صناعة "الغزل والنسيج" تنتظر رصاصة الرحمة.. أسسها عبدالناصر وتدهورت بسبب «الانفتاح».. دراسات الإنقاذ "حبر على ورق".. الماكينات في حاجة للتغيير من 20 عامًا.. مكافحة التهريب وزراعة القطن "حلول
لا شك أن الانفتاح الاقتصادي الذي بدأ في أواخر عهد الرئيس الراحل أنور السادات، كان أول مسمار في نعش صناعة وضعت مصر في فترة من الفترات في مصاف الدول الصناعية، لا سيما أن المواد الخام التي تتفرد بها مصر جعلت لها الريادة في هذه الصناعة.
"الغزل والنسيج" اسم ارتبط بالزعيم الراحل جمال عبد الناصر الذي أحيا هذه الصناعة في مصر، فكانت بداية الطفرة الاقتصادية إلا أن الوضع لم يستمر بسبب قانون الانفتاح الاقتصادي، وفتح الباب لغزو المنتجات المستوردة من الملابس الجاهزة، وكل المصنوعات النسيجية.
ورغم الإعلان عن العديد من الدراسات لإحيائها من جديد، فإن جميعها "حبر على ورق" ولم تر النور حتى الآن، وكل المؤشرات تؤكد عدم وجود النية والارداة لإنقاذ هذه الصروح العملاقة من الضياع.
الغزل والنسيج في أرقام
تمتلك الشركة القابضة للغزل والنسيج، 32 شركة تضم 63 ألف عامل موزعة على 9 محافظات هي "الإسكندرية، والبحيرة، والشرقية، والدقهلية، ودمياط، وسوهاج، والمنيا، وبورسعيد، والغربية"، حيث يوجد بالغربية أهم الشركات وهى "شركة مصر للغزل والنسيج في المحلة الكبرى"، وجميعها لم يحقق أرباحًا منذ ما يزيد على 20 سنة.
خطة طويلة
وفقًا لما أعلنه رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة فإن عودة الروح لهذه الشركات سيكون من خلال خطة طويلة الأجل بتكلفة 4 مليارات جنيه تستغرق 10 سنوات، وتتضمن نقل المصانع إلى المدن الجديدة وخارج الكتلة السكنية وبيع الأراضى للاستفادة بفارق السعر.
خسائر الشركات
وبلغت خسائر قطاع الغزل والنسيج نحو مليار و37 مليون جنيه في موازنة العام المالي 2012/ 2013 مقارنة بـ865 مليون جنيه في العام المالي 2010/ 2011، ليصل إجمالي خسائر المصانع المملوكة للدولة في مصر منذ عام 2000 وحتى الآن نحو 14 مليار جنيه، وبلغ إجمالي مديونية الشركات للبنوك حتى 30 يونيو 2003 ما يقرب من 8 مليارات جنيه، بينما بلغت مديونية شركات الغزل والنسيج لبنك الاستثمار القومى وبعض البنوك التجارية إلى نحو 4.5 مليارات جنيه.
بين القطاعين "العام" و"الخاص"
وعلى الرغم من أن عودة عدد من شركات القطاع العام لحضن الدولة مرة أخرى، بعد بيعها للمستثمرين في موجة الخصخصة، فإن هذه الأحكام تواجه صعوبة في التنفيذ على أرض الواقع، حيث إن هذه الشركات سوف تزيد العبء على كاهل الدولة مرة أخرى، خاصة أن هناك إرثًا تركه المستثمرون من المشاكل والمديونيات على هذه الشركات.
مشاكل العودة للدولة
وأبرز ما يواجه الشركات العائدة مستحقات المستثمرين بعد عودتها للدولة والعمالة التي تأخذ رواتب دون عمل على أرض الواقع بسبب حالة الركود العام في تلك الصناعة، بالإضافة إلى التصرفات التي قام بها المستثمرون بعد حصولهم على هذه الشركات مثل بيع أراضٍ أو تصفية معدات وماكينات.
شبين للغزل
ومن بين هذه الشركات "شركة شبين الكوم للغزل والنسيج"، والتي يصعب عودتها إلى سابق عهدها؛ بسبب تراجع الأوضاع المالية في الشركة القابضة للغزل والنسيج، بما يدفع القابضة لسداد 50٪ من أجور العاملين بالشركات التابعة لما تعانيه من خسائر بلغت 2 مليار جنيه في الوقت الذي تشكل فيه عودة شركة شبين الكوم أزمة مالية وعبئًا إضافيًا يضاف إلى كاهل الشركة.
النيل للأقطان
ويضاف إلى الشركات العائدة أيضًا شركة النيل لحليج الأقطان، وشركة طنطا للكتان، والشركة العربية والمتحدة "بوليفارا"، والتي تحولت من قطاع الأعمال العام إلى القانون 159 لسنة 1981م بموجب برنامج الخصخصة عام 1997م، الأمر الذي أدى إلى تغيير المساهمة فيها ليصبح 16.4% الشركة القابضة للغزل والنسيج، و8% لشركة مصر للتأمين، و2% لهيئة الأوقاف وبنك ناصر وهيئات أخرى، و4% للعاملين بالشركة، و69.6% لأشخاص طبيعيين، الأمر الذي تسبب في خسارتها منذ عام 2008 وحتى الآن بمجمل خسائر نحو 250 مليون جنيه تقريبًا.
خطوط الإنتاج "أثرية"
وتعاني أغلب شركات الغزل والنسيج من عدم تشغيل العديد من خطوط الإنتاج بكامل طاقتها، فانخفضت طاقة تشغيل مصانع شركة مصر للغزل والنسيج في المحلة الكبرى بنسبة 63% من طاقتها في الغزل وبنسبة 53% من طاقتها في إنتاج النسيج، وتراجعت طاقة تشغيل خطوط إنتاج شركة ميت غمر للغزل لتصل إلى ما نسبته 26% من طاقتها، إضافة إلى سوء حالتها الفنية وتعطل بعض الماكينات والآلات ببعض الشركات مثل الشرقية للغزل والتي بلغت نسبة الكفاءة الفنية لمعداتها 50%، واحتياج بعض الماكينات للتحديث وانتهاء عمرها الافتراضى بما ينعكس سلبًا على جودة المنتج.
مقترحات تنتظر التنفيذ
وضع كل من عبد الفتاح إبراهيم، رئيس النقابة العامة للغزل والنسيج، وعضو مجلس إدارة الشركة القابضة، ومحمد المرشدي، رئيس غرفة الصناعات النسجية، خطة مشتركة لإنقاذ الصناعة من الانهيار والدمار.
تشكيل لجنة
ويرتكز مقترحهم على ضرورة تشكيل لجنة دائمة مهمتها بحث المشاكل التي تعترض الصناعات النسجية ومحاولة إيجاد الحلول اللازمة لها، على أن تضم في عضويتها وزراء الصناعة والتجارة الخارجية والاستثمار والقوى العاملة والهجرة والمالية ورئيس غرفة الصناعات النسجية ورئيس النقابة العامة لعمال الغزل والنسيج ورئيس الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج.
سياسة قطنية
وطالب متخصصو قطاع الغزل والنسيج بضرورة وجود سياسة قطنية دائمة تسمح بزراعة مساحة سنوية ثابتة لضمان توفير الكمية المطلوبة للسوقين "المحلية" و"الخارجية"، واستزراع أصناف سلالات جديدة بالتعاون مع وزارة الزراعة وما وصل إليه معهد البحوث الزراعية، وتوجيه الدعم للفلاح لتشجيعه.
التعريفة الجمركية
وطالب إبراهيم والمرشدي، بتعديل التعريفة الجمركية الخاصة بالصناعات النسجية من الفصل (50) حتى الفصل (63) لتصبح كما يلي بقاء البنود المعفاة كما هي دون أي تعديل، ورفع التعريفة للبنـود الجمـركية 5% (الغزل والخيوط) من 5% إلى 10%، ورفع التعريفة للبنود الجمركية 10% (الأقمشة وخلافة) من 10% إلى 30%، ورفع التعريفة للبنود الجمركية 30% (ملابس جاهزة وخلافة) من 30% إلى 40%.
السماح المؤقت
أما بالنسبة لنظام المناطق الحرة العامة والخاصة، فيري فريق تطوير الصناعة، ضرورة تطبيق القواعد المقررة في نظام السماح المؤقت على الواردات والصادرات بنظام المناطق الحرة العامة والخاصة ومراجعة الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة وتعديل القواعد المقررة.
مكافحة التهريب
وقال عبد الفتاح إبراهيم، رئيس النقابة: "إعلان حكومة محلب، عزمها مكافحة تهريب البضائع وسن تشريعات تجرم التهريب، الخطوة الأولى على الطريق الصحيح نحو استعادة الصناعة المصرية قوتها، بعد أن قضت عليها البضائع المهربة خلال السنوات الأخيرة".
تدمير الصناعة
ولفت إلى أن عمليات التهريب يمارسها عدد من رجال الأعمال لجنى الأرباح مقابل هدم الصناعة الوطنية في الداخل، موضحًا أن قرابة نصف مليار جنيه سنويًا ستدخل خزانة الدولة من خلال الرسوم الجمركية على الواردات من المنسوجات، إذا أحكمت السيطرة على المنافذ الجمركية.
وعود الحكومة
ما زال الكثيرون يعلقون آمالًا على التصريحات الحكومية والوعود الوردية التي يأمل الجميع أن ترى النور، رئيس الشركة القابضة لصناعة الغزل والنسيج، الدكتور أحمد مصطفى، وعد بأن قطاع الغزل والنسيج سيعود للخدمة بعد خمس سنوات.
نقل للمناطق الصناعية
وأشار إلى أن من بين الحلول المقترحة لحل الأزمات المتراكمة لصناعة الغزل والنسيج، هي نقل المصانع إلى أقرب منطقة صناعية، على أن تبدأ عملية النقل مع شهر ديسمبر المقبل بعد اختيار المكتب الاستشارى، والذي سيقوم بوضع خطة لتطوير الشركات، والعمل على تنفيذها من خلال معالجة نقاط الضعف في الشركات والنهوض بالإنتاج.
مشاركة القطاع الخاص
ووفقًا لما يراه رئيس الشركة القابضة فإن من بين الحلول هو مشاركة القطاع الخاص في تطوير شركات الغزل والنسيج، حيث سوف يتم طرح خطة التطوير للشركات لعرضها على مستثمرين مرتقبين في مؤتمر الاستثمار القادم في فبراير للمشاركة في ضخ استثمارات جديدة في الشركات، ويعتمد التمويل على الموارد الذاتية للشركات، حيث تبلغ تكلفة التطوير نحو 5 مليارات جنيه وسوف تشمل 25 شركة غزل.
إنشاء وزارة للقطاع
التمسك بكل ما هو أجنبي وفقًا لما يراه البعض هو الحل الأمثل، وهو ما يطالب به رئيس الشركة القابضة، بإنشاء وزارة للغزل والنسيج تختص بشئون الصناعة وتعمل على حل مشكلاتها والنهوض بها، مثلما هو موجود في "الهند"، حيث تبلغ قيمة الإنتاج لدى الهند نحو 42 مليار دولار في حين أنه لا يتعدى 2.5 مليار جنيه في مصر، على الرغم من أن هذه الصناعة من أعرق الصناعات في مصر، فالصناعة واعدة لو أتيحت لها الظروف وتيسرت لها المساعدات.