باحثون يحددون كمية الماء التي يحتاجها الجسم يوميا
يختلف العلماء في الكمية التي يجب أن يشربها الإنسان من الماء يوميًا، وحتى إن بعضهم وضع ما يسمى بـ"قاعدة اللترين" لتحديد هذه الكمية.
دراسة أسترالية تخلص إلى نتيجة تغير نظرتنا إلى هذه القاعدة وصحتها، يحمل الكثير من الأشخاص قنينة مياه الشرب في حقائبهم حين يذهبون للعمل أو يقصدون مكانًا ما، أو يضعوها على جانب فوق طاولة العمل فشرب الماء يبقى ضروريًا للصحة، وللجسم البشري عمومًا، وإذا شربنا منه كمية قليلة، فإن ذلك يؤدي إلى عرقلة الأيض وخفض الأداء البدني والعقلي.
يختلف الباحثون والأطباء حول كمية الماء الضرورية التي يحتاج إليها الجسم يوميًا منذ مدة طويلة، وصحيح أن الكمية قد تختلف بعض الشيء بحسب بعض العوامل كمناخ المنطقة التي يعيش فيها الإنسان، وكبنية الجسم، إلا أن من الشائع أن الكمية الموصى بها طبيًا هي 2.2 لتر للمرأة يوميًا، ونحو 3 لترات للرجال، كما يفيد القسم العلمي في مجلة "فوكوس" الألمانية.
بيد أن البعض لا يلتزم بهذه الكمية معتبرًا ربما أن الأمر مبالغ به، وهذا ينطبق في المقام الأول على الأشخاص الذين لا يبذلون جهدًا جسديًا أو لا يتعرقون كثيرًا، فالشرب دون الشعور بالعطش، وإنما فقط للالتزام بالمعايير الصحية، يبدو نوعًا من الإجبار الذي لا يرغب فيه البعض.
ولكن هل يمكن أن يكون شرب الماء إجبارًا ودون الشعور بالعطش صحيًا فعلًا؟. تنقل مجلة "فوكوس" الألمانية عن باحثين أستراليين درسوا هذه المسألة، قولهم إنهم توصلوا خلال بحوثهم إلى أن القواعد الشائعة المتعلقة بالكمية التي يجب أن يشربها الإنسان يوميًا يمكن مخالفتها.
وفي هذه الدراسة جعل الباحثون في جامعة موناش الأسترالية مجموعة من الأشخاص يشربون كثيرًا من الماء في موقفين مختلفين: بعد الشعور بالعطش إثر التمارين الرياضية، أو بدون الشعور بالعطش في وقت متأخر من النهار.
وفي كلا الوضعين سُئل الأشخاص عن شعورهم عند شرب الماء وتقييمهم له، فكانت النتيجة أن المشاركين في الاختبار قدروا شرب الماء دون الشعور بالعطش بأن أصعب أكثر مرات من صعوبته عند الشعور بالعطش إثر التمارين الرياضية التي تبعث على التعرق الغزير.
وبواسطة التصوير بالرنين المغناطيسي فحص الخبراء ما يحدث في المخ قُبيل الشرب، سواء نتيجة الشعور بالعطش أو بدونه. ولاحظوا أنه عند الشرب دون الشعور بالعطش نشاطًا كبيرًا في قشرة الفص الجبهي الأيمن من المخ. وهذا يدل على أن الجسم يريد تعطيل الاستجابة للبلع.
وتنقل المجلة الألمانية عن الباحث المشارك في الدراسة ميشائيل فاريل قوله: "يتم هنا تعطيل الاستجابة للبلع، عندما تكون في الجسم كمية كافية من الماء"، ومن الصعوبة التغلب على مقاومة الجسم هذه وشرب الماء دون الشعور بالعطش.
تعطيل الاستجابة للبلع، حين لا يكون هناك أي شعور بالعطش، مفيد للجسم أيضًا، إذ يعمل تعطيل الاستجابة على حماية الجسم من الكميات الكبيرة من السوائل. وكما يكون الأمر عند شرب كمية قليلة من الماء، فيمكن أن يؤدي شرب كميات كبيرة منه إلى مشكلات صحية.
وبحسب الدراسة، فإن هناك حالات توفي فيها متسابقو الماراثون؛ لأنهم اتبعوا بدقة الكميات الموصى بشربها من الماء. ويرى الخبراء أن شرب المتسابقين لكميات من الماء أكبر من حاجة جسمهم الفعلية له، أدت إلى وفاتهم، محذرين من أن شرب كميات كبيرة من الماء يمكن أن تؤدي إلى خفض كمية الصوديوم في الدم بشكل خطير ويتبعه شعور بالغثيان والتشنجات والإغماء، ويقود في النهاية إلى تورم مميت في الدماغ.
وبعد هذه التفاصيل التي قد تبدو مغرقة في التفاصيل العلمية، يقول الخبراء ببساطة: "اشرب الماء على قدر حاجة ما يطلبه الجسم منه، وتجنب وضع جدول زمني مفصل للشرب، فالشعور بالعطش هو الفيصل في كمية الماء التي يحتاج إليها جسمك، ثم أن الكمية كافية حتى لو بلغت لترًا واحدًا من الماء يوميًا، فالجسم يحصل على الماء أيضًا من معظم الأطعمة، كالخضراوات والفواكه، وهي كثيرًا ما تحتوي على الكثير من الماء، والخيار ما يقرب من 100 في المائة، وحتى اللحوم تكون نسبة الماء فيها نحو 70 بالمائة".