحفظ مصر على خوضها خشية تقسيم البلاد هناك وسقوطها بيد إيران في نهاية المطاف، وأثبتت الأيام صحة وجهة نظر القاهرة، وبالأمس فقط أعلن وزير الخارجية الأمريكى جون كيري اعترافه بميلشيات الحوثى، علاوة على تنديد بريطانيا بالحرب على صنعاء وخروح حديث غير مريح حول تورط المملكة في جرائم حرب.
سوريا هي الأخرى التي مثلت حجر الهرم الساقط في العلاقات بين الحليفين التاريخين، سعت الرياض لدفع القاهرة للوقوف في صف مباركة دعم ما تسمي المعارضة المعتدلة، بينما رأت مصر أن بقاء الدولة السورية متماسكة صمام أمان أمام انفراط عقد دول المنطقة ووقوعها واحدة تلو الأخرى في مخطط التقسيم.
تطاول مدني
خلافات الكبار استغلها الصغار وبدأت حملات إعلامية وتصريحات غير مسئولة تخرج من الصغار بالرغم من تمسك القادة بالتقاليد والأعراف الدبلوماسية في الخلاف الأخوي، ومثلت تصريحات إياد مدنى الساخرة بحق رأس الدولة المصري سقف الإهانات التي بدأت تخرج عن صغار المسئولين والإعلاميين.
صحيح أن أمين عام التعاون الإسلامى تم تنحيته عن منصبه لاحتواء الموقف، لكن يبدو أن نهج الرياض لم يتغير واستمرت خطة العقاب الاقتصادي من خلال النفط ورفض تمويل قرض صندوق النقد الدولى، الذي عوضته الصين والإمارات.
طلب الاعتذار
وسط الضباب الذي سيطر على سماء العلاقات وتزامنا مع تسرب تقارير صحفية حول وساطة خليجية لرأب الصدع، وسارعت صحيفة "ميدل إيست مونيتور" البريطانية المعروفة بموالاته للتنظيم الدولى لجماعة الإخوان، وتبينها تقارير تحمل فيض من الأكاذيب ضد النظام المصري بصوت غربى، لاستغلال زيارة ولى عهد أبو ظبى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لتنسج تقرير حول قيامه بوساطة بين القاهرة والرياض، وتزعم حصولها من مصدر مجهل على معلومات تفيد باشتراط الرئيس عبدالفتاح السيسي تقديم السعودية اعتذار رسمي لطى صفحة الخلافات، بالرغم من عدم تأكيد المعلومة على لسان مصادر رسمية مصرية أو خليجية.
نفى قطان
تقرير الصحيفة البريطانية لا يخلو من نظرية المؤامرة بهدف إفساد تدخل الأشقاء لترميم الشرخ الذي طرأ على جدار العلاقات المتماسك، والسعى إلى تعقيد الأزمة ودفع الأطراف إلى مرحلة العناد، وبالفعل روجت بعض وسائل الإعلام خبرا حول زيارة وفد رسمي سعودي للقاهرة، الأمر الذي دفع السفير السعودي لدى القاهرة أحمد القطان لنفى هذه الأنباء ومطالبة وسائل الإعلام بتحري الدقة في نقل الأخبار.
سحابة صيف
المراقبون للشأن الإقليمي يدركون جيدا أن علاقات الأشقاء تشوبه بعض الخلافات بين الحين والآخر، لكنها في نهاية المطاف تقف على عتبة التفاهم العائلى ومن المؤكد أن الأزمة العابرة بين مصر والسعودية مجرد سحابة صيف سببتها الفوضى الإقليمية وتضارب الملفات وتدخل قوي خارجية تسعى لتقسيم دولها وتفكيك تحالفاتها الإقليمية.. أزمة الاقتصاد المصري لن تدوم وتورط السعودية في اليمن مصيره إلى الزوال ولن تبقى سوى مصلحة الأمة تعلو فوق جميع الخلافات.