بقايا وطن «قصة مصورة»
قبل ما تضيع ملامحي في دواير وعود حكومتك.. عايز أقولك بحبك.. من قبل حتى ما اتولد ويتكتب في شهادتي اسمك.. بحبك.. كنت في علم الغيب كل ما اتملى في محاسنك يصرخ من جوايا صوت.. بحبك.. لأ.. ده من قبل حتى ما الأرض يسكنها البشر.. بحبك.
عايزة الدليل بصي جوايا واتأملي في جمال ملامحك.. اسألي قلبي اللي مدفون بالحيا وسط حبات رمالك.. فتشي في قلوب حجارتك.. اسمعي طبطبة بحورك وخرير نيلك.. كل شيء تحت سماك يشهد إني بحبك.
أنت ياللي فوق العلا تاجك.. ليه مش عايزة تعترفي إني أنا ابنك.. إني أنا الدرة اللي مزينة تاجك.. إني أنا الحق وأي شيء غيري باطل ومش دايملك.. ومادمت أنا فوق أرضك.. اطمني رغم ظلمك.. وإوعي تخافي وارفعي في وجودي راسك.
سيبيني رغم الفقر أتغزل في ملامحك.. خليني زي الطير أرفرف فوق جبالك.. وأقول بعلو الصوت.. بحبك.. سيبك من حبايبك اللي هما وقت الجد مش حبايبك.. مش باقية المناصب ووحدي أنا اللي باقيلك.
ليه بتخليني كل يوم أتمنى أهاجر وأسيبك.. ابنك أنا ولا عدو استولى على أرضك.. تكونيش صدقت إني عميل وبتآمر على شعبك.. كيف يا زينة البلاد وأنا مزروع جوايا حبك.. فهموك إني بسعى في خرابك.. طب إزاي وحياتي في وجودك.
فوقي واسمعيني ولو مرة أنا في عرضك.. مش بايعك أنا عشان يعرضوا عليا تمنك.. بلاد كتير فيها عيشة وعدالة وحرية مش موجودة فوق أرضك.. بس في الآخر غربة وقلبي يطاوعني في كل شيء إلا الرحيل والبعد عن أرضك.
كتير لملمت خلقاتي فوق جسمي وأخدت وأنا بودعك.. مستقبلك وأملك.. وقلت هجرة ومكتوبة وبكفاية مرمطة فوق أرضك.. وفي كل مرة قلبي يعصاني ويصرخ بلاد الغربة عمرها ما هتكون وطنك.. ولا أرضها في يوم هتصبح أرضك.
أسمع كلام قلبي وأرجع من تاني وأحنلك.. وأفضل سنين ع الغلب ده ساكت وبدال ما أصرخ في وشك.. غصب عني أضحكلك.. بس يوم ما يفيض الكيل مش هسيبك.. وغلاوتك يا أم البلاد لحاسبك.. ويمكن ارحل من غير ما تحاسبيني ولا أحاسبك.. وكل اللي أعمله إني اسألك: ليه سيبتي جذوري تموت جوا قلبك؟ وما تخافيش هعمل عبيط وارحل قبل ما أسمع جوابك.
هعمل عبيط زيك لما سيبتيني جواك أتغرب.. لما شوفتيني مرمى في شوارعك متبهدل ومتشرد.. لما بعتيني عشان ترضي الكبار وأنا اللي طول عمري متمسك بترابك ورافض في حبــه أفرط.. لما غميتي عنيكي وأنا مقهور بسبب حبك ومن كرامتي بجرد.
هعمل عبيط زي ما وقفت فوق جثتي ترقصي عشان غيري يضحك ويتفرج.. عشان حقي اللي يوم ما طالبت بيه قلتيلي: اصبر وبلاش من إيمانك تتجرد.. وكأن أنا بس اللي مكتوب عليا فوق أرضك أكون بالإيمان متفرد.. هعمل عبيط وصدق إن الصبر ترياق شافِ للغلابة موصوف ومتجرب.
هعمل عبيط وأنت كمان اعملي صنم.. عشان لا أطلب منك تنصفي ضعيف.. ولا تردي حق اللي انظلم.. بس كيف وأنت مهبط الرسالات هتسمحي لبشر يسجد فوق أرضك لصنم؟
كيف وإدريس أول نبي اتولد فوق أرضك.. ويوسف بعد سجنه أصبح عزيز ورفع أبويه فوق عرشك.. وموسى بعصاه شق البحر وكلمه ربه فوق طورك.. والعدرا في أمان سارت بالمسيح على ضي بدورك.. وآل البيت والأولياء في سماك نجوم يشع من بركاتهم نورك.
إوعي تفتكري إن في يوم هكون زي غيري كل اللي شاغلني كيف أنهبك.. طب دول وقت ما بتتكشف جرايمهم بيشعللوها نار ويحرقوا خيرك.. أما أنا وقت الشديد حاميكِ.. ووحدي أنا يوم ما تشب الحرايق السند ليكِ.
أنا حلمي جواك بسيط أربع حيطان أكون ما بينهم مطمن.. مش طمعان في فيلا أنا قابل أسكن في عشة أو كهف في جبل.. أو حتى أوضة جوا ماسورة مش فارقة كتير المهم يكون عندي وطن.. يبقى فيه قفل بمفتاح فوق باب يسترني من غدر الزمن.
علمونا من الصغر إن البيوت هي الوطن.. إن الحيطان بتزرع جوا سكانها معنى الانتماء للوطن.. إن القلوب بيعيش جواها ويكبر حب الوطن.. طول ما في بيت جوا الوطن لأصحابه وطن.. إن أي إنسان لو عاش في بلده من غير بيت بيصبح الحب بقايا وطن.
فهمونا وإحنا مش عارفين إيه المهم نبني جوا الوطن بيت ولا إنسان.. طب ما أهو الإنسان في بلادي من صغره مترمط ومتهان.. ورغم كده عمره ما باع للي عرضوا عليه التمن.. ولا حد سمعه في يوم بيشكي ويقول عايز وطن.