رئيس التحرير
عصام كامل

المعارضة يأتيها الحاكم الذي يستحقها


يقال إن الشعب يأتيه الحاكم الذي يستحقه..وكذا الحال بالنسبة للمعارضة..فإذا كان الشعب مستكينا والمعارضة ضعيفة وهشة، فإن ذلك يعبد الطريق أمام الحكام الطغاة لممارسة مزيد من الاستبداد..

والعكس، إذا ما كان الشعب يقظا والمعارضة قوية ومتماسكة.. وتستمد الأخيرة قوتها عن طريق التفاعل المباشر والتواصل المستمر والدائم بينها وبين الشعب من خلال هياكل تنظيمية وإدارية ولجان نوعية وفنية منضبطة، تعمل وفق رؤية استراتيجية واضحة وذات خطط وبرامج محددة..وعلى الرغم من أن الأحزاب تعلم ذلك جيدا، إلا أنها لا تتخذ من الإجراءات والتدابير ما يعينها على ذلك..هل بسبب عدم وجود قيادات ذات خبرة وكفاءة في هذا الصدد، أم هو ضعف الهمم، أم هو الكسل والتراخى، أم هو كل هذه الأشياء؟! 

لذا رأينا الأحزاب في مصر، مع كثرة عددها، ضعيفة ولا تأثير لها، بل إن الكثير منها غير معروف لدى عامة الشعب..لكن، الإنصاف والموضوعية يقتضيان منا أن نقول إن الغالبية العظمى من الأحزاب نشأت بعد ثورة ٢٥ يناير، أي إنه لم يمض عليها سوى فترات بسيطة لا تسمح لها بالتأسيس القوى ولا بالانتشار المؤثر على المستوى العام..ناهيك عن قلة الخبرة وحداثة التجربة، والتي تستلزم وقتا طويلا..إضافة إلى ذلك، الأمية العادية التي يعانيها الشعب، فضلا عن ضعف الثقافة الديمقراطية ذاتها..وهذا ما جعل الحياة السياسية ما زالت بعد في بداياتها..

من المؤكد أن عدم الاستقرار الأمني والسياسي، علاوة على حالة الحرب التي تخوضها الدولة في مواجهة الإرهاب، كل ذلك أثر بالسلب على الحياة الحزبية..

في تصورى، من الممكن أن تختزل الحياة إلى أربعة تيارات أساسية؛ إسلامى، وليبرالى، وقومى، ويسارى، إلى جانب المستقلين..ومن الممكن أيضا أن يتفرع عن هذه الأربعة تيارات اثنا عشر حزبا، بحيث تغطى الجوانب المختلفة من يمين ووسط ويسار، حتى تعطى للتعددية والتنافسية مجالات أكبر..من ناحية أخرى، يجب على السلطة التنفيذية - أن كانت فعلا لديها رغبة في ترسيخ الديمقراطية - أن تعمل على تقوية الأحزاب، وذلك بتذليل كل العقبات أمامها، من إقامة مؤتمرات وحركة بين الجماهير، وإتاحة الفرصة لها للتعبير عن نفسها وبرامجها في الوسائل الإعلامية الحكومية المختلفة، وهكذا..إن مثل هذا العمل من شأنه أن يحقق النهوض والتقدم الذي ننشده لبلدنا..

نعلم أن هناك جهودا تبذل لعمل ائتلافات لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، لكن هذه الائتلافات تواجهها عوائق كثيرة، من حيث قانون الانتخابات، تقسيم الدوائر، لجوء بعض الأحزاب لترشيح رموز من الحزب الوطنى في قوائمها، وأخيرا حرص بعض الأحزاب على التمثيل بأعداد معينة من المرشحين، بغض النظر عن مناسبة أو عدم مناسبة هذه الأعداد لوجود أو قوة الأحزاب في الشارع. 

هناك تخوف من أن ينجلى غبار المعركة الانتخابية عن فوز رجال الحزب الوطنى بأغلبية معقولة، وبالتالى العودة إلى نظام الرئيس المخلوع، وكأن ثورة لم تحدث..هناك تخوف آخر من أن يؤدى فشل هذه الائتلافات، إلى فوز حزب النور، أو أحزاب أخرى ذات مرجعية إسلامية، كحزب مصر القوية، وحزب الوسط، وحزب الوطن..إلخ، والتي يمكن أن تمثل هذه بوابات خلفية يدلف من خلالها الإخوان من أصحاب الوجوه غير المعروفة.
الجريدة الرسمية