كل دولة وأنتم طيبين
كل دولة وأنتم طيبين بمناسبة العام الجديد، ولكن قبل أن ينتهى هذا العام دعونا نتذكر ونحلل بعض الأحداث التى جرت في عام 2012 منذ تولي الرئيس محمد مرسي رئاسة الجمهورية، ففي بادئ الأمر وعد بمشروع الـ100 يوم، والذي تلخص في رفع القمامة وتوفير الخبز وحل الأزمة المرورية وعودة الأمن إلى الشارع، وطبعا مفيش قمامة اترفعت ولا أزمة مرورية اتحلت وسرقة الدقيق المدعم شغالة زي الفل والحمد لله طبعا الأمن مرجعش.
كان المبرر في تلك الفترة أن المجلس العسكري لا يريد الخير لشعب مصر، ويرفض حكم الإخوان المتمثل في شخص الدكتور محمد مرسي، وبعد فترة أسقط المجلس العسكري بانقلاب داخلي حسبما قيل في تلك الفترة، وعين السيسي وزيراً للدفاع وانفرد الدكتور محمد مرسي بحكم مصر وخرج علينا بخطبة من استاد القاهرة لا تليق برئيس جمهورية، وإنما تليق بمحافظ أو عضو مجالس محلية.
ثم أتى مهرجان البراءة للجميع وكانت الطامة الكبرى براءة القتلة في موقعة الجمل التي لا يختلف عليها اثنان، وبذلك لحس الرئيس وعده بالقصاص لقتلة الثوار، ونزل الثوار إلى ميدان التحرير للاعتراض على أحكام البراءة لقتلة الثوار والتنديد بحكم مرسي في الـ100 يوم، وكان رد الإسلاميين بقمع المظاهرات بالعنف والتعدي على الثوار لتكميم أفواههم ولكنهم لم يستطعوا كسر الإرادة الثورية.
كانت هذة الحادثة انعكاسا لإفلاس نظام مرسي السياسي، ثم أتت أزمة الغاز والمواد البترولية الأخرى والتي كانت مقدمة لرفع الدعم عن المحروقات طبقا لشروط البنك الدولي وصندوق النقد، ولكن بعد قليل حلت أزمة الغاز المتمثل في "الأمبوبة"، وذلك لأن موعد الاستفتاء على الدستور اقترب وانتخابات مجلس الشعب والمنتفع بهذا الدعم جزء عريض من الجماهير المصرية التي تمثل كتلة انتخابية ومعظمهم تحت خط الفقر، حيث وصلت نسبة من هم تحت خط الفقر إلى ما يقرب من 40%.
وعلى حين غرة ظهرت بقعة زيت كبيرة جدا في النيل بحيث لا يستطيع المسئولين إنكارها، ولكن ليست هذه هي المشكلة ففي كل دول العالم تحدث هذه الحوادث ولكن ما لا يحدث في تلك الدول أن يتركوا تلك البقعة تمر وكأنها سائح على معظم المحافظات، فهذا ما حصل في مصر، إلى أن وصلت إلى الإسكندرية بسلام ونزلت مع النيل في البحر المتوسط، وعلى حد علمي إنه من المفترض أن تتعامل الدولة مع هذا الحادث المروع بحسم، وكان هذا الحادث الدليل القاطع على أننا لا نعيش في دولة وإنما ما أقرب الى القبيلة.
وخرج علينا الرئيس في خطبة أخرى أمام مؤيديه مفتتحا الخطبة بأهلي وعشيرتي أي نحن الأعداء (المعارضين)، وعلى حين غرة (مرة أخرى) خرج علينا الرئيس بإعلان دستوري مكمل منصباً نفسه فرعوناً مصرياً، وذلك لتمرير الدستور والحفاظ على الجمعية التأسيسة للدستور التي تمثل الجماعات الإسلامية فقط في مصر والتي أتت لنا بأسوأ دستور عرفته مصر ومخالف للمواثيق الدولية للحقوق والحريات، وأتى اعتصام الاتحادية السلمي الذي لم يشهد حالة تحرش أو تعدٍ على القصر الرئاسي فرد الإسلام السياسي بمهاجمة المعتصمين السلميين، ما أدى إلى وقوع قتلى وجرحى، والكل تساءل أين الدولة؟ أين الجيش والشرطة من هذه الواقعة؟.
لا أحد يعلم ولم يقدم أحد إلى المحاكمة، ثم أتى اعتصام مدينة الإنتاج الإعلامي المطالب بتطهير الإعلام (لا أعلم عن أي إعلام يتحدثون)، وتصريحات أبوإسماعيل من فوق سيارة نصف نقل بأنه جهز قائمة بأسماء المذيعين والسياسيين والقنوات، وأنه سوف يتعامل بحسم (بقوة) مع تلك القنوات، أين الدولة ومؤسساتها؟.
ثم أتى التعدي على حزب الوفد دون تقديم أحد للمحاكمة، وتم سلق الدستور وتم الاستفتاء عليه في ظل غياب قضائي شبه كامل في ظل خروقات كثيرة ورصد عمليات تزوير وتأثير على الناخبين، ومن قال لا فهو كافر إلى آخره، وجاءت النتيجة بنعم ولكن المفاجأة الكبرى أن من شاركوا في الاستفتاء هم حوالي 17 مليونا من أصل ما يقرب من 52 مليون ناخب يحق لهم التصويت على الاستفتاء على الدستور وتوافق الدولة عليه ؟؟؟.
هذا يدل على كارثة حتمية سوف تحل بهذا المجتمع، ولكن لا يستطيع أحد توقعها خاصة بعد أن تحولت الصفة التشريعية من الرئيس إلى مجلس الشورى الذي انتخبه 5% من إجمالي الناخبين والذي يسيطر عليه الإسلاميون بنسبة 80% فماذا نتوقع منه؟. فعن أي دولة تتحدثون؟.