خطوات لمنع اندلاع الحرائق والسيطرة عليها
مرَّ ما يزيد على أسبوعين منذ الحريق الهائل الذي شبَّ في شارع الرويعى بالعتبة، والذي تسبَّبَ في الكثير من الخسائر للتجار وأصحاب المخازن حيث التهمت النيران بضائع بملايين الجنيهات، ثم تلا ذلك، عدة حرائق في أماكن مختلفة في نفس الأسبوع.
بعيدًا عن أسباب وتفاصيل اندلاع وانتشار النيران في هذه الحرائق أعتقد أن الوضع كان سيختلف في وجود إنذار للحريق بصوت مُدَوِّي ومسموع للقاصي قبل الداني، فالخسائر كانت ستصبح أقل إذا كان هناك مضخة للمياه مع خراطيم معتمده للإطفاء بدلًا من انتظار سيارة الحريق التي قد تستطيع الوصول للمكان أو، وجود طفايات يدويه وبطانيات حريق والأدوات اللازمة للإسعافات الأولية كانت لتقلل من الخسائر والإصابات.
لذلك، فقد حان الوقت لفتح ملف شائك وخطير جدًا ألا وهو ملف السلامة والصحة المهنية، وهو من أخطر الملفات الذي يجب أن تهتم به الدولة حيث لا يقل في أهميته عن تحسين شبكة الطرق مثلًا لأن المستثمر الذي يسمع عن حرائق وإصابات لن يغامر بدفع أموال طائلة وتوظيف عمال ذوي ثقافة محدودة في ما يخص سلامة العمل.
وكلنا شاهدنا على الهواء كيف تعاملت السلطات في إمارة دبي باحترافية شديدة للسيطرة على حريق فندق العنوان ليلة احتفالات رأس السنة. العالم كله عرف أن دبي بها إدارة محترفة للتعامل مع الكوارث والأزمات ومن يذهب هناك للعمل أو السياحة فهو في أيدٍ أمينة تعرف جيدا كيف تحافظ على حياته وممتلكاته.
نحن لا نملك في مصر ثقافة السلامة والصحة المهنية حتى داخل المنزل فكثيرا ما نسمع عن حريق نتيجة انفجار خرطوم أنبوب الغاز أو حوداث تسمم مثل تناول الأطفال لأحد المنظفات.
وهنا يجب أن نسأل أنفسنا: كم مواطن مصري يمتلك بطانية أو طفاية حريق في مطبخه؟ كم مواطن مصري يعلم جيدًا الإسعافات الأولية في حالة إصابة أحد الأشخاص بحروق أو كسر في الأطراف أو ابتلاع مواد سامة أو ابتلاع شيء معدني؟
"نحن شعب يتأكد من عدم تسريب الغاز من أنبوب البوتاجاز بتقريب عود الثقاب المشتعل في اتجاه الأنبوبة".
أما عن بيئة العمل فحدِّث ولا حرج فكثيرا ما نسمع في الورش والمصانع عن عامل يقطع اصبعه نتيجة للتناول الخاطئ للآلة التي يستخدمها أو عامل يصاب بالتهاب جلدي نتيجة تعامل خاطئ مع مواد كيماوية، هذا بالإضافة إلى الطريقة الخاطئة لتخزين المواد; سواء مواد غذائية، أو مواد صناعية، فتكون النتيجة تسمم غذائي أو استخدام مادة غير صالحة فيكون المنتج النهائي في غاية السوء ما يتسبب في ضياع الكثير من الجهد والمال.
الإصلاح في ملف السلامة والصحة المهنية يبدأ من وجود كليات ومعاهد متخصصة لمهندسي وممثلي السلامة مع وجود مناهج تعليمية متطورة بالإضافة للتدريبات العملية المستمرة.
"دور مهندس السلامة لا يقل بأى حال عن دور ضابط الشرطة الشريف فالهدف الأساسي لكليهما الحفاظ على الأرواح والممتلكات".
ملف السلامة يبدأ من نشر الأفلام الوثائقية والإعلانات والنشرات عن حوداث العمل وحوداث المنزل وكيفية التعامل باحترافية في حالة الطوارئ. يجب أيضًا توفير دورات تدريبية إجبارية مع الترخيصات الجديدة للمنازل والشركات والمصانع والمحال التجارية بالإضافة إلى ضرورة اشتمال الترخيصات الجديدة لهذه الأماكن على وسائل مكافحة الحرائق وصناديق الإسعافات الأولية وعوازل الكهرباء الأتوماتيكية ومخارج الطوارئ...إلخ.
فيما يخص المواد الغذائية والتسمم الغذائي، يجب تشديد الرقابة على الأسواق ومحاسبة مفتشي الصحة التي امتلأت بطونهم بأموال أصحاب المطاعم وشركات إنتاج المواد الغذائية ليتجاوزوا عن الكوارث التي تحدث أثناء عملية تصنيع وتعبئة المواد الغذائية.
في المنزل يجب على جميع أفراد الاسرة عامةً والأبوين خاصة أن يكونوا على دراية بكل ما يجعل منزلهم آمن. هناك فرع كبير جدًا في السلامة والصحة المهنية يسمى "منزل آمن" لا نعرف عنه الكثير وهو يوضح بالتفصيل طريقة التعامل مع الحرائق ومصادر الكهرباء والمواد السامة والمنظفات داخل نطاق المنزل بالإضافة للأُطُر العامة للصحة البدنية وأنواع الطعام الصحي وطرق التعامل مع الأمراض الموسمية،....إلخ.