رئيس التحرير
عصام كامل

ما لم ينشره «ويكيليكس» في صفقة «الإخوان» لـ«الإفراج عن مبارك».. خيرت الشاطر فتح مزادًا على بيع الرئيس الأسبق بـ«17 مليار دولار».. ولقاء مسئول مقرب من الملك السع

الرئيس السابق حسني
الرئيس السابق حسني مبارك

ذكرت وثائق منسوبة لوزارة الخارجية السعودية، نشرها موقع «ويكيليكس»، مساء الجمعة، أن المهندس خيرت الشاطر نائب مرشد جماعة الإخوان، وافق على صفقة كانت مقترحة للإفراج عن الرئيس الأسبق حسنى مبارك مقابل تلقى مصر 10 مليارات دولار من دول الخليج، خلال فترة حكم المجلس العسكري بعد ثورة 25 يناير.


صفقة الإفراج عن مبارك
لكن فيما يبدو أن "ويكيليكس" تجاهلت جزءا كبيرا من صفقة الإفراج عن الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، لم يرد في الوثائق المسربة للخارجية السعودية.

فصفقة الإفراج عن مبارك لها قصة طويلة للغاية، ربما لن ينشرها ويكيليكس، وتبدأ بالفعل من المهندس خيرت الشاطر وتنتهي عند الشيخ محمد بن راشد حاكم إمارة دبي.

فوفقا للوثيقة فإن الشاطر وافق على الإفراج عن مبارك في مقابل حصوله على 10 مليارات دولار من السعودية، وما لم تذكره الوثيقة أن الأمر تخطى المراسلات الدبلوماسية، ووصل للقاءات المباشرة التي ضمت قيادات من التنظيم الدولي للإخوان على رأسهم خيرت الشاطر وقيادي إخواني سعودي التقيا بمسئول سعودي كبير مقرب من الملك الراحل "عبد الله بن عبد العزيز" وعرضوا عليه التفاصيل الكاملة للصفقة التي كانت تنص على الإفراج عن "مبارك" مقابل 10 مليارات دولار تتبرع بها السعودية لمصر، ومقابل نصف ثروة مبارك وأسرته التي سيكتب تنازلا عنها لصالح الدولة المصرية قبل خروجه من السجن ليتيح للإخوان الترويج للإفراج عنه.

إضافة إلى أن الشاطر كان طلب من إخوان الكويت عرض صفقة الإفراج عن مبارك مقابل 4 مليارات دولار.

الدور الإماراتي في الصفقة
ما لم ينشره "ويكيليكس" أيضا في هذه الصفقة، هو ذلك الجزء الخاص بالدور الإماراتي فيها، فقد عرض الإخوان على الإمارات الإفراج عن مبارك مقابل 3 مليارات دولار، وكادت الصفقة أن تتم إلا أنها فشلت في مرحلتها الأخيرة.

هذه الحقيقة تكشفها مضبطة اجتماع سرى شهدته "دبى" في النصف الثانى من شهر مايو 2013، وهو الاجتماع الذي ضم المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، والشيخ محمد بن راشد حاكم إمارة دبى، وهو الاجتماع الذي استمر ٤٥ دقيقة كاملة وتم تسجيله في مضبطة ديوان حاكم الإمارات.

"الشاطر" سافر إلى "دبى" لإجراء مفاوضات مع "بن راشد" تستهدف جلب الدعم المالى لمصر في صفقة تقدر بـ٣ مليارات دولار وهى المليارات الثلاثة الكفيلة بإنهاء الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر.

وتحدث "الشاطر" مع "بن راشد" في هذا الاجتماع حول قضية الإخوان المعتقلين بالإمارات، وأخبره أن هذه القضية أصبحت لا تهم الجماعة من قريب أو بعيد، وأن للإمارات أن تتخذ ما تشاء من إجراءات قانونية حيال هذه القضية وضد كل من يخرج على القانون الإماراتى.

ليس هذا فحسب، بل إن الشاطر أخبر "بن راشد" أن مصر حكومة وشعبا، وأن جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة، لا يستطيعون التدخل في الشئون الداخلية للإمارات، وإذا ما أرادت الإمارات أن يكتب إخوان مصر بيانا يتبرءون فيه من المقبوض عليهم في الخلية الإخوانية بالإمارات، فإن الجماعة في مصر ستفعل ذلك فورا.

واستطرد "الشاطر" موجها حديثه إلى "بن راشد" هذا من ناحية، أما من ناحية أخرى فإن مصلحة الإمارات أن تكون مصر قوية وألا تنهار، ومصر تمر بأزمة مالية قوية جدا والنظام السابق هو السبب في هذه الأزمة وسقوط مصر سيتبعه سقوط الإمارات لأنه لا توجد دولة سنية قوية تستطيع أن تقف وحدها في وجه الغول الشيعى "إيران" سوى مصر.

وألمح الشاطر في حديثه لـ"بن راشد" إلى أن مصر لم يعجبها العرض العسكري الإيرانى على الجزر الإماراتية المحتلة من قبل إيران، وأشار "الشاطر" إلى أن مصر من الممكن أن تساعد الإمارات سياسيا لاسترداد هذه الجزر.

وأضاف نائب المرشد: نحن نطمع أن تساعدونا حتى لا نقع وحتى نستطيع أن نقف على أقدامنا، فنحن في حاجة لـ٣ مليارات دولار لكن ليست في صورة قرض بل تكون منحة من الإمارات لمصر.

فما كان من الشيخ محمد بن راشد إلا أن رحب بما قاله "الشاطر"، وأثنى عليه قائلا: نحن نرحب تماما بدعم مصر ولا ننتظر مقابلا من دعمها فنحن حينما ندعم مصر فإننا ندعم أنفسنا أولا، ونحن لا نطلب شيئا منكم حتى عرضكم بالتبرؤ من الخلية المقبوض عليها فلا نريده لأن هذا الأمر بيد القضاء الإماراتى، ونحن لا دخل لنا به، ونحن موافقون على دفع الـ٣ مليارات دولار فورا لكن لنا شرط صغير، وهو أن يتم دفع هذه الأموال في صورة مشروعات بمعنى أن تقوم الحكومة المصرية بعرض عدة مشروعات علينا ونحن نقوم بتمويلها، ومن الممكن أن تقوم بتمويل المشروعات التي أعلنتم عنها في حملتكم في الانتخابات الرئاسية والتي جاءت تحت اسم "مشروع النهضة"، خاصة أنكم وعدتم الشعب المصرى بتنفيذ مشروعات "النهضة" ونحن نتعهد بذلك، وسنكتب لمصر ما يلزمها سداد ٣ مليارات دولار، وما على الحكومة المصرية سوى أن تحدد المشروعات التي ستقوم بضخ هذه الأموال فيها.

إلا أن "الشاطر" رفض عرض "بن راشد" وقال له: إنما أقصد أن نحصل على هذه الأموال سائلة "كاش"، ونضعها في البنك المركزى، وهذا الأمر يحسن من مستوانا الاقتصادى كثيرا، ويبعث الطمأنينة في صندوق النقد الدولى وبعض الدول الأوربية، وهو ما يتيح لنا الاقتراض من الصندوق ومن هذه الدول ٣ مليارات دولار وأكثر، نقوم من خلالها بتنفيذ المشروعات التي حددناها في مشروع النهضة، فما كان من "بن راشد" إلا أن قاطع "الشاطر" قائلا: مع تقديرى لطلب الحكومة المصرية، إلا أننا لن نستطيع أن ندفع أموالا سائلة، فنحن نريد أن ندفع أموالنا للشعب المصرى مباشرة دون تدخل من أحد كوسيط في هذا الأمر، وذلك ما سيضمنه لنا تمويلنا لمشروعات.

إلا أن "الشاطر" أصر على مواقفه، وهو الأمر الذي أثار الدهشة لدى بن راشد، خاصة أن نائب المرشد قال له: أنا هنا من أجل طلب محدد، ولا أستطيع أن أتفاوض في غيره.

واعتذر "بن راشد" عن عدم تلبية طلب "الشاطر"، وانتهى اللقاء، وبخروج نائب المرشد غاضبا في حين ودعه "بن راشد" الذي كان في قمة اندهاشه.

"الشاطر" يشكر الإمارات
ووفقا لمضبطة اللقاء المحفوظة في ديوان حاكم الإمارات، فإن خيرت الشاطر أعرب عن شكره لدولة الإمارات، لأنها دائما ما تدعم مصر في كل المواقف، وأن مصر تعشق الشيخ زايد وجميع حكام الإمارات.

وفى هذه النقطة قاطع "بن راشد" "الشاطر" قائلا له: عندما كنا ندعم الاقتصاد المصرى في عصر السادات وعصر مبارك إنما كنا ندعم مصر لا حاكمها، وعلى الرغم من ذلك فإننا نتعجب من قسوتكم في التعامل مع مبارك الذي بلغ من العمر أرذله، وحتى إن كان مدانا فكان يجب العفو عنه صحيا، وإن كان لا بد من محاكمته فكان لا بد أن يحاكم جميع رموز الفساد في عصره، لكن أكرموا هذا الرجل الذي قدم لمصر الكثير حتى وإن كان أخطأ في حق مصر.

وأضاف "بن راشد" موجها حديثه لـ"الشاطر": أليست الحسنات يذهبن السيئات يا باشمهندس خيرت، أفرجوا عن الرجل حتى وإن حددتم إقامته، لكن لا تهينوه في السجن، فإن هذا ليس من طبيعة الشعب المصرى الطيب.

فأجابه "الشاطر": نحن اضطررنا لفعل ذلك حتى تهدأ غضبة الشارع، لكن حينما تحدث انتعاشة اقتصادية فنحن سنفعل ذلك وأكثر، فمن الممكن أن نفرج عنه دون تحديد إقامته، بل نسمح له بالسفر للخارج هو وأسرته.

وفى هذه الجزئية تبادر إلى ذهن حاكم دبى أن الـ٣ مليارات دولار كانت بمثابة رشوة يطلبها الشاطر للإفراج عن مبارك والسماح بسفره إلى الإمارات، إذ كانت عبارات الشاطر التي استخدمها في التفاوض توحى بذلك.

هناك تفاصيل كثيرة في صفقة الإفراج عن مبارك التي عرضها الشاطر على 3 دول، وكان يرغب في الحصول على 17 مليار دولار مقابل الإفراج عن الرئيس السابق، إلا أنه لسبب أو لآخر تعطلت هذه الصفقات وقتها.
الجريدة الرسمية