"على الطريق" قصة لـ"زهرة حبيسة"
"زهرة حبيسة" هو الاسم الذى اشتهرت به الكاتبة فى مجال الكتابة القصصية والتى تخوضه منذ سنوات عبر مواقع النشر الإليكترونى، كما لها العديد من الكتابات القصصية وحصلت على عدة جوائز على منشوراتها .
(أحمد) ذلك الصبى الخجول، مع أصدقائه ذاهبون إلى المدرسة الثانوية، ومن ثم إلى الدروس توطئة ليوم شاق آخر من المذاكرة لقرب حلول امتحانات آخر العام.
يتضاحكون بصوت ملئه البشر الواضح على الوجوه الممئلئة بحب الحياة.
حياة التى تبدأ توها لتنتهى، ينتهون من الدروس ليجد هاتفه الخلوى يرن إنه والده ليطمئن عليه؟..
-الو.. احمد ؟..
-ايوة يا بابا ..
-ايوة يا احمد .. هتيجى على امتى؟.
-مسافة السكة بس يا بابا.. هستنى مع صحابى شوية كدة ييجى نص ساعة..واجيلك بقا على طول.
-طيب يا حبيبى, حاول متتأخرش!
-حاضر يا بابا, سلام!!
-خلى بالك من نفسك, سلام يا احمد !
يلتفت أحد اصدقاء( احمد) قائلا له بسخرية مفتعلة:
-هو باباك لسه بيطمن عليك زى الولاد الصغيرين!!
يرد احمد بكل شمم:
-انا مش شايف فيها حاجة لما يطمن عليا، ان مكنش هو يحب يطمن عليا، انا احب اطمنه على نفسى.
-ماشى يا عم الغلباوى, يالا عشان نلحق نجيب سيديهات المادة ونروح,
-يالا يا عم .
وبعد الاتيان بسيديهات المادة، وحينما قرر الجميع تفرق الشمل توطئة لذهابهم لمنازلهم.
-يالا يا عم منك له , اسيبكم انا هنا .. عشان الطريق طويل وعلى ما الاقى مواصلات.
-عيب بيتكم انه بعيد اوى يا احمد !!
-هنعمل ايه بقا، امر الله ؟!
-ماشى، لا اله الا الله، خلى بالك من نفسك وادينى مسد عشان اعرف انك روحت, هه!!
-ماشى يا ( فضل) محمد رسول الله .
-سلام .
-سلام.
* * *
الطريق مقفر من بعد أذان المغرب , فقد عرف الساعة من هاتفه المحمول حديث الموديل, والذى اذن له منذ دقائق.
طفق ينظر فيمن حوله فلم يجد احد البتة, فشعر بالقلق وهو يسرى- كالطاعون- فى أوصاله .. لكى يكمل الطريق متشجعا بثقته فى الله .
طال وقت المشى والطريق المظلم لم ينته، بل إن هناك من يحاول المجيء من الناحية المقابلة.
سيارة ماجنة هى، تمشى وكأنما هى شخص سكير، تتأرجح ذات اليمين وذات اليسار..
ارتعد احمد من قربهم ومن مجونهم نتيجة لأفعالهم بذهنه فجرى، جرى كثيرا راجعا من جم الطريق الذى قطعه منذ لحظات، والذى صار بعيدا كالنجوم.
* * *
- مال هذا الشاب يجرى! أئتونى به!
نزل من السيارة المتأرجحة شابان مفتولو العضلات من ذوات الدم الفاسد.. فجاءا بالصبى بعدما ضربوه بضعة أقلام - لتهدئته- ولكمات حتى افقدوه الوعى، آخذين إياه إلى السيارة!.
* * *
احمد الصبى الهادئ لا يشعر بشيء غير أنه قبل فقدانه الوعى أحس بطعم الدماء الساخنة وهى تغمر وجهه وتذوقها مرغما ليجدها مالحة, ومن ثم لم يشعر بشيء يزيد.
فقط أظلمت الدنيا بالكامل أمامه .
* * *
- هنعمل معاه إيه يا ريس!
- هنوديه المستشفى ونقبض عليه، وهما بقا عارفين شغلهم!
- تفتكر ياريس إنه مناسب!! ولا هيتخلصوا منه؟.
- وليه يتخلصوا منه يا أبوجهل, شاب اهو زى الورد,عنده قلب، وكليتين وكبد وكل دا طبعا بفلوس يا بنى بجم.
- آه ياريس، يعنى هناخد حقنا ع السريع ولا هنستنى لما يخدوا منه حاجته وبعدها نتحاسب.
صوت من بعيد لصافرة الاسعاف:
- هش، الظاهر إن وردية معدية، وممكن يفتشونا ويقفشوا الواد ده وهوا مغمى عليه, ( زلط) ارمى الواد ع الطريق ونبقا نرجعله بعد شوية.
يلتفت له ( زلط) السائق قائلا بغلظة:
-مش لسه هنقف ياريس لو وقفنا الدورية يمكن تشك فينا ولا حاجة!
-طيب افتح الباب وارميه من غير ما تقف يا ( حوكشة), ارميه فى جمب ضلمة واطفى كشافات العربية!!
-أوامرك ياريس!
* * *
وفى جانب الطريق يقذفون بـ (أحمد) فى تلك المنطقة الحالكة الظلمة.
وما يزال أحمد فاقدا للوعى .
* * *
الدورية مرت ..
والسيارة الأخرى مرت..
والطريق مازال مظلم جدا.
و(أحمد) بدأ يفيق.
يقف كالمشدوه فى تلك الدنيا الغريبة التى رمت به إلى هنا.
يخرج من جيبه هاتفه حامدا الله على أنه معه, وهو الان سليم.
-بابا، انت فين ؟!
-انت اللى فين، بقالى ساعتين بتصل بيك ومبتردش، دنا هموتك!
-بابا أنا فى منطقة مقطوعة، هى طريق سريع, بس المنطقة مهجورة اوى, وانا خايف اوى!!
-يعنى فين الطريق دا وانا اجيلك!!
-منا معرفش!!
-طيب انت كويس يعنى! جرالك حاجة احكيلى طمنى,
-انا كنت مروح زى ما قولتلك , ولقيت عربية و____________
* * *
احمد فى البيت ما يزال يروى ما حدث.
- مكنتش اعرف انهم ودونى طريق بنها , مسافة كبيرة بس انا محستش بيها لانى كان مغمى عليا.