خبراء: تجربة التعليم عن بعد في مصر فاشلة.. كثافة الفصول من أهم العوائق.. ولا زلنا معتادين على التعلم وجهًا لوجه
لا يكف المسئولون عن الحديث حول تفعيل تجارب الدول الرائدة فى مجال التعليم، خاصة تجربة التعليم عن بعد، ولعل مشروع "تايلو" الذى اقترحته هيئة المعونة الأمريكية فى مصر يعد تطبيقا عمليا لهذا الاتجاه الرامى إلى استخدام الوسائط المتعددة بهدف ترسيخ التكنولوجيا، مع توفير الحاسبات الآلية للمدارس، وإدخال شبكة الإنترنت لتحقيق عملية التعليم عن بعد.
من جانبه أكد أستاذ مساعد المناهج وطرق التدريس بكلية التربية جامعة المنيا، الدكتور جمال خيرى، أن تجربة التعليم عن بعد من خلال شاشة معينة سواء أكان ذلك من خلال دائرة الفيديو كونفرانس أو من خلال شبكة الإنترنت أو القنوات التليفزيونية التى تقدم برامج تعليمية، هى ناجحة فى كل الدول المتقدمة؛ لأن تلك البلاد تمتلك الوعى والثقافة، مشيرًا إلى أن مثل هذه التجارب غير ناجحة فى مصر لأن المشكلة لدينا أننا نفتقد إلى هذا الوعى، ومتأخرون جدا فى عملية تطوير التعليم فى المدارس والجامعات.
وأضاف: "هنا فى كليات التربية نستقدم طرق تدريس غير الموجودة لدينا، ونطلق عليها مصطلح طرق التدريس الحديثة، كاستخدام أسلوب حل المشكلات وتنمية مهارات التفكير العلمى، واستخدام التعلم النشط والتعلم الإيجابى، ورغم أنها قديمة جدا فى بلادها، لكنها حديثة بالنسبة لنا باعتبار أننا أول مرة نستخدمها".
وأوضح: إن السبب الرئيسى فى عدم نجاح تجربة التعليم عن بعد يتمثل فى مشكلة كثافة الفصول؛ لأن هذه الأنماط التعليمية، خاصة التعليم عبر الفيديو كونفرانس، ترتبط بأعداد قليلة من المتعلمين، حتى يستطيع المعلم التفاعل معهم بشكل إيجابى، كما أن عدم توفر معامل وتكنولوجيا التعليم والمعلمين المتدربين يعد عائقا أكبر أمام نجاح تلك التجارب، كما أن الطلاب فى مدارسنا غير مستعدين للتعلم. مضيفا: إن أفضل تعليم هو التعليم المباشر الذى يكون فيه الطالب وجها لوجه مع معلمه.
وقال أستاذ المناهج وطرق التدريس بجامعة المنيا، الدكتور إدريس سلطان: إن التعليم عند بعد اتجاه حديث، له استخدامات متنوعة فى التدريب والتدريس فى المناطق التى لا تسمح بالحضور المباشر، مثل الذى يحدث فى التعليم المفتوح. مضيفا: إن التعليم عن بعد من خلال الشاشات الفضائية للقنوات التعليمية، أو من خلال شاشات الكمبيوتر عبر شبكة الإنترنت يكون ضروريا فى تعليم الطلاب فى المناطق التى يصعب فيها حضور الطلاب وجهًا لوجه مع معلمهم.
وأكد أن إضافات برامج التعليم عن بعد فى مصر محدودة؛ لأن ثقافة التعليم عن بعد لم تأخذ بعد الحيز المطلوب، وإننا لا زلنا معتادين على التعليم وجهًا لوجه، مشيرا إلى أن أبرز عوائق التعليم عن بعد أن هذه العملية تحتاج إلى إمكانات ضخمة وإمكانات تفاعلية بين المحاضر، والدارس، وهى تحتاج إلى تدريب للمعلم والمتعلم على حد سواء.
وأشار إلى أن تفعيل برامج التعليم عن بعد فى المدارس أمر مفيد جدا، وأن هذا النظام مطبق بالفعل فى دول الخليج، وتطبيقه فى مدارسنا يعنى أنه سيوفر لنا مبالغ مالية كبيرة جدا تنفق على طباعة الكتب وتوزيعها على الطلاب، ولو أنه تم وضع شاشات عرض للطلاب فى المدارس، أو تم توزيع أجهزة الحاسب الآلى المحمولة للطلاب، فهذا معناه دخول المدارس المصرية لحيز التفكير العالمى فى تطوير التعليم.
وقال: لكن هذا يتطلب أن يتوافر لديك المعلم المتدرب والطالب المتدرب على استخدام تلك التقنيات، مؤكدا أن العائق أمام تنفيذ مشروع كهذا هو غياب كفاءة المتدربين، ونقص الإمكانات المادية التى تحتاجها عملية كهذه.
من جانبه أكد أحمد الخولى الخبير التعليمى، مدير مكتب الاتصال السياسى لوزير التربية والتعليم سابقا، أننا نحتاج الكثير من الوقت لنجاح تجربة التعليم عن بعد فى المدارس، معتبرا أن ضعف الإمكانيات داخل وزارة التربية والتعليم يعد العائق الأكبر وراء نجاح هذه التجربة.
وقال: إن تنفيذ التعليم عن بعد فى المدارس سيوفر الكثير من الوقت والجهد والمال الذى ينفق فى طباعة الكتب المدرسية، موضحا أن هذا النوع من التعليم يجعل المعلم قادرا على طرح الموضوع على جميع طلابه، ومشاركتهم فيه عبر الشاشة، ويشعر كل طالب أن الدرس موجه له هو فقط.
وأشار إلى ارتباط هذا النوع من التعليم بالمناهج الإلكترونية التى تساعد الطلاب فى الاستذكار والمراجعة فى الوقت المناسب؛ لأن الطالب فى هذا النوع من المناهج يستطيع استرجاع دروسه أكثر من مرة بنفس طريقة الشرح الأولى التى يمارسها معلمه معه من خلال جهازه الإلكترونى.