«اليونسكو» تنتقد تدريس محرقة اليهود في مدارس العالم.. تطالب بتحري الدقة في تناول الواقعة.. تؤكد: مصر ضمن الدول المستهدفة في التقرير.. وانتقادات لكتب التاريخ والدراسات الاجتماعية
انتقدت منظمة اليونسكو المناهج الدراسية التي تدرس في العديد من بلدان العالم، التي تضمن دروسا حول محرقة اليهود رأتها تخالف الواقع، مطالبة بضرورة تضمين الكتب الدراسية على مستوى العالم لدروس عن المحرقة، مشترطة على تلك الدروس أن تتصف بالدقة، مؤكدة أن تدريس المحرقة هو عامل أساسي لتعزيز حقوق الإنسان.
المحرقة في الكتب الدراسية
ونشرت منظمة اليونسكو بالاشتراك مع معهد جورج إيكرت للبحوث الدولية بشأن الكتب المدرسية، دراسة جديدة تحت عنوان "الوضع الدولي للتعليم بشأن محرقة اليهود.. وصف تفصيلي للكتب المدرسية والمناهج على الصعيد العالمي"، ترمي إلى عقد مقارنة بين سبل عرض محرقة اليهود في المناهج والكتب المدرسية في جميع أرجاء العالم.
وتبين هذه الدراسة الوضع الراهن لتعليم المحرقة في مناهج التاريخ والدراسات الاجتماعية في المرحلة الثانوية، وذلك من خلال تحليل 272 منهجًا دراسيًا في 135 بلدًا، وفي 89 من الكتب المدرسية المنشورة في 26 بلدًا منذ عام 2000.
توصيات جديدة
وتستهدف هذه الدراسة صانعي السياسات التعليمية، والمعلمين والأكاديميين ومؤلفي الكتب المدرسية، وتقدم توصيات بشأن صياغة المضامين والسياسات المتعلقة بالمحرقة.
وترتبط هذه التوصيات بقضايا من قبيل استخدام المفاهيم، وشمولية الوقائع التاريخية، وتحديد الأسباب التي أفضت إلى ممارسة الإبادة الجماعية، بحسب اليونسكو، والجمع بين المناهج العالمية والمحلية، فضلًا عن تطوير الدراية التاريخية.
ووفقا للدراسة، فإن التوصية المذكورة تهدف إلى "الحد من سوء استخدام الإشارات إلى هذا الحد، في سن تكون فيها معرفة المحرقة مشتتة وغالبًا ما يشوبها التشوه، إن لم تكن تُستخدم لأغراض سياسية".
واعتبرت اليونسكو، أن الدراسة المذكورة من شأنها مساعدة الشباب على معرفة وفهم هذا الحدث المعقد، بل إنها تعزز الوعي بما ينبغي القيام به من أجل تفادي حدوث أمور مشابهة مرة أخرى.
تدريس قصص الشعوب
ويرى المؤلف بيتر كارييه، أن أحد عناصر هذا الموضوع الذي يرمي إلى فهم أفضل لكيفية ترابط الشئون العالمية، هو تشجيع التعليم بشأن قصص الشعوب الأخرى، وتعزيز التفكير بشأن الصلة بين التعليم والوقاية من ممارسات الإبادة الجماعية.
وقالت اليونسكو، في عرض الدراسة: "على الرغم من أنه من غير الممكن توفير "تعليم" مباشر بشأن كيفية تطبيق حقوق الإنسان، أو حتى فيما يخص كيفية اكتساب وضع المواطن العالمي من خلال دراسة ممارسات الإبادة الجماعية، فإن من شأن ما تمثله من نماذج سلبية أن يساعد الشباب على تعلم تفادي إذلال الآخرين وإلحاق الضرر بهم، وأن نُقدر ونصون مستلزمات اللياقة الإنسانية التي يتمتع بها كل واحد منا بدرجات متفاوتة".
مقارنة دولية
وتتيح الدراسة المذكورة عقد مقارنة على الصعيد الدولي مع بلدان تختلف لغاتها ومعالم تاريخها اختلافًا بالغًا.
وتبين عينات من كتب مدرسية أنماطًا ومرجعيات مشتركة، فضلًا عن خصوصيات سردية قوية في كافة البلدان، مبرزة الأهمية المحلية للحدث، أو امتلاكها له لصالح السكان المحليين، ومثال ذلك أن الكتب المدرسية في الصين أو رواندا أو جنوب أفريقيا تنزع إلى تقديم المحرقة في سياق التعليم بشأن الفظائع الجماعية.
أما في ألمانيا، فإن النهج التعليمي السائد يبرز، فيما يبدو، الدروس الأخلاقية والسياسية المستفادة من المحرقة، وذلك لتشجيع خلق عقلية ليبرالية، إن لم تكن مقاومة في مواجهة التطرف اليميني المتصاعد، وبعبارة أخرى، تبرز الدراسة المذكورة بوضوح تداخل الروايات والاختلافات فيما يخص تصور المحرقة وتفسيرها، بدلًا من توحيد تعليم هذه المحرقة على الصعيد الدولي.
المناهج الدراسية بمصر
وتتوافر أوراق حقائق مفصلة تخص 26 بلدًا، وهي ألبانيا والأرجنتين وبيلاروس والبرازيل والصين والكوت ديفوار ومصر والسلفادور وفرنسا وألمانيا والهند والعراق واليابان وجمهورية مولدوفا وناميبيا وبولندا والاتحاد الروسي ورواندا وسنغافورة وجنوب أفريقيا والجمهورية العربية السورية والمملكة المتحدة (إنجلترا) وأوروجواي والولايات المتحدة الأمريكية واليمن.
الكتب المدرسية أدوات للتفاهم
وترى اليونسكو أن الكتب المدرسية إنما تمثل أدواتا للتعليم من أجل التفاهم والسلام على الصعيد الدولي، مؤكدة أن التعليم بشأن تاريخ محرقة اليهود هو عامل أساسي لتعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية وقيم التسامح والاحترام المتبادل.
ويرمي برنامج التثقيف بشأن محرقة اليهود وقيم التسامح لليونسكو، الذي بدأ في عام 2007، إلى إعداد أدوات تعليمية وتوفير المساعدة التقنية للجهات المعنية بالتعليم بشأن محرقة اليهود وتاريخ ممارسات الإبادة الجماعية، وذلك بهدف تعزيز ثقافة السلام.
تقرير علمي
وتسعى اليونسكو، بالتعاون مع معهد جورج إيكرت للبحوث الدولية بشأن الكتب المدرسية، لإخراج تقرير علمي عن وضع محرقة اليهود في المناهج الدراسية والكتب المدرسية في جميع أرجاء العالم، وأعلنت اليونسكو التزامها بضمان أن تكون معرفة تاريخ محرقة اليهود والدروس المستخلصة منها موضوعًا للتدريس عبر العالم.
يذكر أن يوم 27 يناير 2015، وافق ذكرى مرور سبعين عامًا على تحرير معسكر أوشفيتز ـ بيركيناو الألماني النازي، الذي خصص للاعتقال والإبادة.