مرسى أمام قمة الدوحة: نرفض أى حل عسكرى للأزمة السورية.. ولن نسمح لأى أحد بوضع إصبعه داخل مصر.. العمل العربى المشترك ضمان إنهاء معاناة الشعب الفلسطينى.. وضرورة إخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل
قال الرئيس محمد مرسى فى كلمته أمام قمة الدوحة إن "مصر الجديدة، مصر الثورة، مصر الحرة تؤمن بأهمية التضامن والتكامل العربى على كل المستويات".
وأضاف أن "ما تشهده قضايانا واهتماماتنا، نحن العرب، من تهميش وتجاهل بات أمرا غير مقبول فى ظل تطبيق المعايير المزدوجة عندما يتعلق الأمر بالأولويات العربية، وهو ما ينبغى أن يدفعنا إلى أخذ زمام المبادرة لتحقيق طموحات شعوبنا وحماية حقوق بلادنا لاسيما إنهاء احتلال الأراضى العربية ورفع الظلم الذى تعانيه شعوبنا".
وقال "إن استمرار حرمان الشعب الفلسطينى الشقيق من حقه الأصيل فى تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف إنما يتعارض ومبادئ القانون الدولى وميثاق الأمم المتحدة وينال من مصداقية المجتمع الدولى ويشكك فى قدرته على استخدام المعايير السليمة لمعالجة القضايا الأخرى المتعلقة بحقوق الشعوب العربية والمسلمة، ورغم صمود وتضحيات الشعب الفلسطينى ونجاحه فى الحصول على الاعتراف الدولى بوضعية الدولة المراقب غير العضو فى الأمم المتحدة إلا أنه ما زالت المنهجية الدولية وآليات عملها عاجزة عن وضع إطار ملزم يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة حقيقية".
وأضاف: إزاء هذا الجمود والصمت غير المبررين فإن علينا تعزيز العمل العربى المشترك لضمان التوصل إلى تسوية عادلة وشاملة تنهى ملف الصراع والمعاناة للشعب الفلسطينى من خلال المحاور التالية: المحور الأول.. يتمثل فى مواجهة استمرار سياسات الاستيطان غير المشروع للأراضى الفلسطينية وإجراءات تغيير هوية القدس الشريف التى تهدد أكثر مما مضى إمكانية قيام الدولة الفلسطينية ذاتها وتقضى على آمال تحقيق السلام العادل والشامل، وما سمعناه منذ أيام خير دليل على ذلك.
المحور الثانى.. إتمام المصالحة الفلسطينية فى أسرع وقت وتذليل ما تبقى من عقبات تحول دون تفعيل المصالحة التى تشكل حجر الزاوية لتوحيد الصف الفلسطينى والركيزة الأساسية لاستقطاب مزيد من الدعم الدولى للقضية الفلسطينية العادلة.. وهو ما لا تدخر مصر جهدا من أجله باعتباره غاية نبيلة تعيد الوحدة للشعب الفلسطينى، وتضمن استمرار صموده وكفاحه من أجل الحصول على كامل حقوقه كما يقرر هو نفسه على أرضه أرض فلسطين الغالية علينا جميعا.
المحور الثالث.. يتعلق بأهمية الوفاء بما التزمنا به من دعم سياسى ومادى حتى يستطيع أن يفى المسئولون عنهم بالتزاماتهم تجاه مواطنيهم، ويضطلعوا بمسئولياتهم إزاء ما يواجهونه من تهديدات وضغوط بحجب الموارد المالية عنهم.. كما أن علينا أن نسعى وبجد لإنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة وسكانه إذ لا يجب أن نقبل ولا أن يقبل الضمير البشرى باستمرار هذا الحصار الجائر.
وأكد: "نلتقى اليوم فى توقيت دخلت فيه مأساة شعبنا العربى فى سوريا عامها الثالث دون أى أفق لإنقاذه من بحر الدماء الذى ابتلع عشرات الآلاف من الضحايا الأبرياء وألقى بمئات الآلاف من النازحين فى دول الجوار، فضلا عن الملايين الذين هجروا منازلهم وقراهم ومدنهم داخل سوريا هربا من أعمال القتل التى يمارسها النظام السورى ضد المدنيين العزل".
واستطرد: "نتفق جميعا على ضرورة التوصل إلى حل مناسب يجنب سوريا ويلات ومخاطر استمرار الصراع الدائر .. التى لا تنذر فقط بسقوط المزيد من الضحايا الأبرياء وإنما تهدد أيضا وحدة أراضى سوريا.. وفرص العيش المشترك بين كل أبنائها بصرف النظر عن انتماءاتهم الجغرافية أو الدينية أو العرقية بل وتهدد استقرار كل دول الجوار والمنطقة بأسرها. لقد دعت مصر ومنذ شهور عديدة إلى عملية سياسية تفضى إلى نقل السلطة فى سوريا بشكل أمن يحفظ وحدة الأراضى السورية ويصون لها مؤسساتها".
وأشار إلى أنه من أجل تحقيق ذلك أطلقت مصر المبادرة الرباعية بالتعاون مع عدد من الأطراف الإقليمية المهمة وبذلت مساعى حثيثة فى هذا الإطار..كما شجعت مصر مع أشقائها فى الجامعة العربية كل المبادرات التى طرحت منذ بدء الأزمة وآخرها مقترحات المبعوث العربى الأممى المشترك السيد الأخضر الإبراهيمى من أجل تحقيق هدف الانتقال السلمى الآمن للسلطة إلى حكومة انتقالية تتمتع بصلاحيات كاملة بل وأيدت مصر خيار التفاوض مع الحكومة السورية دون التنازل عن ثوابت الائتلاف الوطنى.
وقال: من المؤسف أن كل هذه المبادرات لاقت آذانا صماء أبت أن تستمع لصوت العقل ونداء السلام، وأصرت على ممارسة سياسة قتل أبناء الوطن وتدمير بنيانه. إن مصر ترفض أى تدخل عسكرى خارجى لحل الأزمة السورية..فالشعب السورى قادر على الخروج من هذه المحنة منتصرا وإرادته لن تنكسر وعلينا اليوم درس السبل الكفيلة لدعم الشعب السورى العزيز فى الداخل ودعم ممثليه فى الخارج وما يتفق عليه الإخوة السوريون على من يمثلهم فى جامعة الدول العربية.
وأوضح أن مصر تقف دائما مع الأشقاء العرب فى خندق واحد .. وأن الشعب المصرى يقدر كل من وقف إلى جانبه فى ثورته وحتى الآن فى مسيرته الديمقراطية .. ونحرص فى مصر على ألا نتدخل فى شئون أحد الداخلية .. وفى ذات الوقت لن نسمح لأحد على الإطلاق أن يتدخل فى شئون مصر الداخلية أو يفكر بأى شكل أن يعبث فى ذلك.
ورحب بتوقيع السودان وجنوب السودان فى مارس الجارى عددا من الاتفاقيات فى مجالات استئناف تصدير النفط والترتيبات الأمنية، كما رحب بالخطوات الإيجابية التى توصلت إليها المفاوضات لتنفيذ تلك الاتفاقيات بما يمثل نواة لسلام حقيقى يعم المنطقة ويسهم فى رخاء الشعبين الشقيقين..وتقدر مصر جهود اللجنة الأفريقية رفيعة المستوى برئاسة الرئيس ثابو مبيكى الذى قام برعاية تلك المفاوضات والتنسيق فى مرحلة ما بعد التوقيع للوقوف على النقاط الخلافية.
وأكد أن مصر لا تدخر جهدا من خلال علاقاتها المتميزة بالجانبين لحثهما على تسوية جميع القضايا العالقة بشكل توافقى، واستعدادها الكامل لتقديم كل الدعم لمساعدتهما على إنجاز الاتفاقيات اللازمة.
أما فيما يتعلق بقضية دارفور، فقال مرسى: لقد تلقينا بارتياح توصل فصيل العدل والمساواة إلى اتفاق وقف المواجهات فى أكتوبر الماضى .. ودخوله والحكومة فى مفاوضات سياسية للانضمام لاتفاق الدوحة الذى نثمن عاليا جهود دولة قطر الشقيقة فى التوصل إليه..كما نؤيد جهودها لتوسيع الاتفاق وتشجيع باقى الأطراف على الانضمام إليه.
وأعلن دعم مصر لجهود عقد مؤتمر للمانحين فى أبريل القادم.. وحث الأشقاء والفاعلين فى المجتمع الدولى على الإسهام بفاعلية فى ذلك المؤتمر بما يدعم التنمية وإعادة الإعمار والسلام فى السودان والمنطقة بأسرها.
وأضاف: لقد مر اليمن الشقيق بمرحلة دقيقة فى تاريخه أثبت خلالها الشعب اليمنى أصالة معدنه.. إذ نشيد بما حققه فى تنفيذ استحقاقات المرحلة الانتقالية بقيادة الأخ الرئيس عبد ربه منصور هادى الذى واجه تحديات جمة فى سعيه لإعادة بناء مؤسسات الدولة فى ظل تعقد الموقف والمشاكل السياسية والأمنية والاقتصادية التى يواجهها.. فإننا ندعو كل من يحاول عرقلة الانتقال السياسى إلى كف الأيدى .. وأن نتكاتف جميعا لإنجاح عملية الانتقال السياسى فى اليمن الشقيق.
وأكد أن جلسات الحوار الوطنى الشامل الذى بدأ مؤخرا تعد حجر الزاوية فى إرساء قواعد العملية السياسية فى اليمن .. وصولا إلى الانتخابات الرئاسية والنيابية العام المقبل.. وهو الحوار الذى يجب أن يشمل كل القوى السياسية.. كى تضطلع بدورها فى بناء مستقبل اليمن.
ورحب بمساعى الرئيس اليمنى فى سبيل إعادة هيكلة المؤسسات العسكرية والأمنية فى اليمن فيما أكد مرسى ترحيب مصر بانتهاء المرحلة الانتقالية فى الصومال.
من جهة أخرى أكد مرسى حرص مصر على إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، مطالبا الجميع بالانضمام لمعاهدة عدم الانتشار النووى وإخضاع كل المنشآت النووية لنظام الضمانات الشامل للوكالة الدولية للطاقة الذرية كخطوة على طريق تحقيق عالمية معاهدة عدم الانتشار النووى.