رئيس التحرير
عصام كامل

محمد محمود يكتب: الغباء العاطفي

فيتو

ليس هناك خطأ مطبعي أبدًا، واليوم سنتحدث عن الغباء العاطفي كما قرأت تمامًا…

في مقالات التنمية البشرية أو التحفيز الشخصي أو (life style)، نعمل دائمًا علي استخدام الكلمات الإيجابية والابتعاد عن الكلمات التي تحمل معانٍ سلبية أو غير محببة للقراء، وأعتقد أن الكثيرين هنا استغربوا عنوان المقال وهو الغباء العاطفي، لأن المصطلح الدارج والمعروف حاليًا والمطروق في كل مكان حولنا هو الذكاء العاطفي، وامتلأت صفحات الإنترنت والمواقع الثقافية وغير الثقافية بالحديث عن الذكاء العاطفي وأصل المصطلح الذي انتشر منذ منتصف القرن الماضي ودارت حوله الكثير من الدراسات والأبحاث ومازال علماء النفس والاجتماع يكشفون المزيد عنه.


ولكن قبل أن أتحدث عن الذكاء العاطفي وكيفية تطويره وامتلاكه وتحسين مستواه عند الأفراد والموظفين وفي العائلة… ربما علينا أن نعرف من هو الشخص الذي يحتاج أن يرفع مستوى ذكاءه العاطفي وكيف نعرف أنه يعاني من حالة (الغباء العاطفي) وهي كما أعتقد أنه واضح لكم عكس الذكاء العاطفي…

سأسرد هنا بعض التصرفات التي يقوم بها الشخص الغبي عاطفيًا…

1- متأخر عن مواعيده ولا يراعي مواعيد الآخرين

هناك دائمًا شخص في شلة الأصدقاء لا يصل في موعده المحدد وهناك دائما ذاك الموظف الذي يصل متأخرًا عن موعد دوامه أو عن الاجتماعات وهو دائمًا مستعجل غير منظم، وغالبًا تجده لا يقدر على تحديد الوقت اللازم له في القيام بعمل ما أو يتأخر عن تسليم المهام التي تُعطى له وربما يسلمها بعد أن يطلب مساعدات من غيره ويعيش تحت ضغط يسبب له حالة من التوتر والارتباك الكبيرين.

2- يتدخل فيما لا يعنيه

الفضول قتل صاحبه، هذا مثل محبب جدًا لي وأعتقد أنه ينطبق على صاحبنا الذي نتحدث عنه فهو يحب أن يعرف كل شيء حتى ذاك الذي لا يخصه ولا يعنيه أمره ويمكنكم أن تتوقعوا أن أمرًا كهذا سيوقعه في مشكلات كثيرة ويشتت أفكاره ويقلل من قدرته على التركيز على عمله والأمور التي عليه القيام بها وبالتالي ينزل مستوى أدائه العملي.

3- متشائم طوال الوقت

يحب ارتداء القبعة السوداء وينظر للعالم من زاوية نظره الضيقة والتي تعيقه عن رؤية الأشياء الإيجابية في الأمور، في أي مشروع جديد ستجده يسرد لك المعوقات والصعوبات التي ستمنع القيام به وتجده دائمًا ينظر لنصف الكأس الفارغ كما يقال ولا يرى من الأمور إلا جانبها المظلم والفشل الذي يعاني منه والخسارة التي يصاب بها.

4- يتركز حديثه طوال الوقت حول نفسه وحول إنجازاته

حديثه يتكون من نوعين… نوع كما قلنا يقضي فيه الوقت وهو يتشائم من كل ما حوله ويفترض أسوأ الاحتمالات لكل الأحداث التي تجري، أو النوع الثاني الذي يتكلم فيه عن نفسه ويفخر بإنجازاته وما فعله وما لم يفعله ويعزو كل نجاح لنفسه وقدراته ومهاراته الخارقة على إنجاز كل شيء وأي شيء يطلب منه.

5- يستخدم كلامًا جارحًا

ليست اللباقة من صفات الشخص الغبي عاطفيًا، وبالتالي فإنه عليك أن تتوقع أن أي ملاحظة منه لن تكون لطيفة وربما يراجع نفسه ويعتذر بعد كل مرة يخطئ فيها، لكنه لن يكون قادرًا على التحكم بانفعالاته في المرات القادمة وسيخطئ من جديد للأسف.

6- لا يستمع لغيره

بما أنه ماهر جدًا في الحديث عن نفسه ويحب أن يتحدث عن أعماله، فإن أي حوار ستبدأه معه ستجده يحوّل مجرى الحديث إليه ويقلب الحوار لصالحه ولن يستمع لك بشكل مفيد أو تتحدث معه، فإذا شكوت له يومًا أمرًا ما سيبدأ هو بالشكوى عن حياته وكأن الأمر مباراة الرابح فيها الأكثر شكاية… وإذا أردت أن تقترح عليك أمرًا سيتحفك بما عمله وما فعله من قبل وأن كل ما تودّ فعله قد سبقك فيه بأشواط… ولن تخرج بفائدة مهمة من هذا الحديث.

الحقيقة أن مشكلته الحقيقية تكمن في عدم فهمه لمشاعره وقدرته على التعبير عنها أمام الآخرين، وهذا يمكن أن يكون لأسباب متعددة أو مشكلات كان يعاني منها في الطفولة ولا بد أنك تعرف أشخاصًا يتميزون بصفة أو أكثر من هذه، وهذا لا يعني أن هؤلاء هم أناس سيئون أو ليسوا ذوو مناصب أو مراكز هامة، فربما كان مديرك في العمل أو أستاذك في الجامعة أو حتى أحد أقاربك في العائلة، وهذا لا يعني ألا تتعامل معه فستكون مضطرًا للتعامل معه، لكن ربما معرفة مشكلته يسهل عليك أمر التعامل معه.

بالونات
وهذه نصائح بسيطة للتعامل مع الشخص الغبي عاطفيًا…

لا تحاول أن تشكو له أمرًا أو تقترح عليه شيئًا ما وإذا كان المعني مديرك في العمل فاستعمل الأسلوب الرسمي معه كي لا تجد نفسك متورطًا في حديث لا طائل منه.
ضع وقتًا إضافيًا للمواعيد أو أخبره عن مواعيد أبكر من الموعد الحقيقي لو كان مهمًا جدًا كي لا تضع نفسك في موقف محرج.

ضع حدًا لتدخلاته فيما لا تريد منه أن يتدخل به بأسلوب واضح ولائق غير مؤذي كي لا تصبح أنت الملام بتصرفك.

أحيانًا يكون التشاؤم مفيدًا لأنه يعطيك النقاط السلبية أو المعوقات التي قد تصادفك والتي تحتاج أن تعرفها لتستطيع تجنبها، القبعة السوداء هي إحدى قبعات إدوارد بونو الست التي قسم من خلالها التفكير المنطقي لهذه الأنواع وجعلها من القبعات الأساسية التي يجب تواجدها دائمًا.

أظهر له بطريقة لبقة وغير مباشرة انزعاجك من كلامه الجارح حين يكلمك بطريقة غير جيدة وحاول تماسك أعصابك أمامه لأنك تكون الأكثر مهارة.
وتذكر دائمًا…

الأكثر مرونة هو الأكثر نجاحًا، وربما لا نقدر أن نتحكم بتصرفات من حولنا لكن وعينا بها نستطيع أن نحسن التعامل معها دون أن تؤذينا.
الجريدة الرسمية