رئيس التحرير
عصام كامل

علاقة رؤساء مصر بالكنيسة "غرام وانتقام".. "السيسي" حضر قداس الميلاد بنفسه.. "عبدالناصر" ضمن دعم الكنيسة لنظامه.. "السادات" انتقم من البابا بتحديد إقامته.. ومرسي الأسوأ في رؤساء مصر


فاجأ الجميع، واختار أن يستمر في مسيرته العظيمة التي سطرها بحروف من نور، إنه الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي أبهر الجميع وخالف الرؤساء الذين سبقوه في حكم مصر، قرر أن يسطر صفحة مختلفة تمامًا في علاقة الرؤساء بالكنيسة المصرية، قرر أن يكون أول رئيس يحضر بنفسه قداس عيد الميلاد في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، مؤكدًا بذلك الحضور على أنه رئيس من طراز مختلف تمامًا، وعبر من خلال مشاركته في هذا القداس عن رغبته في إيصال رسالة للأقباط بأنهم في قلبه وأنه يشعر بهم وأكد للعالم كله أن مصر تمر بمرحلة مختلفة في تاريخها.


نرصد علاقة الرؤساء بالكنيسة من عبدالناصر الرئيس الأقرب لقلوب الأقباط إلى السيسي الذي تربع على عرش قلوبهم بلا منازع.

السيسي.. مرحلة جديدة
استطاع الرئيس عبدالفتاح السيسي من خلال زيارته لمقر الكنيسة الكاتدرائية المرقسية بالعباسية ومشاركته في قداس عيد الميلاد المجيد أن يتربع على عرش قلوب الأقباط ويكسب مودتهم، وذلك باعتباره أول رئيس يحضر القداس بنفسه بعد سنوات طويلة اعتاد خلالها الرؤساء على إيفاد المندوبين والممثلين للحضور بالنيابة عنهم، بينما حرص السيسي على مفاجأة الجميع والحضور بنفسه وإلقاء كلمة بهذه المناسبة العظيمة، وجاء فيها " مصر علمت العالم كله الحضارة والإنسانية، والمسيحيين والمسلمين جميعهم مصريون ولا يوجد فرق بين مسلم ومسيحى"، مؤكدا أن مصر علمت العالم معني كلمة الحضارة وأننا جميعا مصريون إيد واحدة، مطالبا جميع المصريين بأن يحرصوا على حب بعضهم البعض.

عبدالناصر.. علاقة ود
ارتبط الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بعلاقة جيدة مع الكنيسة، وحدثت علاقة إعجاب متبادل بينه وبين البابا كيرلس السادس، ضمن من خلالها عبد الناصر ولاء الكنيسة ودعمها لنظامه السياسي، بينما تولى عبدالناصر تأمين وحماية أمن المسيحيين ومكانة البابا وعدم التدخل في الشأن الداخلى للكنيسة.

ورغم العلاقة الجيدة للكنيسة بالدولة في هذه الحقبة إلا أن التوجه العام للدولة بمعاداة الأجانب الذين كانت تربطهم ببعض الأقباط مصالح مشتركة قد أسهم في هجرة عدد كبير من الأقباط إلى خارج مصر في هذه الفترة حيث بدأت تظهر المنظمات القبطية في الخارج وأهمها منظمة "أقباط المهجر" التي لم يبدأ نشاطها سوى في الثمانينيات.

ولا يزال الأقباط يذكرون أن جمال عبدالناصر هو من وضع حجر الأساس للبطريركية الكبيرة في العباسية التي تحتضن قداس عيد الميلاد كل عام. 

السادات.. توتر العلاقات
جاء وصول الرئيس السادات إلى السلطة متزامنا مع وصول البابا شنودة الثالث إلى رأس الكنيسة المصرية الذي كان إيذانًا ببدء مرحلة التوتر في علاقة الدولة بالكنيسة، ومن أهم أسباب التوتر زيارة البابا شنودة إلى الولايات المتحدة في أبريل عام 1977 ولقاءه بالرئيس الأمريكى جيمى كارتر، وانزعج السادات من تواصل الكنيسة الأرثوذكسية والإدارة الأمريكية، وغضب من الزيارة إضافة إلى المظاهرة القبطية التي كانت في استقبال البابا شنودة والتي ركزت على اضطهاد الأقباط ورفت شعارات مسيئة للرئيس السادات.

وكان البابا شنودة يرى أن سياسة السادات في إطلاق يد الحركات الإسلامية للحد من نفوذ الشيوعيين يمثل تهديدًا واضحًا للأقباط، وتعد هذه أبرز الأسباب في توتر العلاقة بين الكنيسة والسادات في تلك الفترة، وانتهى هذا التوتر بتحديد إقامة البابا في الدير بوادي النطرون وتشكيل لجنة لإدارة الكنيسة ولم يتم الإفراج عنه سوى عام 1984 في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك.


مبارك.. مرحلة التفاهم
تميزت العلاقة في هذه المرحلة بقدر كبير من التفاهم بين الكنيسة والدولة، تولى مبارك السلطة في وقت كانت العلاقة بين الطرفين في أسوأ حالاتها؛ فسعى مبارك لتدعيم علاقته بالكنيسة، الأمر الذي أسهم في تشكيل نمط جديد للعلاقة صار فيه البابا شنودة هو الوسيط ما بين الدولة والأقباط، وعمد مبارك إلى عدة إستراتيجيات كرست عزلة الأقباط أهمها فزاعة الجماعات الإسلامية التي ألجأت الأقباط إلى الاحتماء بالدولة وثانيها ورقة الفتنة الطائفية التي كانت أجهزة الدولة تغذي جذوتها من فترة لأخرى من أجل تبرير القمع أو التغطية على الإخفاقات السياسية.

مرسي.. فتور وغضب
تعد فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسي الأسوأ في تاريخ علاقة الرؤساء بالكنيسة، فقد شهدت فترة حكمه فتورا في العلاقة بينه وبين الأقباط، وسادت حالة من الغضب بينهم نتيجة تعامل مرسي مع قضاياهم وملفاتهم، وسادت حالة من الغضب بين الأقباط مع تصاعد قوة التيار الإسلامى وجماعة الإخوان الإرهابية مما شكل خطر على وجودهم ولم ينته هذا الخطر إلا بعد ثورة 30 يونيو.

الجريدة الرسمية